جاسم الحيدري
لکل شعب حضارته التي يعتز بها لأنها تعکس تراثه الثقافي الذي يشکل
جاسم الحيدري
لکل شعب حضارته التي يعتز بها لأنها تعکس تراثه الثقافي الذي يشکل هويته فلمصر حضارتها العريقة التي تمتد لألاف من السنین کما أن للسوريين حضارتهم التي ما زالت آثارها باقية إلی يومنا هذا کما أن للصين حضارتها الباهرة و العتيقة التي تمتد لألاف من السنين و التي تجلت و تتجلی للناظرين، و لا تکاد تسمع في يومنا هذا مواطنا من هذه الدول من يحدثك عن تلك الحضارة و مظاهرها الباهرة اللهم الا من كان يعمل في حقل السياحة. أما هنا في إيران العجائب فتجد کل من هب و دب من عامل النظافة إلی الأستاذ الجامعي يحدثك عن حضارته العريقة و عن عرش جمشيد الذي لا تری فيه شئيا يذکر إذا قارنته مع تلك الآثار الموجودة في مصر و سوريا و الصين و غيرها من البلاد التي لم يأتك نبأها و لا يفوتك أن تعلم أن من شيدوا و صمموا ذلك العرش لم يكنوا فرسا. و تجدهم دوما يتحدثون عن أصالتهم و التي لا تجد لها أصلا مبينا و تجدهم يحدثونك عن آثار من صنع خيالهم ما کان لها من وجود. و کلما أدرکوا أن مخاطبهم لا ينتمي إليهم جعلوا يحدثونه عن تلك الأکاذيب و الأقاويل حتي يصاب بالملل و السأم و يلعن تلك اللحظة التي جعلته يتجاذب الحديث مع ذلك الإيراني الذي لا يمل من تکرار ذلك الحديث المقيت.
أما عن قطار الأنفاق الذي يوجد في طهران فيظنون أنه الوحيد الموجود في العالم لذا تجدهم دوما يسألونك ما إذا کان لديکم مثله في بلادکم، و حتی ينجز الإيرانيون ذلك مكثوا فيه من العمر سنين قد تجاوزت العشرون و لم يکنوا علی ذلك بقادرين فاستنجدوا كعادتهم بالصينيين لكي يحفظوا ماء وجههم أمام العالمين، فأنجزوه الصينيون لهم في فترة وجيزة ليثبتوا للعالم أن الإيرانيين لا يصلحوا الا لبيع الکلام و الأحلام. و إذا سألت الإيرانيين من أنجز لکم ذلك لذکروا لك كعادتهم أنهم هم شبابنا و مهندسونا من قام في ذلك و قد كذبوا و ما كانوا في ذلك من الصادقين.
أما عن المنشأت النووية و ما أدراك ما المنشأت النووية فالكل يعلم علم اليقين أن الروس هم من أنشأوها لهم في بوشهر و في غيرها من المدن. و لا يقوت عليکم مطالبة الإِيرانيين مرارا و تکرارا الروس بالوفاء بعهودهم التي قطعوها فيما يختص بإکمال ما بدأوه من إنشاء للمحطات النووية و تزويدهم بالوقود النووي و لکنهم بعد کل هذه الشواهد و القرائن يفأجئون العالم بذلك الإنجاز العظيم الذي تم علی يد خيرة شبابهم. فشبابهم هؤلاء الذين يتباهون بهم أغلبهم عاطلين عن العمل و يفتقرون الی ثقافة العمل و حبه، فکل شاب إيراني تجده ينتظر من أحمدي نجاد أن يعطيه سهمه من النفط الإيراني دون أن يحرك ساكنا قيد أنملة. فالإيراني و إن بلغ من العمر أربعين تجده يأخذ مصروف جيبه من أبيه و لا يجد في ذلك حرجا، و تجده لا يتقبل فکرة أن يعمل عملا مؤقتا اللهم إلا إذا کان يليق به إجتماعيا.
و هل أتاك نبأ إطلاقهم لمسبارهم الفضائي الذي لم يکن الا صاروخ بعيد المدی من صنع الروس، و قد کذب ذلك النبأ البعض و صدقه البعض ممن لا يدري كنه هذه الأمة التي قد إعتادت علی خداع العالم بأسره منذ أزل التأريخ. أمة قد إعتادت علی سرقة منجزات غيرهم من الشعوب و الأمم و جعلها بإسمهم و إسم علمائهم. أمة لا يهمهما الا الظهور بمظهر القوة و العظمة أمام العالم حتی يثبتوا للعالم أن الإمبراطورية الفارسية لم تزل من الوجود. أمة جاحدة لجميل الروس و الصينيين الذين ما فتئوا ينجزوا لهم و هم قاعدين.