سيادة الرئيس مدفيديف المحترم
سيادة رئيس الوزراء بوتين المحترم
قبل كل شيء انقل لكم اطيب مشاعر وتحيات الشعب العراقي وطليعته الشجاعة المقاومة الوطنية العراقية ، وتضامنه معكم في تصديكم لمحاولات الاستعمار الامريكي الاستمرار في اضعاف روسيا والتجاوز على مصالحها الستراتيجية . اننا ، نحن شعب العراق ، اكبر ضحية لامريكا في كل تأريخها الاجرامي الفريد ، بعد جريمة ابادة 112 مليون هندي احمر ، نعلن بلا تردد باننا نقف معكم بقوة ضد محاولات الناتو التوسع شرقا وضد نصب صواريخ ستراتيجية امريكية في المجال الحيوي لروسيا ، في عملية استباقية لمنع روسيا من النهوض مجددا وتمهيدا لتقسيمها ، من خلال دعم العناصر الانفصالية في الاتحاد الروسي ، بعد ان قام الغرب الاستعماري ، وبمساعدة عناصر عميلة له عملت في افغانستان بشكل خاص بالمساعدة على تقسيم الاتحاد السوفيتي الذي كان القوة الرادعة للاستكلاب التوسعي الامريكي .
ان خطوتكم الاستباقية في جورجيا عمل جبار ، من الناحية الستراتيجية ، سواء بتوقيته او غاياته او تكتيكاته ، وستكون له عواقب عالمية تخدم حركات التحرر والشعوب المضطهدة من قبل الاستعمار الغربي . وبما ان هذا العمل له صلة مباشرة بالعراق المحتل ويؤثر في مجرى الثورة العراقية المسلحة ضد الاستعمار الامريكي اسمحو لنا بعرض بعض الملاحظات الجوهرية التالية :
1 – ان ( كعب اخيل ) امريكا هو العراق ، ونرجو ان لا تصدقو دعاية امريكا التي تقول بان المقاومة العراقية قد تراجعت ، لان الذي تراجع هو عنف فرق الموت الامريكية والايرانية وليس عمليات المقاومة الوطنية ، ولذلك فان مشروع امريكا الاستعماري للسيطرة التامة على الكرة الارضية يمكن ان يدفن في العراق . فقط بدعم المقاومة الوطنية العراقية وتعزيز قدراتها العسكرية يمكن التعجيل بانهاء الاستعمار الامريكي في العالم كله ، عبر تضييق الخناق حوله في العراق والحاق الهزيمة به وجعله عاجزا عن شن عدوانات اخرى على شعوب اخرى ، وتخليص البشرية كلها من شروره التي راينا ابشع صورها في العراق . ان تاريخ الجنس البشري لم يشهد على الاطلاق وحشية كالوحشية الامريكية ، لذلك فان مفتاح دحر امريكا عالميا واجبارها على الانكماش هو دعم المقاومة العراقية من قبل روسيا بصورة مباشرة او بصورة غير مباشرة .
ان مفتاح تحرر العالم بتحييد امريكا ، رهن بالانخراط الروسي في معركة العراق ، قاتلو امريكا خارج حدودكم وبعيدا عن النطاق الحيوي لامنكم القومي ، تماما كما تقوم امريكا الان بمقاتلتكم خارج حدودها في اوكرانيا وجورجيا وبولونيا وغيرها ، والعراق الان ساحة حرب مفتوحة تخوضها امريكا ، وعلينا جميعا ان نستغل هذه الفرصة التاريخية الفريدة بان نجعل اقدام امريكا مغروسة بقوة في اعماق المستنقع العراقي لمنعها من حرية التحرك ( تثبيتها في مكانها بالتعابير العسكرية ) وجعلها هدفا تسهل اصابته .
هنا في وطننا الحبيب العراق ، وليس في اي مكان اخر ، يمكن دحر امريكا والقضاء على سعارها الاستعماري الجنوني ، أتركو كل مناطق الصراعات الاخرى وركزو على معركة العراق فهي الاسهل والاقل تكلفة ، فلا تضيعو الفرصة التاريخية المتاحة لكم ولنا وللانسانية كلها ، التي رات في امريكا ألة قتل لا تتوقف الا عند تحطيمها . ان امريكا لا تحكمها مبادئ اخلاقية او قانونية بل هي وحش مفترس يلتهم كل ما يحيط به او يصل اليه بلا تردد لذلك فهي لاتفهم الا لغة القوة .
2 – اننا نعرف جيدا ان هذا العصر هو عصر مصالح وليس عصر ايديولوجيات ، ولكننا ايضا نعرف من خلال الخبرة والتجربة التاريخية ان المصالح اقوى من الايديولوجيات ، الم تسقط الايديولوجية الشيوعية في الاتحاد السوفيتي وبقيت المصلحة القومية الروسية ؟ لذلك فان روسيا وهي تتعرض لهجوم امريكي مدعوم من قبل دول اوربية ، والهادف الى تقسيمها او على الاقل الحاقها بالغرب والغاء دورها كقوة عظمى ، مضطرة للدفاع عن مصالحها من خلال منع امريكا من السيطرة على النطاق الحيوي للامن القومي الروسي الاقليمي ، وهو وسط وشرق اوربا ، واستخدامه لالغاء دور روسيا العالمي . وبحكم طبيعة هذا الصراع فان روسيا بحاجة لاوسع دعم عالمي ممكن لمسعاها منع امريكا من الانفراد بالسيطرة على العالم كما قلتم سيادة الرئيس مدفيدف . وهنا اسمحو لي ان اؤكد بان الاف الملايين من سكان الكرة الارضية جاهزون لدعم روسيا بقوة
3 – اننا نعرف بان الراسمالية الامريكية ، وهي تعاني من امراض الازمة البنيوية واعراض شيخوختها ، تحاول التعويض عن عجزها الداخلي عن حل ازمتها تلك بغزو العالم وتحويله الى غرفة انعاش ضخمة توقف تدهور وضعها ، لذلك فان السعي للسيطرة على العالم ومنع اي قوة من منافسة امريكا ، بالاخص تكنولوجيا واقتصاديا ، هو في المقام الاول تعبير دقيق عن تلك الازمة وليس فقط نتاج نزعة استعمارية عادية . وفي ضوء هذه الحقيقة فان امريكا امام خيارين لا ثالث لهما : الاول هو مواصلة محاولات استعمار العالم كله وبلا استثناء لضمان الموارد الكافية لايقاف او تأخير انهيار النظام الراسمالي الامريكي ، والثاني التوقف وقبول عالم متعدد الاقطاب ، وفي هذه الحالة فان امريكا سوف تنحط بسرعة لتصبح دولة اقل اهمية من الصين والاتحاد الاوربي وروسيا وحتى من الهند خلال فترة بين 15 و20 عاما . ان هذه الحقيقة هي التي تجعلنا متيقنين من ان امريكا لن تتوقف عن محاولات تقسيم روسيا ومنعها من استعادة دورها العالمي ، وهنا يكمن بالضبط مصدر التوترات والصراعات العالمية القادمة وهي صراعات طويلة زمنيا وحادة ومتعددة الاشكال ، حول تشكيل او عدم تشكيل نظام عالمي متعدد الاقطاب . ما نريد قوله بوضوح تام هو ان الصراع باي مستوى مع امريكا هو حتمية لا يمكن تجنبها وهو عمل دفاعي الطبيعة ولابد منه وليس ثمرة نزعة ايديولوجية . ولذلك فاننا مثلكم لا ندعو لحرب باردة جديدة بل ندعو للعدالة واحترام حق الشعوب ومصالح الاخرين ، والتخلص من نزعة ( المركزية الغربية ) التي انبعثت من جديد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي . والعدالة النسبية في العالم لن تتحقق الا بقيام نظام عالمي متعدد الاقطاب تكون روسيا فيه قوة عظمى مقررة .
الرئيسان المحترمان مدفيدف وبوتين
لقد كتبت لكم بصفتي مناضلا وطنيا عراقيا ضد الاحتلال الاستعماري الامريكي للعراق ، ومن المؤمنين بان الصداقة بين شعبينا المبنية على المصالح المشتركة يمكنها الان ان تكون القوة الاساسية في منع استعمار العالم ، ليس لان العراق قوة عظمى بالمعايير التقليدية بل لان امريكا تحاول استعماره بعد غزوه ، الامر الذي اوصل امريكا الى ارض العراق ووضع شعبنا العراقي العظيم امام مسؤولية مقاتلة امريكا حتى النصر الحاسم . ان معركة العراق تتطور وتتوسع الان بعد ان استقرت موازين القوى داخل صفوف المقاومة العراقية وتحددت طبيعتها وقوتها الرئيسية .
اننا نؤكد لكم بان الحاق الهزيمة بامريكا في العراق امر واقعي وممكن ، وهو اسهل الخيارات واقلها تكلفة من بين كل الخيارات الاخرى لتحييد امريكا ، واقصر الطرق مكانيا وزمانيا ، واذا درس خبراءكم هذه الحقيقة فسوف يصلون الى قبولها ، وعندها سوف تكون عملية دعم المقاومة العراقية هي الخيار الذي يوفر للبشرية فرصة التخلص من مصدر الازمات دون خوض حروب عالمية او اقليمية اخرى . ان الاكتفاء بدعم المقاومة العراقية لاجل حسم معركة العراق هو الضمانة الاساسية لمنع انبعاث حرب باردة جديدة واندلاع حروب عسكرية كثيرة .
واخيرا اود التطرق الى مثل عربي قديم يقول ( اذا اردت قتل افعى فاضربها على راسها ) ، والحكمة في هذا المثل هي ان الافعى اذا ضربت على ذيلها ستعود للانتقام بشدة بسمها القاتل ، وجورجيا ذيل الافعى وليس راسها ، لذلك فان من الاكيد ان امريكا وحلف الناتو سيعودان باحقاد مركزة للتأمر على روسيا بطرق مختلفة ، بعد ان وجهت روسيا ضربة ستراتيجية ذكية لامريكا في جورجيا . وهنا لابد من تذكر ان راس الافعى الامريكية الان في العراق .
نتمنى لروسيا التقدم والازدهار واحتلال موقع الاتحاد السوفيتي كقوة عظمى لا يستطيع احد تجاهلها او التجاوز على مصالحها الحيوية . تقبلو احتراماتنا .
صلاح المختار
3– 9 – 2008