ميساء البشيتي
هناك حيث يعم الدفء أرجاء القلب ، حيث تسترسل المشاعر وتنساب كشلال ماء ٍ صاف ٍ ، حيث تجلجل الضحكات ، حيث تهوي الدمعة بكل جرأة على أسئلة حائرة فتجيب عن ألف علامة استفهام .
هناك حيث تتعانق المهج وتتخاطر الأرواح ، حيث تتدفق الكلمات عارية من القيود لتلتقي عند نقطة حب لا تحيد عنها ولا تنحرف .
هناك حيث استلقي على أكف أحبتي وأخلع همومي وألقي بها إليهم وأداعبهم في قلب ٍ خال ٍ من الأوجاع فتتزلزل الأرض من صدى ضحكاتي وطول أحاديثي ومشاكساتي .
هناك حيث تحتضنني أعينهم وتنعشني أنفاسهم وتشجيني وتطربني همساتهم وتضمني أفئدتهم العامرة بالحب والحنين وذكريات لا نملّ تصفحها
وحكايات لا نتعب من ترديدها .
هناك حيث كل شيء له مذاق آخر، قهوة الصباح والظهيرة ، جلسات القيلولة ، أكواب الشاي بعد صلاة العصر ، سهرات المساء وحديث ما قبل النوم في تلك الحجرات الصغيرة .
وهناك أيضا ً حانت ساعة الرحيل ، وتجددت لحظات الوداع ، انهمرت الدموع وبدأت حلقات الاستنكار وضاق الأفق فلم يعد يتسع لحقيبة يد.
كيف لبست قناع الجرأة وحملت حقيبتي ؟ لا أدري .
كيف غادرتهم ؟ لا ادري .
هل غادرت ؟ لا أدري .
هناك حيث غادر كل شيء وبقيت معلقة في الأرجاء روحي .