علي الجفال*
من ملعب كرة قدم في هافانا انطلق الالتحام الجماهيري مع الثورة الكوبية المسلحة التي قادها فيدل كاسترو
علي الجفال*
من ملعب كرة قدم في هافانا انطلق الالتحام الجماهيري مع الثورة الكوبية المسلحة التي قادها فيدل كاسترو وتشي جيفارا للإطاحة بالإمبراطور باتيستا عام 1959 ،ومن ملعب الكشافة في بغداد انطلقت المسيرات الشعبية للالتفاف حول الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه الضباط الذين أطاحوا بالحكم الملكي في تموز 1958.
هل ثمة علاقة خفية بين الثورة وملاعب كرة القدم ؟
عالم نفس كندي يؤكد أن اجتماع الحشود الكبيرة من الجماهير في ملاعب كرة القدم يأتي للتعبير عن حالات الغضب الكامن عبر الحماسة المصحوبة بالصراخ والتي تلتقي تحت حاضنة جمعية عفوية تتوجه أحياناً نحو مسبباتها .
هذا التحليل يجد تطبيقا حيويا له في الجماهير العراقية التي تجاوزت الخمسين ألفاً والتي احتشدت في ملعب الشعب الدولي الأسبوع الماضي لحضور نهائي الدوري العراقي الذي جرى بين فريقي الزوراء واربيل ، إذ على الرغم من أن فضائيات عراقية عدة حرصت على نقل المباراة مباشرة ، ما يعني إمكانية متابعتها تلفزيونيا دون خوض مغامرة الحضور إلى الملعب وسط الأجواء الأمنية الخطيرة، إلا أن الحشود تواصلت بهذه الأعداد الغفيرة للتعبير عن غضبها الذي وجهته إلى عمار الحكيم نجل زعيم المجلس الأعلى الذي حضر المباراة كجزء من متطلبات برنامج تسويقه جماهيريا كخليفة لوالده الذي يحتضر وكبديل لمقتدى الصدر ، عبر هتافاتها وأهازيجها ضده وضد رموز السلطة في عراق ما بعد الاحتلال والتي توجت عبر صرخة موحدة رددتها اكثر من خمسين الف حنجرة (الخاين شعبه يكص أيده).
إنها مواسم غضب متجددة، لكنها مختلفة الاتجاهات، ففي هافانا ظل كاسترو إلى الآن وفياً للجماهير التي التفت حوله من خلال حفاظه على النفس الثوري الذي يرمز له بلحيته حيث يقول في لقاء تلفزيوني، إنها رمز للثورة ولست على استعداد لحلاقتها كي لا يقال أنني لم أعد ثورياً وحين سُأل لماذا لا يعممها إذاً على كل الكوبيين أجاب ضاحكاً إذا لم يحلقوا ذقونهم فإنهم قد يحلقون ذقني في إشارة لحق الجماهير في ممارسة دورها الثوري بالشكل الذي تراه مناسبا ، وفي بغداد بقي عبد الكريم قاسم أيضاً وفياً للجماهير التي التفت حول ثورة 14 تموز 1958 رغم الأخطاء التي اعترت مسيرته، فقد حرص على متابعة شؤونها ومتطلباتها ليل نهار، ولعل حديثه مع صاحب الفرن ن الذي زاره أثناء جولة تفقدية ليلاً فوجده قد علق صورة كبيرة للزعيم في حين كان حجم رغيف الخبز الذي يبيعه للناس صغيرا ، اذ فقال له :أرجوك فلتكن صورتي صغيرة وليكن رغيف الخبز كبيراً.
هذه العلاقات ماتزال طازجة في ذاكرة الناس التي لن تحتفظ لعمار الحكيم وامثاله من رموز العمالة في العراق الا صورته وهو يفر هاربا من غضب الجماهير في ملعب الشعب وعمامته تتدلى عل رقبته .
*رئيس تحرير جريدة المدار