تعانى المجتمعات العربية من إهدار قيمة البحث العلمى والتكنولوجى، والتعامل مع العلماء والباحثين على أنه معزلون بين أسواء المراكز البحثية والجامعات بعيدا عن احتياجات مجتمعاتهم واقتصاديات بلادهم. هذه الثقة المفقودة في الدور البناء الذى يمكن أن يلعبه العلماء في تحسين مستويات المعيشة فى المجتمعات العربية، وتقديم حلول يمكن تطبيقيها اقتصاديا واستثماريا، لتوفير منتجات بتكلفة أقل وحلول تكنولوجية أرخص في السعر تناسب احتياجات المجتمعات العربية، وخاصة الفقيرة منها. هذه الأفكار كانت محور الدراسة التي قامت بها مؤخرا مؤسسة بروكجينز الأمريمية بالتعاون مع عدد من المؤسسات البحثية العربية.
وكانت الخلاصة التي توصلت إليها أن بناء الديناميكية والإبداع، لخدمة اقتصاديات عربية تتمتع بدرجة عالية من المرونة والقيمة المضافة، نتاج المبادرات الإنسانية الخلاقة، يعتمد علي المعرفة وحسن استخدامها، وهذا التحدي يعد الأقوي، الذي يواجه الدول العربية البالغ عددها 22 دولة، شأن غيرها من الدول في أقاليم أخري. هذه كانت الخلاصة التي توصلت إليها دراسة بعنوان “الألفية الجديدة للمعرفة: تقرير التنمية البشرية العربي حول بناء مجتمع المعرفة” “A New Millennium of Knowledge. The Arab Human Development Report on Building a knowledge society”،التي أجراها مشروع بروكينجزالأمريكي للتعاون مع العالم الإسلامي The Brookings Project on US Relations with the Islamic World، وشارك في إعدادها مع الأمريكي كرسيتن لورد، وكيل جامعة جورج واشنطن للشئون الاستيراتيجية والبحث والعلاقات الخارجية، وكلية إليوت للعلاقات الخارجية، وعدد من العلماء والباحثين العرب منهم الدكتور عبد الله عبد العزيز النجار، رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا بالإمارات العربية المتحدة، ومنيف الزغبي، المدير العام لأكاديمة العالم الإسلامي للعلوم، وكامل عيادي عضو البرلمان التونسي، والدكتور حسن الدويك، نائب الرئيس التنفيذي لجامعة القدس بفلسطين، وعمر العريني، الرئيس الشرفي لمبادرة “أوزون” ومستشار عدد من الوزارات المصرية في مجال حماية البيئة والتراث، ومصطفي الطيب، مدير قسم العلوم والتنمية المستدامة باليونسكو بباريس، وعمر جوهر مدير إحدي الشركات المصرية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومحمد حسن، رئيس الأكاديمية الأفريقية للعلوم بالسودان، وكريم ناجي أحد رجال الأعمال المصريين المقيمين في إمارة أبو ظبي.
█ أهمية العنصر البشري
أوضحت الدراسة التي صدرت أن تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة، أكدت دور العنصر البشري بدعم من الدولة، من أجل تحقيق عملية التنمية اليوم، خاصة وأن طريق التنمية لا يزال طويلا، وهناك مخاوف من أن تتخلف الدول العربية عن ركب التنمية والتطور. من هنا، كان تركيز تقرير التنمية البشرية العربي لعام 2003، علي أهمية بناء “مجتمع المعرفة”، لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمعات العربية والخاصة بتحقيق التنمية الاقتصادية، عبر زيادة الإنتاج المعتمد علي الإبداع والابتكار، مع زيادة العمر المتوقع عند الميلاد، عن طريق تحسين مستوي المعيشة، علي أن يلازم الهدفين السابقين، توسيع نطاق الحرية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
█ مجتمع المعرفة العربي
أشارت الدراسة إلي أن “بناء مجتمع المعرفة العربي” يقوم علي أعمدة: توفير مناخ حرية الفكر والإبداع، والاهتمام بنوعية التعليم في المستويات العليا، وتعميق مكانة العلم والبحث العلمي، وتوظيف المعرفة في الإنتاج الصناعي، ونشر ثقافة التعلم والإبداع. وتضم المنطقة العربية 22 دولة، وبها نحو 310 ملايين نسمة (10% من سكان العالم)، وتتسم بالتنوع من حيث: الفقر والثراء، الاستقرار وعدم الاستقرار، الحداثة والتقليدية، دول كثيفة السكان وأخري أقل كثافة. ولا يختلف الحال بالنسبة لمعدلات التنمية البشرية التي تختلف من دول إلي أخري، لتصل إلي أعلي معدلاتها في البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية وكذلك الإمارات العربية المتحدة. في حين تأتي بقية الدولة العربية في المراتب الأخيرة، لمؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية.
تتسم المنطقة بأنها شابة، إذ أن 35% من السكان من الشباب، تحت سن 15 عاما، ولذا فهي في حاجة إلي زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وخلق أكثر من 100 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2020، بالإضافة إلي تحديات تأسيس مستشفيات ومدارس وجامعات جديدة حسب تقارير البنك الدولي. في حين أن العديد من الدول العربية، التي تعاني من عدم الاستقرار في مصر والجزائر والأردن وفلسطين والسعودية ولبنان والصومال والسودان، يخصص جزء كبير من موازناتها للإنفاق العسكري، بدلا من التنمية البشرية.
█ تحدي الحكم الجيد
ركزت الدراسة علي عدد من التحديات التي تواجهها الدول العربية فيما يتعلق بالحكم الجيد، والتعليم، والعلم والتكنولوجيا والإبداع، والمعرفة المعتمدة علي الصناعة، وثقافة المعرفة. مشيرة إلي أنه لا يمكن بناء “مناخ المعرفة المستقل” دون توفر مناخ سياسي محفز، يمنح الحرية للرأي والتعبير والتجمع والتنظيم، خاصة وأن التقدم العلمي والتكنولوجي لن يتحقق في ظل نظم غير تقدمية، تعمل علي توفير المناخ المناسب للإبداع في العلوم الإنسانية والاجتماعية، شأن الفنون والآداب. ومنذ عام 2003، وهناك الكثير من النظم العربية بدأت تتجه إلي المزيد من الليبرالية مقارنة بما كانت عليه نظم الحكم في الماضي، وتجسد هذا في صور المحاسبية والتصويت في الإنتخابات، وفق الدراسات التي أجرتها مؤسسة بروكينجز حول مؤشرات الديمقراطية في الدول العربية، وأثبت أن وسائل الاتصال، وتحديدا الإنترنت ساهمت في تغيير الصورة، وتضييق الهوة الليبرالية والديمقراطية مع العالم. كما ساهم هذا في مكافحة الفساد في العديد من الدول والعمل علي تقليل معدلاته.
█ مستقبل التعليم النوعي
أكدت الدراسة أن المستقبل أصبح للتعليم ذا “النوعية العالية”، الذي يهتم بالدراسة منذ المراحل الأولي للطفولة والمرحلة الإبتدائية، ثم المراحل التالية في الإعدادية والثانوية فالأعلي، بحيث يتحول التعليم إلي عملية مستمر علي مدي عمر الإنسان. علما بأن الارتقاء بمستوي ونوعية التعليم يساعد التلاميذ والطلبة علي الأداء بصورة إيجابية والتواصل مع البرامج التعليمية، خاصة وأن هذه النوعية من التعليم تقوم علي قواعد الاستثمار في الإنسان والاقتصاد، بحيث يوفي باحتياجات سوق العمل والشركات.
█ مثلث العلم والتكنولوجيا والإبداع
هذا وقد أولت الدراسة أهمية كبيرة لمجال “العلم والتكنولوجيا والإبداع”، وهو الجزء الذى قام بكتابته الأستاذ الدكتور عبد الله عبد العزيز النجار، رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا بالإمارات، موضحا فيه أن من الضرورى توسيع نطاق الاستخدام المجتمعي والاقتصادي للعلم والتكنوجيا القائمة علي الإبداع، لزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق رفاهية المجتمع في مجالات عدة منها استخدام التكنولوجيا في تحلية مياه الشرب. مع مراعاة أن هناك تباينات واضحة بين الدول العربية في كيفية توظيف التكنولوجيا والعلم والإبداع، العائد الاستثماري الناتج عن هذا التوظيف، فعلي سبيل المثال، مصر التي تعد تقليديا الدولة العربية التي يتوفر لديها أكبر قاعدة علمية، لم تخط خطوات واسعة علي طريق التوظيف الاستثماري للعلم والتكنولوجيا والإبداع، لخدمة قضايا التنمية والتحديث.
█ إنتاج المعرفة
أوضحت الدراسة أن هذا المثلث يمكن يمكن قياسه عبر عدد من المؤشرات، تحت مسمي ”إنتاج المعرفة” تتمثل في النشر العلمي في الدول العربية، الذي ارتفع بنسبة (18% خلال الفترة 2000-2004)، وتعد مصر من أولي الدول العربية في مجال النشر العلمي، ويعادل النشر العلمي فيها مثلي النشر في أي دولة عربية. إلا أنه خلال السنوات الأربعة المشار إليها، نجحت دول أخري مثل قطر والإمارات واليمن وتونس في زيادة معدل النشر العلمي لديها.. وكشفت البيانات المستقاة من أكاديمية العلوم للتنمية الدولية، تحقيق هذه الدول لعدة مكاسب، نتيجة ارتفاع معدلات النشر بها خلال عامي 2005-2006. يضاف إلي المؤشر السابق، مؤشر عدد الأوراق العلمية البحثية بالنسبة كل مليون نسمة حسب تقرير اليونسكو 2005، كشف أنه في مصر 0.02، وفي السعودية 0.07، وفي الجزائر 0.01، وفي الكويت 0.53، وفي باقي الدول العربية لم يتجاوز هذه المعدلات، في حين أن النسبة في الولايات المتحدة كانت 43 ورقة علمية لكل مليون نسمة، و80 في سويسرا، و38 في إسرائيل، و0.04 في الهند، و 0.03 في الصين.
أما المؤشر الثالث فكان، نوعية الأبحاث، وعدد المرات التي تم الاستعانة بها كمصادر في أبحاث أخري، وكشفت التقارير العلمية أنه من بين أكثر 5000 مصدر تم الاستعانة بها عالميا، لا يوجد إلا عالم عربي جزائري له دراسات في مجال المناعة، ظهر اسمه بينها هو بوجيما سمراوى وفيما يتعلق بمؤشر براءات الإختراع لعمليات الإبداع، فإنه خلال الفترة الممتدة من 1995-1999 حتي الفترة 2000-2004، فإن معدل الزيادة في براءات الإختراع الصادرة عن تسع دول عربية بلغ 27% خلال تلك الفترة. في حين أن المقارنة مع دول أخري، تكشف أن معدل الزيادة في كوريا الجنوبية بلغ مثلي الزيادة العربية المشار إليها، وفي تشيلي بلغت 48%، ونجحت الصين في أن تحقق زيادة في براءات الإختراع بلغت مثلي ما كانت عليه. إذ نجد أن الدول التسع العربية (البحرين، مصر، الأردن، الكويت، سلطنة عمان، المملكة السعودية، سورية، اليمن، ودولة الإمارات العربية المتحدة، بلغ عدد براءات الاختراع خلال الفترة 1995-1999 تحديدا 134 براءة، وخلال فترة 2000-2004 بلغت 170 براءة، وخلال فترة 2005-2006 وصلت إلي 74 براءة. في المقابل، نجد أن براءات الاختراع لدولة تشيلي بلغت (44، 65، و23) علي التوالي خلال فترات المقارنة، وبالنسبة للصين (9983، 19010، و 10260)، أما في كوريا الجنوبية فقد بلغ عدد براءات الاختراع (3076، 5014، و 2142 براءة) خلال فترات المقارنة المشار إليها، حسب إحصائيات الوكالة الأمريكية لبراءات الاختراع والعلامات التجارية USPTO.
█ المردود الاقتصادي
أكدت الدراسة أهمية توظيف العلم والتكنولوجيا والإبداع في خدمة الاقتصاد، من خلال خلق فرص عمل جديدة، عبر قابلية هذه الاختراعات والبحوث العلمية للاستغلال الاستثماري، مع توفير التعليم والتدريب النوعي، لخدمة الشركات متعددة الجنسية، التي تبحث عن كفاءات بشرية عربية، نادرا ما تجدها. ولا يقف التحدي عند خفض معدلات البطالة فقط، بل يمتد ليشمل القدرة علي استيعاب المرأة في سوق العمل، حتي في مجالات العلم والهندسة. ففي مصر، تمثل النساء ثلث المجتمع العلمي، ويحصلن علي ما بين 35% – 50% من الشهادات ما بعد الجامعية، ولكنهن يستحوذن فقط علي 2% من المناصب القيادية في المجتمع العلمي المصري.
أضافت الدراسة مؤشر عدد طلبة الجامعة في كليات العلوم والتكنولوجيا، والهندسة، والطب، فتصل نسبة هؤلاء الطلبة في الأردن إلي 30%، وأقل من 20% في مصر والجزائر والمغرب والسعودية والضفة الغربية وغزة. ويعد المناخ غير المحفز في الدول العربية للبحث العلمي والإبداع، هو ما دفع أكثر من 500 ألف عالم عربي يهاجرون إلي الخارج، يصل عدد الأطباء بينهم إلي 50%، والعلميين 15%. وكشف مركز الخليج للدراسات الاستيراتيجية بالقاهرة أن كل عام 50% من المتخصصين في الفيزياء، و23% من المهندسين، و15% من العلماء يغادرون الدول العربية متجهين للغرب، بحثا عن وظيفة في هذه المجتمعات المقدرة للعلم والإبداع. وفي العراق وحده منذ عام 2003، هاجر حوالي 40% من علمائه خارج العراق (حسب ما جاء في الدراسة). بينما هناك دول مثل الصين تعمل علي جذب وتحفير عمالتها الفنية بكل السبل، لاستخدامها في تحقيق معدلات نمو مرتفعة للغاية، إذ وفق ما يعرف بمصطلح “دوران العقول” بعد أن يحصلوا علي التدريب الكافي واللازم في الخارج، تعمل علي جذبهم للعودة والعمل في الشركات الصينية الوطنية.
أوضحت الدراسة مشيرة إلي تقرير التنمية البشرية العربي لعام 2003، أن الدول العربية تفتقر لسياسة محددة لتمويل البحث العلمي بغرض التنمية، وأن الدول العربية تخصص أقل من 0.02% تخصص لأغراض البحث والتنمية، مقابل 0.06% للدول الأفريقية، و3.6% للهند، 1.4% للبرازيل، 0.03% للأرجنتين وجنوب أفريقيا. في الفترة الأخيرة بدأت عدد من الدول العربية تزيد من الميزانيات المخصصة لأغراض البحث والتطوير، منها الجزائر التي خصصت 1.5 مليار دولار، وهو ما يعني 1% من الناتج المحلي، مستهدفة من وراء ذلك زيادة معدل نمو الناتج المحلي بقيمة 1.5% بحلول عام 2011.
من جانبها، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بصياغة خطة لمدة 3 سنوات في صيف 2007، بهدف الارتقاء بمستوي التعليم العالي والبحث العلمي، والسعودية من جابنها اعتمدت خطة للعلم والتكنولوجيا عام 2002، خصصت لها 1.6% من الناتج المحلي للبحث والتطوير. أما الأمير حمد بن خليفة ال ثان، أمير قطر، فقد خصص وقفا، ينتج من عائداته الملايين لدعم البحث العلمي سنويا، وفي مصر فقد أعلن الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء عن تخصيص 0.02% من الناتج المحلي المصري للبحث والتطوير، مقارنة بنسبة 1% من الناتج المحلي بالنسبة لباقي الدول النامية.
█ تمويل البحث والتطوير خارج الحكومات
خارج نطاق الحكومات العربية، نجد أن مؤسسة سمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم، خصصت وقفا قيمته 10 مليارات دولار، وهناك كذلك المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا التي تأسست عام 2000، ومقرها الشارقة والتي تعمل علي بناء جسور التعاون مع العلماء العرب وعبر العالم، من أجل توظيف إبداعهم واختراعاتهم العلمية والتكنولوجية لخدمة المجتمع والتنمية في الدول العربية، يضاف إلي هذا البنك الإسلامي للتنمية ومقره جده، يستثمر في مجالات البحث والتطوير، علاوة علي المانحين الدوليين مثلما هو تبرعهم لتأسيس وحدة النانوتكنولوجي بجامعة القدس.
هذا وتعمل منظمة المؤتمر الإسلامي علي أن تقوم الدول الإسلامية بزيادة المخصصات للبحث والتطوير من الناتج المحلي لتصل إلي 1.2%، مع دعم المؤسسات المعضدة للعلم والتكنولوجيا في الدول العربية والإسلامية، عبر إطلاق عدد من المبادرات والشبكات الخاصة بالعلم والتكنولوجيا والمرأة، في ظل عصر المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات وتزايد أعداد مستخدمي الإنترنت، والذي بلغ في الإمارات عام 2006 حوالي 36.7 مستخدم لكل 100 نسمة، مقارنة بنحو 25.7 عام 2001، وفي مصر 8 مستخدمين مقارنة بنحو 0.9 عام 2001، وهي معدلات أقل من معدلات النمو في مناطق أخري مثل بيرو التي كانت 7.6 ثم أصبحت 21.5، وسلوفاكيا التي كانت 12.5 فوصلت إلي 41.8 لكل 100 نسمة من السكان، وهذ ما دفع الدول العربية إلي تحسين مستوي البنية الأساسية لخدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بها، فارتقت مصر 17 مركزا لتصل إلي المكانة 63 عالميا، والمغرب ارتقت 5 مراكز، لتبلغ المركز 74 عالميا، وقطر ارتقت 4 مراكز لتصبح في المرتبة 32 عالميا، والبحرين أصبحت 45، والأردن 47 بعد أن كان في المركز 58.
█ توظيف المعرفة صناعيا
أكدت الدراسة أهمية توظيف المعرفة في الصناعة، وزيادة الإنتاج من خلال استخدامها في مجالا متعددة منها المياه والطاقة والبترول والغاز الطبيعي، وأسواق المال وتحديدا في دول الخليج وفي مقدمتها إمارة دبي والتي كانت قيمة تعاملاتها اليومية في يناير 2007 حوالي 200 مليون دولار، لكن الآن تتجاوز التعاملات المليار دولار يوميا. كما أن عمليات البحث والتطوير يمكن أن تساهم في زيادة التجارة البينية بين الدول العربية، والتي بلغت 22% عام 2005، بعد أن كانت 11% عام 2004، وأدت إلي زيادة تجارة مصر مع الدول العربية إلي 60%، وللأردن إلي 33.1%. وتلعب الشركات الصغيرة والمتوسطة دورا مهما في هذا المجال.
أكدت الدراسة أهمية الإبداع، الذي يعني كيفية إدارة المعرفة، في صور تكنولوجية ذات جدوي اقتصادية، وبجانب المناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فإن الإبداع يحتاج إلي حماية قانونية، وهو ما يساهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلي الدول العربية والإسلامية.
ولذا فإنه من الضروري نشر ثقافة المعرفة، بعيدا عن رقابة المعلومات، من أجل تأسيس نموذج عربي للمعرفة، يعمل علي توظيفها لخدمة المجتمعات والاقتصاديات العربية، مع دعم ثقافة نشر المعرفة، والمؤسسات الراعية لها، والتي كان منها مكتبة الأسكندرية التي تأسست عام 2002. مع تأكيد أهمية ثقافة المعرفة، عبر تعليمها منذ النشء للأطفال، ليؤمنوا بقيمة العلم وأثره الإيجابي في المجتمع، خاصة وأن المجتمعات العربية تمتلك ثروات بشرية، لم تستغل بعد بالصورة المثلي.