كنت أتحدث للتو مع صديق وزميل من مصر ” أهل الكنانة “ وكان غاضباً وحزيناً جداً من جراء حوار جرى بينه وبين السيد غازي فخري المستشار الثقافي لدولة فلسطين بمصر حول الثقافة الفلسطينية ودور المؤسسات الفلسطينية في تفعيل دورها في خدمة الثقافة الفلسطينية ، وحين سأله صديقي : لماذا لم تقم هذه المؤسسات لغاية الآن بتقديم أي دعم لـ منير مزيد ؟
فكان رد المستشار أنا لا أعرف كاتب فلسطيني بهذا الأسم ، مما أثار استغراب صديقي ولزم الصمت.
قص صديقي هذه الحادثة علي وعلى الحوار الذي جرى بينهما ،معرباً عن استغرابه ودهشته من رد المستشار الثقافي ، فسألت صديقي : ما العجب والغرابة في ذلك؟ .
قال : أنا اتفهم لو جاء هذا الرد من مواطن عادي ، اما من شخص يتقلد منصب المستشار الثقافي فهذا غريب جدا.
قلت : هدئ من روعك يا صديقي ، وهل تعتقد بأن هناك أي فرق بين رجل يبيع الخضار في سوق شعبي وبين شخص يتقلد منصب مستشار ثقافي ، وربما بائع الخضار يعرف بالثقافة أكثر من مستشار أو حتى وزير الثقافة نفسه ، على العكس تصريح المستشار الثقافي يسعدني جدا حين لا يعرفني هؤلاء ، فهذا أن دل على شيء انما يدل على أنني إنسان حر ولم أكن يوما فردا من العصابات السياسية أو الثقافية العربية .
فلا تتعجب ، هنا على سبيل المثال في رومانيا ، كان جلَّ عمل المستشار الثقافي الفلسطيني في سفارة فلسطين هو حل الخلافات التي تقع بين التجار الفلسطينين أو حل الكلمات المتقاطعة ، والأكثر غرابة ، لو طلب منه تعداد أسماء 5 أسماء لكتاب عرب ، لعجز عن ذلك ، وفوق ذلك كله ، لا يعرف أسم أديب أو شاعر روماني مع أن أسماء الشوارع والمتاحف والمسارح وقاعات الأدب في الجامعات والمعاهد تحمل أسماءهم .
وهنا سفير عربي لدولة نفطيه غنية جمع حوله صبية من شباب تحلم ان تنخرط في مجال الإعلام، ما كان أمام سعادة السفير إلا احتضان هؤلا ء بشرط تقديم ولاء الطاعة له ، تحت شعار خدمة الثقافة العربية وكأن الثقافة العربية تتمحور وتتمركز حول هذا السفير، وهذه الخدمة بالحقيقة ليست إلا لتلميع صورة هذا السفير من خلال الترويج الإعلامي الكاذب من خلال الحديث عن المنجزات الدينكوشوتيه لهذا السفير وهو نفسه كان يساومني ، ظنا منه إنه قد يشتريني ، لهذا تم توكيل مهمة التلميع لهؤلاء الصبية لانهم مستعدون فعل أي شيء مقابل ان تظهر أسماءهم في صحيفة حتى ولو كانت إحدى الصحف الصفراء لا يهم اللون ، المهم الظهور والتباهي بأنهم قد أصبحوا بين ليلة وضحاها نجوما إعلاميين .
هذه المناصب يا صديقي ، وزير ، سفير ، مستشار ما هي إلا غنائم توزع بين افراد هذه العصابات تكريما لهم على احترافهم فن النفاق أو اللصوصية حالهم مثل بيت شعر قلته في احداث غزة .
غزة، يا عنيدة ، تنامين وحدك تحت سماء الحريق
أود لو تفتحي طرف ردائك
و تطلقي سراح كل عصافير الانسجام
وطني مركب في بحر لجي
تخلى عنه ملاحوه….
أود لو تفتحي طرف ردائك
و تطلقي سراح كل عصافير الانسجام
وطني مركب في بحر لجي
تخلى عنه ملاحوه….
فيا أخي ويا صديقي لا تحزن ، نحن أمة تركت نفسها لمجموعة من النصابين ، واللصوص ، والسماسرة تدير شؤونها ومستقبل أجيالها القادمة ، وماذا كانت النتيجة ، فقر ، بطالة ، تخلف ، قهر
وإنتشار ظاهرة الدعارة الثقافية والسياسية والإعلامية والإجتماعية في مجتمعاتنا العربية حتى باتت الدعارة فنا وجزءاً من تقافتنا لكي تنتعش وتخرج من غرف الانعاش مما دفع شبابنا إلى الانتحار اما في قوارب الموت أو تفجير أنفسهم ، ليتحول شبابنا من قوة إنتاجية إلى قوة تدميرية نتيجة فقدان الأمل واليأس التام. ولا أحد يلتفت لهم أو يكترث إلى احتياجاتهم وتركوا بيد مجموعات درويشية خرجت توا من كهوفها ، تريد إعادة الزمن الف سنه ضوئية تحت شعارات تسيء لكل القيم
الاسلامية .
ولو فتح ، يا صديقي ، ملف اغتيالات الكوادر الفلسطينية ، لوجدنا بأنهم ما قتلوا إلا ببندقية فلسطينية ، حتى شهيدهم وزعيمهم الخالد ” ياسر عرفات ” لم يسلم من الاغتيال السياسي ، وكما يقول المثل الإنجليزي ، من عاش بالسيف يموت بالسيف ، للأسف ما زال فينا أشخاص تطبل وتزمر لهؤلاء المرتزقة ، طبعا ، ليس ايمانا بهم ، انما المصلحة الشخصية والمنفعة الذاتية على حساب مصلحة الشعب ، وقضية فلسطين ما هي إلا بقرة حلوب يحلو لهم حلبها على حساب هذا الشعب المظلوم الذي وثق في فلسطينيتهم لتخليصهم من بشاعة الاحتلال الصهيوني ولكنهم في الحقيقة ،صورة ابشع من الصهيونية ، ولن تتحرر فلسطين إلا بعد طردهم ومحاكمتهم على كل الجرائم التي اقترفوها
بحقنا وبحق أهلنا وبحق كل الأجيال القادمة .
بحقنا وبحق أهلنا وبحق كل الأجيال القادمة .
إذن ما صرح به هذا المستشار اعتبره وسام شرف معلقا على جبهتي ، أعتز به أمام أصدقائي الكتاب والشعراء الاوروبيين، بأنني لست صناعة عصابات أو كما قال لي صديق ، كاتب عراقي : طموح شاعرنا العربي كان ولا زال أن يصير شاعر السلطان وشاعر الأمير، ولم يحقق أي تقدم من شاعر القبيلة ومحاميها إلى شاعر الحزب وبالتالي لا احلم بأن أكون إلا ما اراده الله لي ، مواطن يعشق الجمال ويتعفف عن ما حرمه الله ولا يكثرث بما يعشش في فكر بني الأعراب ولا اتطلع بأن اكون شاعرهم أو خطيبهم أو فارسهم بل شاعر للعصافير والفراشات وازهار الياسمين .