عاد حسام خضر الى مخيم بلاطة بعدما تحرر من الأسر الصهيوني قبل عدة ايام. ولا بد أنه لم يتبدل ، لأن أمثال هذا القائد الشاب، عضو المجلس التشريعي، الذي يعتبر من النواب الأوائل والقلائل الذين واجهوا الفساد والاحتلال في فلسطين المحتلة ، لا تتبدل مواقفهم ولا قناعاتهم بالسهل. ولأن حسام خضر ابن المخيم، المقاتل والفدائي الذي حمل هم فلسطين وحريتها منذ الصغر، لا ينحني أمام الاغراءات ولا تكسر ارادته الصلبة الأبواق الاعلامية المحلية. فتلك الأبواق هي جزء من الفساد الذي حاربه حسام خضر يوم كان حراً في مخيمه بالرغم من الاحتلال والأدوات المحلية التي ارتبطت مصالحها بمصالح الاحتلال وما يطلق عليه عملية السلام.
حسام خضر قاتل في لبنان دفاعاً عن عروبته وضد الأحتلال الصهيوني وعملائه، واستبسل في الدفاع عن مخيمات الفلسطينيين في بيروت يوم شنت الحرب عليها بحجة منع عودة الوجود الفلسطيني المسلح الى لبنان. وصمد مع أهله وناسه ورفاقه واخوته حتى فك الحصار الجائر والظالم، وتوقفت الحرب القذرة على مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة والرشيدية وعين الحلوة.
عاد حسام الى وطنه فلسطين ظناً منه أن السلام سيعيد المقاتيلن الذين تشتتوا في اصقاع الأرض وفي البلاد العربية من المحيط الى الخليج، الى فلسطين حيث ستنتقل المعركة الى أرض الصراع وأرض المواجهة المباشرة. وكانت رؤية حسام صحيحة لكن الذين عادوا فقدوا البوصلة وفقدوا الهدف وأصبحت الحياة الدنيا همهم الأول والأخير. فتخلوا عن المواجهة وبدلوا لباسهم العسكري، وغيبوا دور الفدائي، فظهرت على السطح طحالب العمل الوطني المتراكمة. وصار أشباء القادة العسكريين الذين عرفتهم المخيمات في حروب الثورة المستمرة جنرالات وقادة لمرحلة ما بعد العودة من بوابة أوسلو. لم يرض هذا الزيف حسام خضر والكثيرين من أبناء فتح الينابيع، لذا شهروا سيوفهم من أغمدتها ووضعوا النقاط على الحروف، وأدانوا عملية تشويه النضال الوطني وتغييب دور فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية. لم تلق مواقفهم رضى المسؤولين في السلطة، فحورب حسام والآخرين ممن تبنوا هذا الموقف مثل القائد المناضل يوسف الشرقاوي، والقائد الفدائي منذر ارشيد وغيرهم آخرين من ابناء فتح الشرفاء. هؤلاء اكتشفوا هول الزيف والفساد وارتباط الكثيرين مصلحة ونهج بالاحتلال. وحصلوا على دلائل ووثائق تدين الكثيرين في جرائم كبيرة. فكان مصيرهم السجن والاستبعاد والاعتقال والحصار وحتى الابعاد. أما حسام فقد تولى الاحتلال عملية ابعاده كما تولى عملية ابعاد المناضل مروان البرغوثي وكوادر كتائب شهداء الأقصى. أبعدوا لأنهم كانوا يشكلون قاعدة اساسية وقوية في تنظيم فتح بالضفة الغربية. وبعدهم فرغت الساحة للمتسلقين والمنتفعين والفاسدين، الذين أفسدوا كل شيء جميل في فتح والمنظمة. وقضوا على بعض نقاط الضوء القليلة التي توزعت هنا وهناك في مؤسسات السلطة.
نقول لحسام خضر العائد يحمل هموم آلاف الأسرى والمعتقلين خلف قضبان السجون وفي الزنازين. إن دوركم يبدأ الآن من جديد. إذ على عاتقكم وعاتق كوادر فتح الشريفة في الضفة والقطاع تقع مسؤولية اعادة فتح الى مسارها الوطني السليم. وتنظيفها من الزوائد التي شبت فيها وعليها. ففي صحة فتح صحة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وللمقاومة الفلسطينية و للحوار الوطني الفلسطيني، ولعملية اعادة بناء مؤسسات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. نعرف أن العملية ليست سهلة وأن المتربصين يتربصون بكم وبكل من يفكر مثلكم. لكن كفاحنا الوطني لم يعرف في يوم من الأيام طرقاً معبدة بالورود والأزهار. بل كانت طرقنا دائما صعبة وملغمة وشائكة ومميتة. لذا نتفهمكم ولا نحملكم أكثر من طاقتكم، لكننا ننتظر منكم وقفة عز تليق بشهداء وأسرى وجرحى ومناضلي وتضحيات شرفاء فتح.