((مابين السطور))
لم يعد هناك مجالا للشك بان السيناتور الديمقراطي”براك اوباما” بات الأكثر حظا,في المارثون الرئاسي صوب البيت الأسود الأمريكي, ربما ليس لأنه الأفضل من منافسه, بل لأنه يحمل ضمن أجندته السياسية, متغيرات على مستوى هموم المواطن الأمريكي, سواء على الساحة الداخلية وأهمها الهموم الاقتصادية,أو على الساحة الخارجية,وتكلفة طموحات الهيمنة الأمريكية على العالم, والتموضع في الخندق الأمامي لبؤر الصراعات الدامية, في المناطق ذات اللون السياسي الشمولي,خاصة في منطقة الشرق الأوسط, وما لتلك الامتدادات من تداعيات على اقتصاد وسمعة الولايات المتحدة الأمريكية, ليتم الاعتقاد بان الحزب الجمهوري هو المخلص من الويلات التي ورطهم فيها الحزب الجمهوري , وأهمها المستنقع العراقي والأفغاني, والهث خلف مايسمى بالقضاء على الإرهاب حسب المفهوم الأمريكي المصطنع, والزج بمئات آلاف الجنود الأمريكان في وحول الشرق الأوسط الدامي, مما كبدهم خسائر فادحة في الأرواح والاقتصاد الأمريكي, ناهيك عن السمعة الأمريكية المترنحة, جراء انكشاف أكاذيب ذلك الامتداد في العراق خاصة. فجاء اوباما ببشرى تحرير الولايات المتحدة وشعبها, من تبعات تلك الأخطاء التاريخية الإستراتيجية القاتلة, وواضح أن تعطش الشعب الأمريكي للتغيير والخلاص, دفعهم لتجاوز كثير من الكوابح التقليدية, ومواصفات أشبه بالعنصرية بين الأصول الإفريقية والأوروبية الغربية, للرجل الذي سيدير أمر البلاد خاصة بأنه ذو بشرة سوداء, بل زادت شعبية”اوباما” رغم الهجوم الشرس الذي أداره خصمه الجمهوري”ماكين” والتشكيك في أصوله الدينية, بأنه من أصول إسلامية اندونيسية, فما كان من”اوباما” بكاريزميته القوية,إلا انه دحض تلك الدعوات وتبرأ من الديانة الإسلامية, لكنه ركز في حملته الانتخابية على سمعة أمريكا وعلى الهموم الاقتصادية الداخلية, وتناغم مع غالبية الرأي العام الأمريكي بأهمية الانسحاب من العراق.
وفي أجندته الخارجية, ركز على التهديد والوعيد, بتكثيف الهجمة على أفغانستان وجوارها لاجتثاث القاعدة التي تهدد الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة,بل حاول استرضاء الصهاينة واللوبي اليهودي القوي في الولايات المتحدة, بتصريح أثار حفيظة العرب والمسلمين,فيما يتعلق بمستقبل مدينة القدس على خارطة الصراع العربي_الصهيوني, بتصريحه السياسي باعتبار القدس عاصمة موحدة لدولة العبرية, إلا انه وهو يهتم بالأصوات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة عاد وتراجع عن ذلك التصريح, واستبدله بالتوافق بين العرب واليهود على مستقبل تلك المدينة, ولم يتوقف عند ذلك بل ذهب إلى مزيد من طمأنة اليهود على استمرار نهج الانحياز الاستراتيجي الأمريكي لدولة الكيان الصهيوني, ووعدهم بشخصية صهيونية داخل أروقة البيت الأسود في حال فوزه بالرئاسة, ومن ثم جاء بمزيد من التطمين في زيارته لدولة العبرية اللقيطة.
وربما إقدامه بشكل يخالف كل التوقعات,على اختيار مرشحه كنائب كان أغلبية المراقبين يعتقدون أن ذلك المنصب منطقيا, يجب أن يذهب إلى منافسته في الحزب الديمقراطي السيناتور”هيلاري كلينتون” كي يضمن أصوات مناصريها الذين يعارضون حكم البشرة السوداء, وقد تبين في خطوة مفاجئة اختياره للسيناتور”جوزيف ايدن” كشخصية مستقلة, وهو رئيس “لجنة الشئون الخارجية في الكونجرس”, وهنا نتساءل عن عدم إثارة الضجيج من قبل المنافسة القوية”هيلاري كلينتون” والتي ربما وصلت إلى الكونجرس بمساعدة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية, وعدم الاعتراض على انتزاع موقع نائب الرئيس من يدها, دون حدوث أزمة تذكر, طالما اجمع كل الساسة والمراقبين, لكي يستطيع”اوباما” إحراز نصر على خصمه الجمهوري”ماكين” لابد من استرضاء”هيلاري كلينتون” على الأقل بتعينها نائبة له, كي يضمن ولاء مناصريها, الذي سيضمن له الفوز على المرشح الجمهوري,مع اجتماع المعطيات الأخرى.
وهنا لابد من أن ندرك بان السيناتور”جو بايدن” ليس فقط من أهم عرابي الصهيونية, بل هم متطرف في اعتناق الأيدلوجية الصهيونية, وهو صاحب الشعار الشهير(( أنا صهيوني,, وليس بالضرورة أن يكون المرء يهوديا كي يصبح صهيونيا)) , وهو صاحب الأفكار السوداء,. ومخطط تقسيم العراق على أساس طائفي”سني,شيعي, كردي” وبالتالي هو الركيزة الأساسية الموعودة لولوج الصهاينة بقوة إلى عقر”البيت الأسود الأمريكي” وربما تلك الشخصية الصهيونية تفسر احد احتمالات عدم اعتراض السيناتور”هيلاري كلينتون” ردا وعرفانا بدعم الصهاينة لها في سابق عهدها الطامح إلى الوصول للكونجرس.
وبهذا يكون “باراك اوباما” قد نفذ وعده عمليا ومسبقا للصهاينة,بإدخالهم إلى سدة المسئولية والقرار داخل البيت الأسود الأمريكي, لما لهذا الاختيار من أهمية لتنفيذ الأجندة السياسية الخارجية, بدء من العراق ومرورا بالصراع العربي_الصهيوني, وصولا إلى أفغانستان وباكستان, ولا استثني إيران, لكني ربما أكون على قناعة بان الملف الإيراني سيتم طيه خلال الأشهر المتبقية في الإدارة الأمريكية الحالية, سواء بالاحتواء,أو بضربات عسكرية محددة ودقيقة وقوية.
هذا ما أردت قوله,بان العرب دائما يتخذون موقع المراهنة والانتظار والصمت, في حين أن الصهاينة يعملون,في العلن والدهاليز,ليضمنوا بكل الوسائل,أن امن الكيان الصهيوني مازال عنصرا هاما وامتدادا للأمن القومي الأمريكي, ولا يعنيهم كما يعني العرب,أن يكون اللون الأيدلوجي للرئيس جمهوريا أو ديمقراطيا, لكن المستجد هنا ربما الأصل الكاثوليكي “لاوباما” وقد جرى التواتر على أن يكون الرئيس الأمريكي من أصل”بروتستانتي” وهذا الاستثناء حدث مرة واحدة في تاريخ أمريكيا عندما فاز”كيندي” لكنه بالمحصلة تم اغتياله, وربما يعلم الجميع ما للأيدلوجية البروتستانتية,من أهمية مصيرية بالنسبة لصهاينة وما يترتب عليها من دعم سخي للكيان الصهيوني المسخ في فلسطين.
وبالمحصلة عندما يقال أن اختيار”بايدن” لخبرته فان هذا يعني الخبرة المؤطرة صهيونيا, والتي من شانها أن ترسم الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الأمريكية طالما أن خبرة الرئيس المنتظر”باراك اوباما” ضحلة , وبالتالي فإنني على قناعة تامة بان الخبرة ليس هي العنصر الأقوى في الاختيار الغير عشوائي لهذا الصهيوني”جو بايدن”, بل وان صمت ودعم”هيلاري كلينتون” لاوباما دون تسمية موقع سياسي لها ينطلق من هذا الاتجاه.