قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية إن حادث احتراق مجلس الشورى فجر موجة من الغضب والتساؤلات داخل الشارع المصري عن الدور الذي لعبته الحكومة في تدبير هذا الحادث، لاسيما وأنه تم التعامل معه بدرجة كبيرة من اللامبالاة التي ظهرت جلية في البطء الذي سيطر علي عملية الإطفاء، بل والأكثر غرابة أن آلاف المصريين قد احتشدوا لمشاهدة الحدث كما لو كانوا مستمتعين برؤية المجلس الذي فقد قيمته وهو يحترق.
وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من أهمية المبني التاريخي الذي يعود إلي القرن التاسع عشر، إلا أنه تم التعامل مع الحريق الذي أدى إلى تدميره بدرجة كبيرة من اللامبالاة كما لو كان حادث حريق عادي.
ففي الوقت الذي كان فيه مجلس الشورى غارقا في اللهب والدخان الأسود يتصاعد منه بكثافة في وسط القاهرة، أخذت طائرات الهليكوبتر في نقل المياه من النيل، بينما بدأ رجال الإطفاء وكأنهم قد أصيبوا بالشلل نتيجة لعدم وجود المياه، فيما احتشد الآلاف المصريين لمشاهدة أهم المؤسسات السياسية وهي تتحول إلى جحيم مستعر.
ونقلت الصحيفة عن أحد المارة الذي بدا مستمتعا بالحريق، قوله: “أنا لست آسفا لاحتراق المبني، وإنما لأن ذلك لم يحدث أثناء انعقاد الدورة البرلمانية”.
وعلى الرغم من مرور أكثر من أسبوع على إطفاء الحريق الهائل، إلا أن الصحيفة رصدت اشتعال القاهرة بنظريات المؤامرة حول الحريق الذي فجر موجة من التساؤل والسخرية حول دور الحكومة في الأحداث، لاسيما وأن غالبية المواطنين في مصر يعانون منذ وقت طويل من المؤسسات الديمقراطية الزائفة، التي ينظرون إليها علي أنها مقلمة الأظافر، وليس لها دور سوى إضفاء طابع من الشرعية على نظام الرئيس حسني مبارك، الذي وصفته بـ “المستبد” المدعوم أمريكيا، الذي يعد واحدا من أكبر حلفاء الولايات المتحدة وأطولهم بقاء في الحكم.
لكن تدمير مبنى مجلس الشورى الذي استضاف المحاكمة الشهيرة للبطل القومي أحمد عرابي عام 1881 والتوقيع على أول دستور لمصر عام 1923، قد تسبب في زيادة حركة المعارضة وترك نظام مبارك عاجزا عن الدفاع عن نفسه، على حد قولها.
وقالت الصحيفة في سياق إجابتها عن تساؤل بشأن الهدف من إحراق هذا المبنى التاريخي، إن كل الدلائل تشير إلى أن الهدف من إحراقه هو التخلص من ملفات الفساد المتورط فيها شخصيات بارزة ورجال أعمال على صلة جيدة بالنظام المصري، ولاسيما أن قضايا الفساد قد زادت في مصر في الفترة الأخيرة أكثر من أي وقت مضي، وفجرت الكثير من الغضب لدي المصريين، وخاصة بعد الحكم الأخير الذي أصدرته المحاكم المصرية هذا الشهر بتبرئة ممدوح إسماعيل، مالك العبارة المنكوبة “السلام 98″، الذي تسبب في قتل ألف مصري لقوا مصرعهم غرقا، والذي تربطه علاقات قوية بالنظام.
وهو الحكم الذي تسبب في انتشار موجة من الغضب بين المصريين، خاصة وأن السخط الشعبي كان قد بلغ ذروته في الآونة الأخيرة وتمثل ذلك في زيادة الإضرابات والاعتصامات احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة وفشل الإصلاح السياسي.