أعلنت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي أنها تفضل إجراء محادثات مباشرة مع أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، ضمن جهود بلدها لمعالجة “التهديد الإرهابي” الذي يواجهه العالم.
جاء ذلك في خطاب ألقته الوزيرة أمام مؤتمر بالعاصمة برن الإثنين 25-8-2008، ضم السفراء والقناصل ورؤساء مكاتب الاتصال السويسريين المعتمدين في الخارج، وقيمت فيه أداءهم في تطبيق مبادئ الدستور السويسري في التعامل مع العالم الخارجي.
وبالرغم من علامات الدهشة والاستنكار التي علت وجوه متابعيها، مضت ميشلين قائلة: “عليكم أن تتحدثوا إلى الشخصيات السياسية ذات الوزن الثقيل في العالم، حتى لو كانت غير مرغوب فيها”.
وواصلت: “تحدثوا معهم حتى إن وصل الأمر حد أن تجلسوا معهم (الشخصيات غير المرغوبة) على طاولة واحدة، حتى إن كانت هذه الشخصية هي أسامة بن لادن”.
وبخلاف الكثير من دول العالم، فإنه ليس لدى سويسرا قوائم حظر لمنظمات بتهمة الإرهاب أو غيرها، ومن بين المنظمات التي أشارت الوزيرة إلى إمكانية التحاور معها؛ للمساعدة على حل الصراعات في العالم: جماعة حزب الله اللبنانية، والقوات الثورية المتمردة “فارك” الكولومبية، ومتمردو التاميل في سريلانكا، و”جيش الرب” في أوغندا.
وبررت ميشلين رأيها بأن “سويسرا تسعى دوما إلى مواصلة الحوار وحل المشاكل بثقافة الحوار والحيادية التي نص عليها الدستور الفيدرالي؛ ومن ثم عليها أن تراعي في سياستها الخارجية مبادئ دستورها”.
واعتبرت أن القوة الوحيدة التي تتمتع بها سويسرا “هي قوة الانفتاح والتعاطي مع المشاكل العالمية بروح التفهم”، مضيفة أن “سويسرا أخذت على عاتقها الالتزام بالمبادئ الإنسانية، وتطبيق اتفاقيات جنيف في مناطق النزاعات”.
وسيرا على هذا النهج تستضيف سويسرا العديد من مفاوضات حل النزاعات الدولية، مثل محادثات التوفيق بين القبارصة اليونانيين والأتراك التي جرت برعاية الأمم المتحدة، والمفاوضات بين حكومة سريلانكا والمتمردين التاميل.
إساءة فهم
ومع تشديدها على أهمية التلاقي والتحاور مع المنظمات المتهمة بتفجير صراعات في عدة مناطق بالعالم، نبهت الوزيرة السويسرية إلى أن أي حوار مع هذه المنظمات “لا يعني في حد ذاته القبول بما هو غير مقبول”.
وأقرت بأن هذا الحوار يتسبب أحيانا في توترات سياسية بين سويسرا وعدد من الدول التي تضم هذه المنظمات، بسبب عدم “فهم تلك الدول لمقاصد السياسة الخارجية لسويسرا”.
ومن أحدث المشاكل السياسية التي واجهتها برن توتر علاقاتها مع كولومبيا الشهر الجاري، بعد التدخل السويسري كوسيط لإطلاق سراح رهائن محتجزين لدى القوات الثورية المتمردة “فارك” التي تخوض صراعا ضد القوات الحكومية الكولومبية.
وخلال عملية الوساطة اتهمت كولومبيا الوسيط السويسري، جين بيير جونتارد، بالتحيز لـ”فارك”، وتسليمها 500 ألف دولار كفدية مقابل إطلاق سراح اثنين من موظفي إحدى الشركات المحتجزين لدى “القوات الثورية” منذ عام 2001، وهي تهمة تنفيها برن.
وتتبنى وزيرة الخارجية السويسرية سياسة “الانفتاح أكثر على العالم”، بحسب تعبيرها، منذ توليها منصبها، وشددت في مؤتمر الوزارة لدبلوماسييها في عام 2005 على أن الحياد الذي تتميز به سويسرا في تعاملها مع العالم الخارجي “لا يعني الصمت أو تجاهل ما يحدث من انتهاكات”.
ونبَّهت إلى أن الاهتمام بتهدئة مناطق الصراع في العالم يصب في صالح سويسرا، معتبرة أنه “في عصر العولمة، يمكن لصراعات تبدو بعيدة أن يكون لها تأثير مباشر على سويسرا، ولأخذ مصالحنا بعين الاعتبار يتطلب الأمر إسماع صوتنا، وإبداء تعاوننا في التوصل إلى حلول بناءة”.