فجرت تسمية المرشح الديمقراطي المفترض للانتخابات الرئاسية الأمريكية، باراك أوباما، للسيناتور جو بايدن، لمنصب نائب الرئيس السبت، موجة سخط عارمة بين أنصار منافسته السابقة هيلاري كلينتون، لعدم اعتباره سيناتور نيويورك للمنصب. ويأتي الغضب رغم ترحيب كلينتون بترشيح بايدن للمنصب في بيان جاء فيه: “السيناتور أوباما يواصل إتباع أفضل تقاليد اختيار نائب الرئيس، باختياره قائدا قويا واستثنائيا ومخضرما.. السيناتور بايدن سيكون نائب رئيس فاعل، وسيساعد السيناتور أوباما في الفوز بالرئاسة وحكم هذه البلاد العظيمة.”
وقالت ساندي كرولي، محللة إستراتيجية عملت سابقاً في حملة كلينتون: “لنضع جانباً قوله السابق إن كلينتون يجب أن تكون على لائحة أي شخص، ولنركز على الجانب السياسي منه حيث لم يلحق رُبع الموالين لكلينتون بالركب بعد.. عدم إظهار أخذ كلينتون بجدية غباء تام.”
ويثير استبعاد كلينتون كلياً من السباق الرئاسي، مخاوف من إحجام أنصارها من التوصيت لصالح المرشح الديمقراطي في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني.
وكان عدد من المراقبين السياسيين قد أستبعد، في وقت سابق، اختيار أوباما كلينتون لمنصب نائب الرئيس نظراً للتأثير السلبي الذي قد تحمله شخصية سيناتور نيويورك المثيرة للخلاف، على شعار التغيير الذي يرفعه المرشح الديمقراطي المفترض.
وإلى ذلك، قال أحد كبير مستشاري سيدة أمريكا السابقة للشبكة إن معسكر كلينتون “غاضب” بشأن كيفية اختيار المرشح لمنصب نائب الرئيس.
وأضاف المصدر: “أكانوا يعتقدون أن أنصار كلينتون غاضبون قبل ذلك؟.. إنهم غاضبون الآن بحق.. كنا نعلم أن ذلك لن يتحقق مطلقاً ولكن كان عليهم إظهار ذلك على الأقل.”
ومن جانب آخر، ردد الإستراتيجي السابق بحملة كلينتون، بول بيغالا، ذات التصريحات الغاضبة، مضيفاً: “اعتقد أن الكثير من أنصار هيلاري سيتوقفون لبرهة للتساؤل حول تصريحات أوباما السابقة بأنها ضمن الأسماء المرشحة للمنصب، إلا أنه لم يتصل بها ولم يطلب مشورتها، أو نصيحة الرئيس السابق كلينتون.”
ويشار إلى أن مسحاً أجرته CNN و”أوبينون ريسيرتش كورب”، في مطلع يوليو/تموز الفائت اظهر استنكاف أنصار كلينتون عن التصويت لصالح المرشح الديمقراطي.
وأظهر الاستطلاع، حينئذ، تزايد أعداد أنصار كلينتون ممن قالوا إنهم سيحجمون عن الاقتراع عوضاً عن الإدلاء بأصواتهم لأوباما، في مؤشر يعكس الشرخ الذي أحدثه السباق الماراثوني الديمقراطي لاختيار مرشح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية.
إلا أنه أظهر كذلك تراجع أعداد أنصار كلينتون ممن يخططون للانشقاق إلى معسكر المرشح الجمهوري، عن شهر يونيو/حزيران.
وكان استطلاع آخر للرأي نفذته CNN و”أوبينون ريسيرتش كورب” في مطلع يونيو/حزيران الفائت، قبيل إنهاء كلينتون رسمياً لحملتها الانتخابية، قد بين أن 60 في المائة من أنصارها يخططون للتصويت إلى أوباما، إلا أن المسح الأخير أظهر تراجع تلك الفئة إلى 54 في المائة.
وبحسب المسح الأول، قال 22 في المائة من أنصار كلينتون إنهم سيحجمون عن التصويت لصالح أوباما حال اختياره مرشحاً للحزب الديمقراطي، وارتفع المعدل إلى الثُلث وفق الاستطلاع الأخير.
ويجب التنويه إلى أن هناك هامش خطأ بنسبة 7.5 في المائة حول هذا السؤال، ما يعني أن نتائجه ليست بالقاطعة.
وفي مؤشر آخر على أن الحزب مازال يلعق الجراح التي خلفها السباق الماراثوني بين مرشحيه، قال أربعة من كل عشرة ناخبين ديمقراطيين مسجلين، إنهم يفضلون كلينتون لخوض المنافسة نحو البيت الأبيض، بارتفاع عن 35 في المائة كما أظهر المسح الأول. (هناك هامش خطأ بواقع 4.5 في المائة في هذا السؤال)
وإجمالاً، كشف المسح الأخير أن أنصار كلينتون مازالوا حذرين في دعم المرشح الذي أقصاها عن السباق الرئاسي.
وطالبت كلينتون بكلمة في يونيو/حزيران أنصارها تأييد أوباما في حملته لبلوغ البيت الأبيض، قائلة إنّه ينبغي “جمع طاقتنا وشغفنا وقوتنا والقيام بكل ما نستطيع لمساعدة باراك أوباما.”
معسكر أوباما: بايدن تم إخطاره الخميس
وإلى ذلك، قال الناطق باسم المرشح الديمقراطي المفترض، بيل بيرتون، إن بايدن تم إبلاغه باختياره لمنصب نائب الرئيس لخوض السباق نحو البيت إلى جانب أوباما، الخميس.
وأضاف بيرتون: “نحن مسرورون لانضمامه إلى فريقنا.”
وأثار اختيار سيناتور ديلاوير تساؤلات بشأن قدرات أوباما على تطبيق رسالة “التغيير” على أرض الواقع إلى جانب سياسي واشنطن المخضرم.
ويحمل بايدن، الذي تولى أثنين من أهم مناصب واشنطن: رئيس اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ سابقاً، والرئيس الحالي للجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، معه خبرة واسعة في السياسة الخارجية والشؤون الداخلية لسد نواقص المرشح الشاب، الذي يصبو لأن يصبح أول رئيس أمريكي أسود.
كما يعد السياسي المخضرم، من أول وأقوى الصقور المناوئة لإدارة الرئيس جورج بوش، حول السياسية الخارجية، تحديداً حول حرب العراق، رغم علاقته الشخصية بالحرب، إذ يشارك ابنه جوزف “بو” بايدن المدعي العام لديلاوير، في الحرب، كنقيب في الحرس القومي.
ويرى بعض المحللين إن خبرة بايدن، 65 عاماً، الواسعة التي تمتد لـ36 عاماً، قد تتعارض مع شعار أوباما للتغيير.
وأختير بايدن لمجلس الشيوخ في سن الـ29 عاماً في 1972، وقرر لوهلة اعتزال العمل السياسي بعد مقتل زوجته وابنه في حادث سيارة ، إلا أنه قرر المواصلة.