د/ نصار عبدالله
هل كان محمود درويش يرثى نفسه عندما كتب قصيدته الرائعة : “سقط الحصان عن القصيدة”؟؟… نصف قرن من الزمان أو ما يزيد قليلا وفارس الشعر العربى فوق صهوة القصائد الجامحة، يرخى لها العنان فيتخطى بها فى آن واحد حواجز الممكن والمستحيل!! ،… نصف قرن وهو مدجج بلهيبها ، يصوغ من موسيقاها موسيقى جديدة، ومن مفرداتها لغة شعرية متوهجة لم يسبقه إليها ـ فيما أتصور ـ واحد من شعراء العربية ، ربما منذ كان الشعر: فن العربية الأول . خمسون عاما منذ أن بدأ قرب نهاية الخمسينات من القرن الماضى فى كتابة أعماله الشعرية الفريدة المذاق، وهو لا يتوقف عن تجاوز نفسه قصيدة بعد قصيدة وعملا بعد عمل، وهو طيلة تلك السنوات لا يكف فى حضرة الغياب ( وهذا عنوان واحد من كتبه ) ، لا يكف عن تذكيرنا من خلال فنه الرفيع بالغائب الحاضر أبدا فى وجدانه: ” فلسطين “، فيجعل من الكلمة المتفردة سلاحا متفردا من أسلحة المقاومة (على الأقل: مقاومة التآكل فى الذاكرة العربية )،…. وأخيرا آن له فى نهاية المطاف أن يكتب عنه مؤرخو الشعر العربى ما سبق له أن سجله هو ـ ربما دون أن يدرى ـ عن نفسه! …..آن له أن يكتب عنه المؤرخون : فى يوم التاسع من اغسطس عام 2008سقط الحصان عن القصيدة!! ،…. هأنذا أستعيد مع القراء الأعزاء سطور تلك القصيدة الرائعةسَقَطَ الحصانُ عن القصيدةِ…،
والجليليّاتُ كُنَّ مُبَلَّلاتٍ
بالفَراشِ وبالندى،
يَرْقُصنَ فوق الأقحوانْ
•
الغائبان:أنا وأنتِ
أنا وأنت الغائبانْ
•
زوجا يمام أَبيضانْ
يَتَسَامران على غَصون السنديانْ
•
لا حُبَّ، لكني أُحبُّ قصائدَ
الحبّ القديمةَ، تحرسُ
القَّمَرَ المريضَ من الدخانْ
•
كرُّ وفرُّ، كالكَمَنْجَةِ في الرباعيّاتِ
أَنْأَى عن زماني حين أدنو
من تضاريس المكانْ……..
•
لم يَبق في اللغة الحديثةِ هامشُ
للاحتفاء بما نحبُّ،
فكُلّ ما سيكونُ … كانْ
•
سقط الحصان مُضَرّجاً
بقصيدتي
وأنا سقطت مُضَرَّجاً
بدَمِ الحصانْ[email protected]