وليد رباح
أنت تهلوس .. اذن فانت كاتب ( الكاتب)
وكاتب على وزن كاذب . واضافوا اليها كاعب . والكاعب هي الحسناء التي تمشي ويرقص ردفاها يمينا وشمالا كالاوزة الجائعة . وما جمعهما ان الاول يؤلف القصص والروايات ويبتدع خياله الكذب على انواعه .. والكذب حبله قصير كما قالت جدتي . والثانية تترقص وتتراقص عندما تمر امام المقاهي فيقف الرجال على ايديهم وارجلهم تطوح في السماء لالقاء نظرة على الردفين من اسفل . وهي كاذبة اذ ربما كان ردفاها محشوان بالقطن الطبي او الاسفنج او المحزق كي تظهر على غير حقيقتها .. ولربما كان جسدها الفائر مدهونا ببعض الزبدة فهو اما شايط واما محروق واما مكرمش او متهدل .ولقد احسن شاعر مصري وصفها فقال فيها بيتا يغني عن كتاب اذ قال 🙁 وضامرة بكفي احتويها .. وفارعة لقامتها اشب) . واني لموقن ان الاسترسال في هذا الوصف جميل . ولكني اخاف سلاطة السنة الذين يدافعون عن الفضيلة فيتهمونني بالمراهقة المتأخرة . وخشية من الاصحاب الذين يتهمونني باني زير نساء وقد أخذ العمر أحسن ما يمتلكون فغدو ( طواشا) لا ينفعون ولا يستنفعون. ولو بقي فيهم بعض الخير لما ظلت البصبصة تلازمهم حتى ذهابهم على المحفة الى اقرب مقبرة ..
والكاتب كمايدعي البعض غير الصحفي او الصحافي . فالاول كاذب وعلمنا ذلك . اما الثاني فهو اكذب الكذابين ملفعا ببعض الذكاء . فعندما لا يجد مايكتبه عن الناس فان خياله يستنبط له خبرا مثيرا لا وجود له الا في مخيلته..فان كان خبره ( اليقيني) عن المشاهير قامت الدنيا عند صدور الجريدة التي يعمل فيها . اما ان كان عن النكرات فان سرعة النسيان لا تبقي في الخيال سوى هلاميات تنسى في لحظتها . وقد قال الله تعالى في الصحافيين (واني لاعتقد ذلك) اذ قال رب العزة : أيحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه ..
أما موقع الشاعر في هذه المعمعة فهو أخ للشيطان . ورفيق للمردة والعفاريت والسحرة .ولا اريد ان اصفه كما وصفه رب العزة . فهو يصنع من ماء البحر ( طحينه) ومن السماء زهورا متفتحه. ومن القبيحة اجمل الجميلات . ومن النجوم ورودا يهديها لحبيبته التي يبتدعها ولايراها الا في احلامه. ولكنه والحق يقال . يستطيع ان يقلب لك الدنيا فتراها كما يراها . فترى رغيف الخبز كأنه قمر في منتصف النهار . وترى البيت الحقير كأنما هو قصر يعلو السحاب .. وزير الماء يصفه وصفا دقيقا بحيث تتمنى ان تخلع ملابسك للسباحة فيه . أما وجه الحبيبة فحدث ولا حرج .. فهو يراها في كوب الماء الذي يشربه . وتجلس امامه في داخل وردة جورية مبتسمه . فاذا ماجاءته الصحوة( وهي غيركتائب الصحوة العراقية) فانه يرى الاشياء على حقيقتها !!
ولقد مضت فترة من الزمان في السبعينات من (قرننا) الماضي تحول الكتاب فيها الى شعراء. فأكل بعضهم الشمس وشرب اخرون القمر وفئة ثالثة اصبح اعوجاج الكلمات والجمل فيما تكتب عربونا للشهرة . كأن يقول لك الكاتب مثلا ان وجه حبيبتي قد تحول دون سابق انذار الى لطعة بقرية زكية الرائحه . أو لمستها فتحول جسدها الطري الى قطعة من السمنة البلدية ساحت بين راحتي .. أو عبرت الى سلم المئذنة فرأيت الجنة تقبع في اعلاها .. صعدت ثم صعدت فاذا بي اقع على قفاي لاني لم اجد فيها سوى الهواء .. وجاءت فترة اخرى من الزمان في هذا الزمان فاذا الشعراء يتحولون الى كتاب .. كأن يرقعك ( المتشاعر ) مثلا قصيدة لا تعرفها ان كانت مقالة او مداخلة نفسية أو هلوسات مجنون .. يرفع فيها المنصوب ويجر المرفوع وينتقي كلمة غير مفهومة تناسب الوزن حتى لا تضيع السكرة ( الفنية) ثم يغضب غضبا شديدا لانك لم تنشر قصيدته .. وهات يا ردح لانك لا تقدر الادب والشعر والصحافة بل وحتى موازين الاخلاق .والانكى من كل ذلك ان البحتري الى جانبه قمىء .. والمتنبي سرق شعره من فحول الجاهلية .. والمعري عرة ذلك الزمان .. وامرؤ القيس طالب وظيفة ..وولادة بنت المستكفي التي اوحى جمالها باجمل ما في الشعر العربي فقد كانت سفيهه . حتى شعر رابعة العدوية غدا في نظره من مخلفات عصر الدخان .
صديقي من تقرأ هذه الهلوسات .. دلني على اسم الشيطان الذي اوحى اليك ان تكون كاتبا .. او شاعرا او متشاعرا أو حتى أديبا .فان بيني وبينه ثأر لا يستريح صدري الا اذا طعنته ، ولا تستقيم دقات قلبي الا اذا عجنت وجهه . ولا يهدأ لي بال ولا يستقر لي قرار الا اذا حبسته في قمقمه ورميته ( مع ثقالة) الى اعماق البحار .. ومع كل ما اكتب فان اجمل الشعر اكذبه . وان أروع الروائع ما صدر عن فقراء الكتاب .. وان اجمل الصحافيين هو الذي لا يكذب ولكنه يتجمل .. وان اجمل الرسامين من قطع اذنه واهداها في مغلف ( مسوكر) الى محبوبته التي قالت : ما بال اذنه كبيرة هكذا !!
وتصبحون على خير