إن إطلاق سراح الأسرى القدامى هو انتصار لفلسطين وللشعب وحق أسرانا البواسل في الحرية قادم لا محالة، باعتبارها أحد الثوابت الرئيسة التي لا يمكن التفريط بها، لذلك نجدها من القضايا التي توحدنا، كونها محل إجماع وطني فلسطيني، ولكن من المؤسف والمعيب أن تسمع تصريحات مخالفة تناقلتها وسائل الإعلام الفلسطينية وكذلك الإسرائيلية، التي سرعان ما نعتمد أقوالها في تحليلاتنا ونتداولها في صحافتنا الفلسطينية ونصدقها ونعتمدها، التي غالباً ما تكون لها نوايا شيطانية هدفها العبث في الساحة الفلسطينية الخصبة التي تعج بالتناقضات مستغلةً الظروف الراهنة من أجل تعزيز الفجوة وتعميق حدة الانقسام الحاصل، لا سيما عندما تنشط الجهود الفلسطينية والعربية من أجل رأب الصدع الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام المدمرة لوحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي ولقراره السياسي. فالكل يطمح ويسعى لإطلاق سراح أسرانا الأبطال الذين يمثلون إرادة الشعب الفلسطيني التي لن تنكسر يوماً، باعتبارها أي “الإفراج عن الأسرى” خطوة وانجاز وطني كبير يتم من خلاله انتزاع حقنا، سواء بالقنوات السياسية “الدبلوماسية” أو العسكرية “بخطف الجنود والشخصيات الإسرائيلية للمساومة عليهم”، وكلاهما أسلوبان لهما دورهما واجتهادهما الفعال والمنوط بمعايير خاصة، فالاحتلال يبني السجون ويزج بها الفلسطينيين ليلاً ونهاراً ويعتقل العشرات يومياً، فماذا نحن صانعون لهم غير المزاودات والحزن والألم بفعل الانقسام..! وفي أبسط هذه التصريحات التي سمعنا بها بالأمس القريب في عدد من المواقع والصحف الإخبارية عن استياء أصاب صفوف حركة حماس من نية إسرائيل إطلاق سراح أسرى ينتمون إلى حركة فتح، وقال المصدر أن الهدف هو تعزيز قوة فتح على حساب الطرف الأخر بالإشارة إلى حركة حماس، وإن دل فإنه يدل على حجم ومخاطر استمرار الحرب الإعلامية. واستكمالاً فقد قالت الأخيرة بأن الصفقة “صفقة شاليط” ستكون لمعتقلين محسوبين على حماس فقط، كما اتهمت الأخير قيادات من فتح أنها تسعى لتخريب البند الثاني من اتفاق صفقة التهدئة وهو إطلاق الجندي شاليط مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل تمهيداً لفتح معبر رفح. وبالتالي هذه التصريحات والتهديدات “السخيفة” التي هي في محل تجني وتبديد لأنبل زهرة أنبتتها الثورة الفلسطينية هم : “الأسرى الأبطال” صناع انتصارات المقاومة والتحرير، فمن غير المنطقي أو الأخلاقي معاقبة الأسرى الفلسطينيين من قبل عناصر سياسية ردا على خطوة أحادية إسرائيلية قامت بها أمام بعض الضغوط السياسية من قبل الرئيس عباس والمجتمع الدولي، بالتالي الإفراج عن أي أسير أي كان انتمائه أو مكان سكناه أو جنسيته سواء كان فلسطيني أو عربي يعتبر إنجاز ومكسب للقضية لا يمكن رفضه أو التقليل من شأنه، باعتبار هذا المطلب أحد أعمدة الثوابت الوطنية والمقدرات التي يصعب التفريط أو التشكيك بها، في لحظة يسعى الاحتلال الإسرائيلي للعبث بها والتقليل من أهميتها، لاسيما منذ إبرام اتفاق التهدئة، وعلى رأسها مسألة المقاومة وإطلاق الصواريخ المحلية الصنع، أو إن صح التعبير إطلاق صفارات الإنذار الإسرائيلية الكاذبة بين الفينة والأخرى هنا أو هناك، فتكون معياراً وحجةً يُبتز من خلالها الفلسطينيون بإغلاق المعابر التجارية أو تقليص عدد الشاحنات المدخلة إلى القطاع، أمام عشرات الخروقات التي يرتكبها الاحتلال، رصدتها الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي التي تعتبر اتفاق التهدئة مصلحة إسرائيلية تجني من خلالها أرباحاً بالجملة على حد وصفها، هذا النموذج الحي يمكن سحبه أيضاً على قضية الأسرى الذين يخوضون معركة كرامة وعزة وحرية داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية، بعد أن أمضوا بداخله زهرة شبابهم وحياتهم خلف القضبان وزنازين القهر الحديدية وتحملوا عناء التعذيب والإهانة، فعبّروا في أحلك الظروف من خلال وثيقتهم الوطنية حقناً للدماء الفلسطينية التي أهدرت في يونيو العام الماضي، وحرصاً منهم على أهمية الوحدة الوطنية والشراكة السياسية والحفاظ على صمود أهلنا ودعم كفاحه المشروع ضد الاحتلال الهمجي، من أجل أن تبقى القضية الفلسطينية حية تنبض باسمهم وباسم الشهداء والجرحى والمناضلين وكل الغيورين والآمنين على هذا الوطن وترابه الطاهر حتى كنس الاحتلال عن الأرض الفلسطينية. رغم الوحشة والغربة والحنين، وظلام السجن والسجان وسياسة الإذلال والقهر والتعذيب اليومي “الموت البطئ” التي يمارسها الاحتلال ضدهم، حتى تبقى الحركة الأسيرة شعلة كفاح وثورة وعنواناً للشعب الفلسطيني لتضئ لنا طريق بناء الوطن ومؤسساته؛ والتي نبصر من خلالها رغم ظلام السجن الدامس، فهم استطاعوا أن يحددوا ملامح الحرب والسلام وأن يشكلوا ملامح المستقبل والأمل بأن فلسطين باقية رغم ما حدث ويحدث من التفاف وانحراف للمشروع الوطني. واليوم يتجدد الحلم الفلسطيني عندما ناضل الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية مشدداً على انه من حق كل أسير فلسطيني أن ينعم بالحرية، وعاهدهم ألا يغمض لنا جفن حتى يعودوا إلى أهلهم وذويهم، لما يشكلونه هؤلاء من تراث للقضية الفلسطينية وأصالتها التاريخية في النضال والصمود، وقد نجح من خلال الحرب الدبلوماسية وحنكته في فن إدارة الصراع والمفاوضات، بأن يرغم الاحتلال المتصلب في مواقفه لاسيما الساسة من المعارضة الإسرائيلية اتجاه قضية الأسرى، التي وصفها السا
سة بأنها “كسر للمعايير الإسرائيلية السابقة”؛ ومؤشر هام وغير مسبوق بأن يفرج عن عدد لا بأس به من قدامى الأسرى، وعلى رأسهم الأسير سعيد العتبة عميد الأسرى الفلسطينيين، الذي امضي حوالي 32 عاماً خلف القضبان الإسرائيلية, وكذلك الأسير أبو علي يطا الذي أمضى 28 عاماً, والنائب حسام خضر الذي أمضى ستة أعوام في سجون الاحتلال.
سة بأنها “كسر للمعايير الإسرائيلية السابقة”؛ ومؤشر هام وغير مسبوق بأن يفرج عن عدد لا بأس به من قدامى الأسرى، وعلى رأسهم الأسير سعيد العتبة عميد الأسرى الفلسطينيين، الذي امضي حوالي 32 عاماً خلف القضبان الإسرائيلية, وكذلك الأسير أبو علي يطا الذي أمضى 28 عاماً, والنائب حسام خضر الذي أمضى ستة أعوام في سجون الاحتلال.
الحرية لكل أسرانا البواسل القابعين خلف القضبان الحديدية
كاتب وباحث