بقلم ناصر ثابت
استطاعت الحركة المجرمة حماس ان تستفردَ بالكثير من قيادات حركة فتح
بقلم ناصر ثابت
استطاعت الحركة المجرمة حماس ان تستفردَ بالكثير من قيادات حركة فتح سابقاً، أمثال الشهيدين غريب أبو المجد وجمال أبوالجديان وغيرهم، استطاعت أن تستفرد بالأخ أحمد حلس، وأن تهاجمَه بقسوةٍ منقطعةِ النظير، كادت تودي بحياته، لولا أن مَنَّ الله عليه وسلمه أسيراً إلى من هم أكثر منها رحمة، فآثر السجن عندهم على السجنِ في باستيلات الإخوان المسلمين في إمارة غزة الظلامية.
عائلة حلس قدمت أكثرَ من تسعة شهداء في هجوم أصحاب اللحى العفنة عليها، بالإضافة إلى تشريد أكثر من مئة وثمانين رجلاً من رجالها، وإبعادهم عن وطنهم على يد الطغمة المتأسلمة في غزة. وكانت العائلة قد قدمت العشرات من الشهداء على مذبح الحرية في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
اللافت للنظر في هذه الحادثة ليس الإجرام الإخواني، فهو ليس بجديد، وأنا لا أريد أن أشتتَ القارئ الكريمَ بالعشراتِ من الأمثلةِ التي تدعمُه، لكن اللافت هو الصمت الفتحوي المتكرر، والعجز عن الفعل والمبادرة، أو حتى الدفاع عن النفس.
فليس أقل من مسيرة سلمية أو مسيرة شموع أو مسيرة نسائية أو مسيرة أطفال ينظمها أبناء حركة فتح بشكل عفوي، ويتجهون بها الى عائلةِ حلس لفك الحصار الطالباني عنهم، ونصرتهم في محنتهم. لكن هذا لم يحدث، ورأينا الفتحويين صامتين متفرجين، غير قادرين على تحريك أي ساكن، أو على قول “لا” في وجه الظالم.
إبانَ الانقلاب، وبسبب الخلافات الداخلية الحادة بين دحلان وحلس، حيَّدَ الأخيرُ نفسَه، ووقف يتفرجُ على حركته وهي تتلقى الضربات، واقتنع بتخرصات حركة حماس أنها لا تحارب إلا تياراً معيناً داخل حركة فتح، بل وقف الى جانبها بادعائه أن المعركة ليست معركته. وفور انتهاء الانقلاب، وهزيمة حركة فتح العسكرية في غزة، توجه الانقلابيون الى أحمد حلس، وسرقوا أكثر من 600 قطعة سلاح كانت في جعبته، ثم بعد ذلك بفترة وجيزة هاجموه وهاجموا منازل عائلته مرتين، كانتا تنتهيان بالوساطة، وفي الثالثة استطاعوا أن ينالوا منه، ويطردوه من غزة.
ونفس الكلام يُقال عن كتائب أبوالريش وكتائب الأقصى التابعتين لفتح، فلقد وقفت الآولى تتفرج على الثانية وهي تُبادُ بأيدٍ حمساوية مشبوهة، وعندما أرادت هذه الأيدي أن توقف المقاومة، انتصاراً لتهدئتها مع العدو، هاجمتْ كتائبَ أبوالريش وسرقت سلاحها ولم تتورع عن اختطاف وتعذيب أبنائها.
الحقيقة أن الوضع الفتحوي الداخلي، الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، أصبح أمراً بالغ الخطورة، ولا يجوز السكوت عنه أبداً. لذلك فإن ما يحدث للفتحويين بشكل عام، متوقع ولا يجوز لنا أن نستهجنه أو نعجبَ منه. وبرأيي إنهم يستحقونه.
فالفتحويون، لا زالت تستعر بينهم الخلافات الداخلية الحادة التي أصبحت تستعصي على الحل، مع أن الحل في هذه الحالة لا يكون إلا باستخدام الديموقراطية لبناء المؤسسة التنظيمية القادرة على تحمل أعباء الحركة، لكن الخلافات الحادة تقف حجر عثرة في درب الوصول الى تحقيق الديموقراطية اللازمة لحل الخلافات الحادة. فحتى تصل الى الحل الديموقراطي اللازم لحل الحلافات، عليك أن تحل الكثير من الخلافات! وهكذا دواليك، حتى أصبحت الحركة عصية على التنظيم، بعد أن كانت مدرسة يُحتذى بها على مستوى حرك
ات التحرر العالمية في فلسفة التنظيم والديموقراطية المركزية.
ات التحرر العالمية في فلسفة التنظيم والديموقراطية المركزية.
ولو كانت هذه هي المشكلة الوحيدة، لهانت الأمور، لكننا نراها مصحوبة بضعف الهمة، والبحث عن الامتيازات، وعدم استعداد أبناء الحركة للدفاع عنها.
حادثة آل حلس لم تكن الآولى التي يخذل فيها الفتحويون حركتهم، فلقد خذلوها في انتخابات عام 2006 التشريعية، وهي الانتخابات التي فازت فيها حركة حماس بسهولة، وكأنه لا يوجد حركة عملاقة مثل حركة فتح تنافسها على الجانب الآخر. لذلك، فأنا أزعم دون تردد أن الفتحويين هم الذين رفعوا حركةَ حماس وقدموا لها نصراً ساحقاً، لأن أبناء حركة فتح الذين يُقدرون بمئات الآلاف أعطوا مئتي ألف صوت لحركة حماس حسب تقديرات بعض قادة فتح. هذا عدا عن التنافس بينهم في نفس الانتخابات، ما أضعفهم وقلل من فرص فوزهم. فلا يمكن لقائمة أن تحصد أكثر من 60% من الأصوات إلا بدعم الفتحويين المباشر وغير المباشر لها، خاصة بعد انخفاض التصويت لحركة فتح الى مستوى متدنٍّ جداً. ومن تجربة شخصية أقول، لقد هالني حجم العزوف من الفتحويين عن نصرة حركتهم في الانتخابات، حسبما صرح لي العشرات منهم.
أيها الفتحويون، أنتم من أحضرتم لنا حركة حماس إلى الحكم. فأنتم أول الملامين، بل أنتم المسبب الحقيقي للتراجع الخطير الذي تشهده حركة فتح، والتقدم الكبير الذي تشهده حركة حماس.
أيها الفتحويون، إنكم تلاقون ما تستحقون، وتستحقون ما تلاقون، إن الفتحَ تستصرخكم، فإما أن نكونَ أو لا نكونْ، حتى لو كان هذا بثورة داخلية تقلب الموازين وتعيد الروح الى مؤسسة التنظيم، وتتخلص من الأزمة القيادية التي تعيشها هذه الحركة العظيمة بتضحياتها التي قدمتها وما زالت تقدمها. وإن لم تعوا هذا الدرس المهم، بل هذه الدروس القاسية التي تلقيتموها منذ انتخابات 2006، فأبشروا بما هو أسوأ، ولقد أُعذرَ من أنذر!