بقلم محمد رياض
كان لما ادعته صحيفة هاّرتس في 31-7-2008 وما اكدته شبكة فوكس نيوز لاحقاًَ بالصوت والصورة بقلم محمد رياض
كان لما ادعته صحيفة هاّرتس في 31-7-2008 وما اكدته شبكة فوكس نيوز لاحقاًَ بالصوت والصورة في مقابلة معه بثتها في 14-7-2008 من تحول مصعب نجل حسن يوسف القيادي المعروف وأحد مؤسسي حماس من الإسلام إلى المسيحية وتهجمه على حركة حماس وأفكارها وقع كبير في فلسطين, فمصعب هذا لم يكن شخصاًَ عادياًَ مغموراًَ حتى إذا إنحرف عن المسار او ضل عن جادة الصواب لم يلتفت إليه أحد أو يعره أدنى إهتمام, فهو إبن قيادي حماس الأبرز في الضفة, وهنا مربط الفرس لمن كان عنده بقية من فطنة!.
فهل هي مجرد محض صدفة؟؟ شخصياًَ أنا لا اؤمن بالصدف. ولكني أعرف أن الإدارة الأمريكية منذ نحو ثمانية إعوام قد قررت شن حرب إعلامية على ما يسمى “بالإسلام المتطرف” وأعرف أيضاًَ أن مكتباًَ متخصصاًَ بالحرب الدعائية في وزارة الدفاع الامريكية “البنتاغون” والذي كان يعمل في مجال الدعاية المضادة للشيوعية قد أعيد إفتتاحه في العام 2004م بعد ان كان قد أغلق في العام 1999 م بأمر من الرئيس كلينتون في حينها بسبب تحقق المراد منه وإنتفاء الحاجة إليه عقب انهيار الكتلة الشرقية وتفكك الإتحاد السوفيتي بالإضافة لأسباب مالية تتعلق بالكلفة الباهظة لتمويل عمليات المكتب, ومع أن ميزانية هذا المكتب لم تكن معروفة على وجه الدقة إلا أن ما رشح حولها من معلومات تشير إلى انها كانت تقدر بالمليارات.
وقد كان من الأساليب المتبعة في عمل هذا المكتب بالإضافة لبث الدعايات التحريضية ضد الشيوعية تجنيد او إستدراج رموز فكرية أو سياسية أو حتى سينمائية شيوعية “مرتدة” وإستخدامها في بث دعايات مضادة للفكر الشيوعي عن طريق مهاجمة انظمة الحكم الشيوعية والإشتراكية وايديولوجياتها, حيث تعطي إنتقادات هذه الرموز المجندة او المستدرجة زخماًَ ونوعاًَ من المصداقية للدعايات المضادة للفكر الإشتراكي وللإنتقادات الموجهة ضد انظمة الحكم الحمراء في تلك البلدان.
و من الملاحظ أن هذا المكتب كان يعمل بتنسيق شديد مع البابوية في الفاتيكان والكنائس الأخرى الأنجيليكية حول العالم, حيث أنه وفي احيان عديدة كانت الكنائس تشكل غطاءاًَ لتحرك عملاء المكتب تحت ذريعة العمل التبشيري الديني, وفي أحيان اخرى شكلت الكنائس أوكاراًَ لتجنيد وإصطياد السذج .
وقد كثرت أعداد اللاجئين لأمريكا من المرتدين عن الشيوعية في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم وتكررت قصص مغامراتهم حتى فقدت إثارتها وملها الناس لرتابتها وتكرار أوتشابه مجريات الاحداث في جميع الحالات. فالسيناريوا واحد ومعروف, هروب شخصية معروفة من الإتحاد االسوفيتي أو إحدى دول الكتلة الشرقية ووصوله “المفاجيء” لأمريكا يليه ظهوره في إحدى وسائل الإعلام معلناًَ كفره بالفكر الشيوعي المستبد وهيامه بالفكر الديمقراطي الحر, ورغبته في العيش بأمريكا وخوفه على حياته إن هو رجع لقومه الذين خرج من ملتهم, يتبع ذلك الموافقه على منحه اللجوء السياسي والإقامه في الولايات المتحدة لتبدأ بعدها مرحلة ظهوره المتقطع في اجهزة الإعلام ليؤكد على تفوق الحضارة الغربية وأفضليتها وإنحطاط المستوى الفكري للإشتراكية والشيوعية, الخ.
المهم, اعيد إفتتاح المكتب في ال 2004م وخصصت له ميزانية ضخمة ولكن هذه المرة ليتصدى للعدو الجديد “الحركات الإسلامية”.
وأعتقد ان الصورة قد إتضحت الاّن, وبقية القصة أصبحت معروفة, فالسيناريو هو نفسه: شخصية إسلامية معروفة—لجوء لأمريكا—كفر بالإسلام—مهاجمة فكر الحركة الأم—الإشادة بالنمط الفكري والحياتي الغربي—لجوء سياسي ثم ظهور في وسائل الإعلام.
والاّن نعود لمصعب والذي يستمد مكانته الرمزية في حركة حماس من موقع أبيه التنظيمي كما اسلفنا. صرح مصعب لهاّرتس بأنه بدأ يتعرف على المسيحية منذ ثمان سنوات حين تلقى دعوى لحضور محاضرة عن المسيحية في القدس!! ولكن لماذا يتلقى شاب من حماس في الثانية والعشرين من عمره دعوة لحضور ندوة عن المسيحية؟ هنا تقع علامة السؤال الأولى.
ويفهم من حديث مصعب للجريدة انه وطوال ثماني سنوات قد تمت متابعته وبصورة يومية من قبل مجموعة من المبشرين, ويتابع مصعب, وأن هذه المتابعات قد بلغت ذروتها منذ أربع سنوات حين قرر التحول إلى المسيحية.
أنا لا أقرأ الكف ولا أضرب في الرمل, ولكني اعلم ان إستهداف شاب قليل الدراية والخبرة في مكانة مصعب بما يمثله ابوه من ثقل تنظيمي مهم في حركة إسلامية, ثم متابعته يومياًَ وبلا كلل لثمان سنوات متواصلة, هوعمل من المستبعد ان يكون قد تم خالصاًَ لوجه الله أو المسيح.
ويتابع مصعب لهاّرتس, (في تلك الفترة تعلمت عن الإسلام ما لا يعرفه معظم المسلمين!!.. مثل أن النبي محمد كان له خمسين زوجه..!!, الإسلام كذبة كبيرة..!! المسلمون لا يعرفون الله ويقدسون محمداًَ أكثر منه…!! يقتلون الأبرياء بإسم الدين.. يضربو
ن النساء..,). العجيب في الموضوع أن هذه هي نفس الجمل التي لم تكف المرتده السورية الأصل وفاء سلطان عن ترديدها وعلى نفس قناة فوكس نيوز اليمينية الأمريكية, وحكاية وفاء هذه والتي طفقت على السطح مؤخراًَ خلال الاربع سنوات الأخيرة شبيهة بحكاية مصعب إلى حد ما, والعجيب أنها تقيم في نفس المنطقة التي يقيم فيها مصعب “جنوب كاليفورنيا”!!.
ن النساء..,). العجيب في الموضوع أن هذه هي نفس الجمل التي لم تكف المرتده السورية الأصل وفاء سلطان عن ترديدها وعلى نفس قناة فوكس نيوز اليمينية الأمريكية, وحكاية وفاء هذه والتي طفقت على السطح مؤخراًَ خلال الاربع سنوات الأخيرة شبيهة بحكاية مصعب إلى حد ما, والعجيب أنها تقيم في نفس المنطقة التي يقيم فيها مصعب “جنوب كاليفورنيا”!!.
كذلك فإنه من المثير للإهتمام ايضاًَ أنه وخلال السنوات الاربع الماضية بالتحديد لمع نجم ثلاثة أشخاص من أجنحة “فتح” العسكرية (كما يدعون) ممن كانوا قد إرتدوا عن الإسلام ليعتنقوا المسيحية ثم ليعلنوا عن دعمهم المطلق لإسرائيل, وهؤلاء الثلاثة هم وليد شعباط من بيت لحم, وكمال سليم وزكي عناني من فلسطيني لبنان, وهؤلاء يحظون برعاية الكنيسة الإنجيليكية ذات النفوذ الكبير في أمريكا.
لكن الغريب حقاًَ أن وفاء ووليد وكمال وزكي يتحدثون حول نفس الأمور ويرددون نفس الجمل التي رددها مصعب اعلاه بلا كلل ولا ملل, (بالإضافة لعبارات التاييد لإسرائيل طبعاًَ) وكأنهم لا يحفظون غيرها, ولكن لم لا إن كان الشيخ المدرس واحد!!
المهم, نعود لمصعب الذي يتابع حديثه ل هاّرتس قائلاًَ : (ابقيت أمر تحولي للمسيحية سراًَ عن جميع من هم حولي بإستثناء رفاقي المسيحين الذين علموا بامري منذ البداية.. الذين كنا نتدارس معاًَ…) فهل يتحدث مصعب عن خلية ما تنشط في الضفة ومركزها في القدس!!!.
ثم يتابع مصعب الحديث عن قراره بالسفر إلى امريكا بعد أربعة اعوام من تدارس ديانته الجديد في الضفة بصورة سرية وداخل (أسرته المغلقة) كما أسلفنا, وهنا يثار تساؤل اّخر, كيف تمكن مصعب إبن قيادي حماس البارز وهو الذي سجن شخصياًَ بتهمة الإنتماء لحماس لما يقارب السنتين في سجون الإحتلال من الحصول على تأشيرة سفر من القنصلية الأمريكية في القدس؟ حيث أنه من المعروف أن السفارات الامريكية في العالم تتشدد في منح تاشيرات دخول لأصحاب السوابق الأمنية من الفلسطينين خاصة أولئك المشتبه بعلاقتهم بحماس ناهيك عن كون المتقدم بالطلب نجل قائد حماس نفسه, ومسجون سابق بتهمة الإنتماء لحماس, فهل كان للمجموعة المشرفة السالفة الذكر والمعنية بمتابعة مصعب دور بتسهيل حصوله على الفيزا من القنصلية؟؟
ويضيف مصعب لمراسل هاّرتس ( حين قدمت لأمريكا لم يكن لدي أموال ولا عمل ولا سكن, ولولا مساعدة الكنيسة والتي امنت سكني مع “أخ مسيحي” لكنت الاّن متسولاًَ في الشوارع). فهل قرر مصعب الهجرة لأمريكا هكذا إعتباطاًَ وبدون تخطيط مسبق ولاعلم بما ينتظره هناك؟ ام أنه سافر لأنه تلقى وعوداًَ بتأمين دعم مادي حال وصوله, ومن من؟؟ وهل تم التقطير على مصعب في البداية حين وصوله كنوع من قرص الأذن لحفزه او إبتزازه للإدلاء بتصريحاته هذه وربما بالمزيد منها في المستقبل؟؟ حيث اخبر الأخير مراسل هاّرتس أن وزنه قد نقص بدرجة ملحوظة بعيد وصوله لأمريكا بسبب عدم قدرته على شراء ما يكفيه من الطعام وأنه لم يكن معه أموال وكان مهدداًَ فعلاًَ بالتحول لمتشرد, فهل عانى الرجل الأمرين من نقص في المال والطعام وعدم وجود مأوى منذ وصوله قبل أشهر وحتى قبيل موعد إجراء المقابلة مع هاّرتس (حيث قامت الكنيسة بتأمين سكن له قبل وقت قصير نسبياًَ من الإدلاء بتصريحاته الأخيره) لأنه رفض في البداية إصدار تصريحات تهاجم حماس أو الإسلام؟؟؟؟ لا أدري ولكن ربما.
ثم هل ما تزال الخلية المشرفة ذات النفوذ في القنصلية الامريكية والتي أوقعت بمصعب تنشط في الضفة؟ ومن هو ضحيتهم المقبل؟؟؟
ولو إقترضنا جدلاًَ أن كل ما سبق عبارة عن تكهنات من نسج خيالي الخاص, وان إعتناق مصعب للمسيحية جاء نتيجة لعملية دراسة بريئة علمية ومحايدة وغير مسيسة, فلماذا تركز جل حديثه لهاّرتس وفوكس على مهاجمة عمليات حماس والتهجم على الثقافة الإسلامية وتمجيد إسرائيل والتأكيد على حقها في (الدفاع عن النفس), هل كل هذا مكتوب في الإنجيل؟؟؟
كاتب عربي من فلسطين يقيم في أمريكا