إن ” المصلحة الشرعية ” مصطلحٌ دقيق في حد ذاته، بدرجة تفوق في غالب الأحيان تصور قصار النظر وضيقي الأفق، بَيْدَ أنه – في المقابل – مرن في استخداماته وحدود تداخلاته، وفي حالةٍ كهذه كان من الطبيعي أن يترتب عليها تبني الجماعات الإسلامية - المتداخلة في منطلقاتها والمتباينة في أساليب عملها – هذا المدلول فيما ترتئيه إزاء طرائق الفكر المعتمدة، وأبجديات القيم المأخوذ بها حيال الوسائل المثلى والمتاحة، نحو الوصول إلى وضع يكون فيه للنظام العادل دولة، وذلك على الرغم من تضاد هذه المشارب وتعارض تلك التوجهات، … والأمر المؤسف الذي يستلزم اعتصار الفؤاد واستدرار الغصة، هو أن بعض هذه الجماعات تتعامل مع هذا الفهم وكأنه قميص عثمان … إذ إنه وبحجة هذا المصطلح يجري التراخي في معالجة مسائل ما كان يتوجب عليهم أن يتساهلوا فيها، وأوّلوا من القضايا التي ما كان ينبغي لهم أن يتأولوا في مسلماتها،… بل ولا يكاد المرء يسأل أولئك النفر عن أمرٍ مشينٍ فعلوه، إلا وتناولوا مصطلح ” المصلحة الشرعية ” بالذكر والإسهاب والتفصيل، والذي أراه أن بعض الجماعات الدينية في وطننا فلسطين، وفي إطار سعيها الحثيث والدؤوب نحو صياغة الأسس الفكرية، أو في تأصيل مرتكزاتها الأخلاقية التي تقوم عليها فلسفاتها، قد أكثرت – بل وأفرطت – من تداولها لهذا المفهوم بشكل يمكن وصفه بالممجوج وغير المقبول.
وبناءً على ما سبق تقريره، فإن الدهشة تنتابني، بل والذهول أحياناً يعتريني حينما أسمع حديثاً يتسم بالتشنج والإحتقان لأحد المعارضين لهذا الإتفاق أو ذاك، وأشد استغرابي إنما يجيء من أولئك النفر الذين يجنِّدون كل ما يحوزون عليه من حبرٍ ومداد، ناهيك عن الألفاظ الرنانة المشربة بالرصانة والمتانة، كيما يثبتوا هشاشة التوقيع على اتفاقٍ ما – جرى يوماً توقيعه مع دولة الإحتلال الإسرائيلي – وعدم جدواه، متناسين استحضار الرؤية الاستراتيجية للأحداث، والإختلال الفاضح في موازين القوى، وذلك برغم مشاركتي لهم الرأي في أن اتفاقاً بتلكم الظروف، وفي ظل ما تم تقريره من انعدام حالة التوازن في القوة، لن يصمد طويلاً، فضلاً عن أنه ليس بمقدوره تحقيق المصالح العليا للوطن، وهو الأمر الذي لا ينكره الموقعون أنفسهم.
إنني هنا لا أقصد عقد مقارنة أو مشابهة بين أي اتفاقٍ جرى توقيعه على امتداد الحقبة التي غطَّت ما يسمى بالصراع العربي – الإسرائيلي من جهة، وصلح الرملة أو اتفاقية يافا من جهة أخرى، بيد أن الذي ابتغي الوصول إليه هو أن موقعي ذلكم الإتفاق في حينه سيجدون كغيرهم كلاماً كثيراً ومعطيات أكثر يقنعون بها عامة الناس وخاصتهم، الذين لا تعنيهم – في لحظات الإستضعاف والإرعواء – التفاصيل التي يكمن فيها الشيطان، ..هذا في الوقت الذي حملت فيه عمائم كثيرة لواء الدفاع عن الاتفاقات الموقعة مع دولة الإحتلال، وبالنظر إلى أن قطاعاتٍ وازنةً في الحركة الإسلامية اليوم تصدر في مواقفها باعتبارها حركة حزبية ليس أقل من ذلك ولا أكثر، فإنها لم تستطع بعد استجلاء الفروق الأساسية والرئيسة بين هذا الإتفاق وغيره من الاتفاقيات التي دوَّنها الموقعون على صفحات التاريخ، متجاهلة حجم الكارثة التي حلَّت بالأمة، إما بسبب الهرولة سريعاً بإتجاه التوقيع مع المحتلين على اتفاقيات هزيلة ومنفردة وغير متوازنة، وإما الإبطاء كثيراًً في التوقيع على تفاهمات أو هدنة أو إعلان مبادئ، إلى حد الإضرار بمصالح الشعب الفلسطيني العليا، ولو أنهم سعوا إلى إقرار حالة يحسم فيها الموقف بشكل يتسم بالحكمة واللباقة، ومتجانفين اعتماد أسلوب العنف الداخلي وخلْق الاحتقانات، لكان في صنيعهم هذا مدعاة للثناء ومجلبة للإشادة.
ويحق لنا – والحال كذلك – أن نتساءل، فنقول:
ألم يخطر ببال المعارضين يوماً لهذا الإتفاق وما أعقبه من توقيعٍ على معاهدات، أن المخالفين سيحاجونهم بمواقف ووقائع دارت رحاها في أحقابٍ غير يسيرة في مسيرة التاريخ الإسلامي الطويلة ؟؟!
ألم يطرأ على خاطرهم إمكانية قيام المخالفين لهم بالاستناد في فعلهم هذا على سيرة الناصر صلاح الدين الأيوبي( ت: 1193م ) وهو المؤسس الحقيقي للدولة الأيوبية التي سقطت في الرابع من مايو 1250م ؟!! وذلك على أرضية رجوعهم في مشروعية توقيعهم هذا إلى سيرة هذا الزعيم أو ذاك الخليفة ؟؟!!
وهب أن المؤيدين للاتفاق قد كانوا ألحن من المعارضين في القول، وأقدر منهم على توظيف الحدث، في حقبةٍ جرى فيها استنزاف قدرات الناس، وأُرهقت فيه أبدانهم ونفسياتهم، واستبان فيها الخذلان والهوان من أبناء الجلدة التاطقين بلغة الضاد، حتى أضحى جلياً أن حلاً كهذا يتناسب من وجهة نظر الموقعين عليه مع الواقع الرديء والمتهافت الذي تحياه قطاعات عريضة من الجماهير اليوم ؟!!
أم هل يجهل المعارضون أن بإمكان المؤيدين للاتفاق التحدث للناس بحديث من شأنه أن يقنعهم بــ ” الآثار الحسنة ” المتأتية من وراء هذا الميثاق وتطبيقه ؟!
وهب أن مؤيدي الاتفاق احتجوا بـ ” صلح الرملة ” الموقَّع في الثالث من سبتمبر 1192م بين صلاح الدين الأيوبي وريتشارد قلب الأسد، وهو الإتفاق الذي كان من المقرر له أن يستمر لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، والذي أعطى الحق للصليبيين بالهيمنة الأمنية على طول الساحل، بدءاً بصور، ومروراً بأرسوف، وانتهاءً بحيفا ؟!! علاوة على أن الاتفاقية نفسها قد قضت بتقسيم اللد والرملة مناصفةً بين صلاح الدين وزمرة المغتصبين لديار العروبة والإسلام !!
وعلى افتراض أنهم ذكروا ” اتفاقية يافا ” التي وقعها الكامل بن العادل – المتوفي في الثامن من مارس لعام 1238م – مع القائد الإمبراطور فردريك الثاني في تمام الثامن عشر من فبراير 1229م، إثر قيام الصليبيين بالهجوم على مصر في الثاني من فبراير 1219م، والتي سلَّم الأول بموجبها كل فتوحات عمه الناصر صلاح الدين الأيوبي إلى الغزاة، بما في ذلك بيت لحم وصيدا والناصرة وغرب الجليل، وشريط من الأرض يخترق اللد وينتهي عند يافا على البحر وبيت المقدس نفسها، عدا قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وأمسى واضحاً في حينه أنه وبموجب ذلكم الإتفاق سيدخل ” الفاتح ” فريدريك الثاني بيت المقدس يوم السبت الموافق17 / 3 / 1229م، وفي اليوم التالي مباشرةً – أي في الثامن عشر من مارس – عمد إلى زيارة كنيسة القيامة، وهكذا مكث الصليبيون وهم يعيثون في الديار المقدسة الفساد، ولم يخرجوا منها إلا تحت ضربات الخوارزميين الشجعان الذين اقتحموا بيت المقدس في الحادي عشر من يوليو 1244م ، وتمكنوا في الثالث والعشرين من أغسطس 1244م من دحر الصليبيين إلى خارجها نهائياً، لتخلوا هذه الأرض المباركة بعد ذلك من أي جيش مسيحي حوالي سبعة قرون، إلى أن دخلها الجنرال اللنبي عام 1917م؛
مع الأخذ بعين الإعتبار أن أجَلَ الاتفاقية ينقضي بعد عشر سنوات بالتقويم المسيحي، أي عشر سنوات وخمس شهور بالتقويم الهجري، فضلاً عن أن الكامل لم يكن مضطراً في الأصل لارتكاب هذا الفعل الدنيء، ناهيك عن أن الطاغية المذكور – وأقصد هنا قائد الحملة الصليبية – كان من بين الذين صدر بحقهم قرار بالحرمان من البابا جريجوري التاسع شخصياً، وما جاء إلى بلاد المسلمين إلا استجابةً لدعوةٍ من الكامل بن العادل، الذي استنجد بدوره بهذا القائد الفرنجي ليتقوى به في نزاعه مع أخيه المعظم الذي فارق الحياة قبل وصول الحملة الصليبية، ولم يكن للكامل حينذاك أدنى حاجة إلى معونة أحد، سيما بعد استيلائه على كل ممتلكات أخيه المتوفى في الحادي عشر من نوفمبر1227م، …وعن ردة الفعل العربية والإسلامية حيال التوقيع على تلكم الإتفاقية، يقول ابن الأثير في ” الكامل في التاريخ ” ج9، ص378:
” في سنة ست وعشرين وستمائة تسلم الفرنج بيت المقدس، واستعظم المسلمون ذلك وأكبروه، ووجدوا له من الوهن والتألم ما لا يمكن وصفه “ .
… ترى ماذا بوسعنا أن نقول بحق هذه الاتفاقية وحق الموقعين عليها ؟؟!!
إننا لن نجانب حقيقة، كما ولن نجافي صواباً إذا ما قلنا:
إنه إذا ما غضضنا الطرف عن القضية الأساسية التي تنحصر في طبيعة الأيديولوجية التي تضبط بدورها التصورات، وتحكم المعايير، وتحدد ماهية الممارسة السياسية فيما بعد، فبإمكاننا أن نقرر وبكل بساطة – بعد أن نكون قد جردنا الاتفاقيتين من كل شيء إلا النصوص الموقع عليها – أن اتفاقية يافا كانت أشد وطأة علينا – وبكلِ المقاييس – من اتفاقيات كان قد وقعها شعبنا الفلسطيني مُمثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية، لكن ينبغي علينا أن نقرر في الوقت ذاته أن مربط الفرس هنا ليس في أن مثل تلك الإتفاقيات بمقدورها أن تحقق المصلحة العليا للوطن أم لا؟! فهذا أمر يكثر فيه الجدل، وتتشاجر فيه الآراء، وتتباين فيه الرؤى، .. بل بقدر معرفة كنه أولئك الذين سيقومون على سياسة شئون الناس، هل سيحكمون بالحق والعدل أم لا ؟!! هل يؤمنون بحرية القلم والتعبير أم لا؟؟!! هل تتضمن حقيبتهم السياسية مبادئ رائدة كالفصل بين السلطات والتداول في الحكم أم لا؟؟!! هل يحتكمون في خلافاتهم الداخلية مع شركاء لهم في الوطن إلى السلاح وإراقة الدماء، عوضاً عن لغة البيان وإقامة الحجة أم لا؟؟!!
إن ما تقوم به بعض الجماعات الفاعلة على الساحة الفلسطينية في محاولاتها إلصاق قرائن الفشل الذريع بهذا الاتفاق، ثم صب جام الغضب على هذا الحدث دون غيره من القضايا والإشكاليات، إنما هو في واقع الأمر مح
اولة بائسة تهدف إلى لَيْ عنق الحقيقة، والالتفاف على المسلمات اليقينية، ثم تسويق ظاهرة البطالة والفقر وسوء الخدمات والافتقار إلى البنية التحتية على أنها نقاط الخلاف الرئيسة التي تميز القائمين على تطبيق الاتفاق عن طموحات وآمال الاتجاهات الدينية في فلسطين اليوم، .. إن الذين يزعمون ذلك ثم يخلطون الأوراق، فيذكِّروننا – بعد سنوات من تحول مسيرة النضال الفلسطيني الوطني إلى كيانٍ ناشئ – بنظرية ” التوحد مع المعتدي ” التي تحدث عنها فرويد، هم أنفسهم سيدعون خلافه في سنوات عجاف، نرى فيها الأنياب تنهش، والجمرات وهي تحرق، والزنازين بينما هي تلتهم، عندئذٍ تتضاءل الخيارات التي في حوزتهم، لتتراوح ما بين البقاء عاكفين على مطالعة كتاب ” دعاة لا قضاة “، أو العودة – بعد فوات الأوان – إلى الرشاد والسداد، لكن المشكلة أن الجماهير في حينه لن تصدقهم في شيء من ذلك كله، لأن نخب المجتمع المستنيرة ستعتبر أن الموقف الأخير جاء كردة فعل مع ما استجد من حقائق على الأرض، وتبدُّلٍ في موازين القوة، أضف إلى ذلك أنه يتعارض مع ما يقرره هؤلاء الزعماء بين الفينة والأخرى من تصريحات متضاربة أو عفوية، أو قل إن شئت غير مسئولة.
اولة بائسة تهدف إلى لَيْ عنق الحقيقة، والالتفاف على المسلمات اليقينية، ثم تسويق ظاهرة البطالة والفقر وسوء الخدمات والافتقار إلى البنية التحتية على أنها نقاط الخلاف الرئيسة التي تميز القائمين على تطبيق الاتفاق عن طموحات وآمال الاتجاهات الدينية في فلسطين اليوم، .. إن الذين يزعمون ذلك ثم يخلطون الأوراق، فيذكِّروننا – بعد سنوات من تحول مسيرة النضال الفلسطيني الوطني إلى كيانٍ ناشئ – بنظرية ” التوحد مع المعتدي ” التي تحدث عنها فرويد، هم أنفسهم سيدعون خلافه في سنوات عجاف، نرى فيها الأنياب تنهش، والجمرات وهي تحرق، والزنازين بينما هي تلتهم، عندئذٍ تتضاءل الخيارات التي في حوزتهم، لتتراوح ما بين البقاء عاكفين على مطالعة كتاب ” دعاة لا قضاة “، أو العودة – بعد فوات الأوان – إلى الرشاد والسداد، لكن المشكلة أن الجماهير في حينه لن تصدقهم في شيء من ذلك كله، لأن نخب المجتمع المستنيرة ستعتبر أن الموقف الأخير جاء كردة فعل مع ما استجد من حقائق على الأرض، وتبدُّلٍ في موازين القوة، أضف إلى ذلك أنه يتعارض مع ما يقرره هؤلاء الزعماء بين الفينة والأخرى من تصريحات متضاربة أو عفوية، أو قل إن شئت غير مسئولة.
إنني هنا لا أبتغي استهانة بمزالق هذا الاتفاق، أو الاستخفاف بمخاطره وتداعياته، لكن يجب ألا ينسى أحدٌ أنه لا يعدو – هو وغيره – إلا أن يكون عرضاً أو إفرازاً لحالة تعيشها الأمة عامة والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص، وإن كل الذي أهدف إليه هو ضرورة وضع اليد على لب الموضوع، وجوهر الخلاف أولاً وقبل كل شيء، ألا وهو تحكيم النظام السياسي العادل في فلسطيننا الحبيبة، والتسليم بمقتضيات هذا المسعى، وبث روح العدالة والحرية في أرجاء الوطن، والذود عن حياض الثوابت الوطنية التي فرطنا في معظمها دون أن ندري أو نستبصر، ناهيك عن وجوب اجتثاث كل عوامل التجزئة وبواعث التغريب التي قطّعت أوصال الوطن الواحد إلى شظايا ومتناثرات، والتي ما أفرزت لنا إلا انسلاخاً عن التراث، وطَمْساً للهوية، ودَوْساً على الكرامة، وضياعاً للحقوق، ثم ضرورة معالجة كل الأوضاع والملابسات التي أودت بنا نحن الفلسطينيين إلى إستمراء حالة الشقاق والتشظي التي ازدادت تجذراً ورسوخاً في الآونة الأخيرة، حتى نالت من نسيجنا الإجتماعي، فضلاً عن أنها طالت وحدتنا الوطنية التي لم تغادرها إلا بمزيدٍ من التمزيق والإنقسام والإهتراء،… ثم لا علينا بعد ذلك إذا ما ناقشنا هذا الإفراز أو ذاك العرض، أما أن نقوم في عهد الإستضعاف بالحديث عن القواسم المشتركة، والترويج لنداءات الوحدة الوطنية، والتنظير لمبادئ الشراكة واحترام الرأي الآخر، كي يتسنى لنا الولوج إلى مواقع يتاح لنا فيها المشاركة في اقتسام ” الكعكة “، وإذا ما دخلنا مرحلة ” العزة والمجد والسؤدد” تطاولنا على العباد، وانقلبنا على الحريات، بعد أن نكون قد أخرجنا من جعبتنا مصطلحات التخوين والتفسيق، وإلصاق صفة ” الدموية ” بكل من خالفنا، ليستبين لنا فيما بعد أن ذلك التجييش الإعلامي المتعاظم إنما كان توطئة لمرحلةٍ قُدِّر فيها لدماء الأخوة الأشقاء أن تهراق، وللمقدَّرات أن تُنْهَب، بينما نرقبُ عجلة التاريخ وهي تُدْفَع قدماً للهروب صوب شطب ذاكرة شعب بأكمله إبان مرحلة التحرر الوطني الطويلة في أدنى من ليلةٍ وضحاها، …فهذا بطبيعة الحال إنما هو خلط مريب في لغة الخطاب الذي كان يتعين عليه التحلي بادئ ذي بدء بالجلاء والشفافية، وخفض الجناح لأبناء هذا الوطن، والرفق بالناس والبر بهم، والحلم على من جهل، والأهم من ذلك كله الزهد في الإستئثار بأعنة الحكم، والإستمساك بزمام الأمور.
إن التلهي بتوافه الأمور وصغائر المثالب لن يكون إلا على حساب القضية الرئيسة التي نحتكم إليها جميعاً، والتي من خلال ملامحها وضوابطها يعرف الثائر من الإنهزامي ..! الأمين من الخائن ..! ذو الكفاءة من الرويبضة ..! كما أن اتباع سياسة تهميش الأولويات والتضبيب في الرؤى سيحصد المتخبطون من ورائها شوكاً قبل أن يجني غيرهم من وراء هكذا سياسات ثماراً … إلا يقلعوا فإنه لا سبيل إلى وضوح السمات، وتبديد الأوهام، وانفراط عقد اللبس والغموض.
إن المحاولات المستميتة والمبذولة من قبل بعض التيارات الفاعلة في الساحة الفلسطينية، والتي تهدف إلى التركيز على تبيان مساوئ هذا الاتفاق، وما تلاه من اتفاقات وتفاهمات، بوصفه قضية العرب المركزية في اللحظة التي يجري فيها تجاهل ما هو أعظم وأهم، إنما هي محاولات شائهة ومشوِّهة وغير مجدية، تصدر عن أناسٍ احتضنوا سياسة تهميش الأولويات، والولوغ في التناقضات، والتمرغ حتى الثمالة في ارتكاب الأضداد، ناهيك عن الهروب من الحقائق الناصعة، والإلتفاف على الجليات المعلومة، والتي يفضي غيابُها بالضرورة إلى سطحيةٍ في التفكير، وضحالةٍ في الفهم والتصور، وقصورٍ في الحسابات، و” نمردة ” في غير محلها، وإن غداً لناظره قريب ..!!!
العنوان البريدي