أنس إبراهيم
هنا ، عند منحدرات المكان الأولْ
التلالُ الأولى ، هضبةٌ صغيرة
نقفُ ويقفون ، نتفاوض حولَ
.. إذا ما كانت الأرض لنا ..
لسنا ندري وليسو يدرون
نستعينُ بآخرنا ونستعينُ بآخرون
نظلُ هكذا ، تائهين عما إذا كنا هنا
وكذلك مثلنا الباقون . .
ناسينَ جداتنا ، ناسينَ أكفهنَّ
تفاصيلَ تجاعيدهنَّ ، لسنا نعرفُ
أننا لا نعرفُ أن عدد التجاعيد أربعُ في اليد الأولى
التجعيدُ الأول يقول : كنا جالسين فوجدتُنا راحلين
أما الثاني يقول كنتُ أضحكُ فوجدتُني أبكي
الثالثُ صامتٌ وهمسَ : هكذا كنتُ حينَ لم أكُن هناك
الرابعُ ما زالَ راحلاً ولم أعثُر عليه سوى في الشتاتْ
أما اليدُ الثانيةُ ففيها تجعيدٌ واحدٌ
يردد في صوت أقلُ من درجة الصراخ بقليل حتى يصل إلى درجة الهدوء اللاصوتي
” أنا المنفى ولستُ أدري أأهلي هنا
أنا المنفى ولديَّ من الأولاد لا أدري
لكن أذكر إثنان متخاصمان
عليَّ ؟؟
لا أعرفُ . . ولكن أعرف
أنني لا أعرفُ سوى أنني متأكدٌ أنهما ليَ أولاد ، وفي المنفى
أذكرُ أنني . .
” بكيتُ ، جهشتُ ، أجهضتُ ، ولدتُ ، ضحكتُ حكيتُ ، صرختُ ، هدأتُ ، قتلتُ
تساءلتُ : أين وطني ؟ ؟
فلم أجَبْ !!
بحثتُ عن وطني !
فلم أجده !!
هرولتُ إلى وطني
فلم أصل !
عدتُ إلى المنفى مرةً أخرى
وجِدتُ في نفسي مرتين
حينما كنتُ الصغير الكبير
الطفلُ الشاب
الشابُ الشيخ
الشيخُ الميتُ . . مرتينْ
وحينما كنتُ الساعة المتوقفة عن العمل
حيثُ كانت البطاريةُ قد نفذت
لأنني إستهلكتها في وقتٍ ما
في وقتٍ كنتُ بحاجة إلى شيء يعيدني إلى الحياة
أيتها الحياةُ
قد عدتُ ولكن مع وقف التنفيذ
فماذا أنا فاعلٌ حينما عدتُ ؟
حينما يعودُ العائدون
يغلـــقُ الطريق !!
ماذا هنــاك ؟!
قد فجرَتْ حافلةٌ في تل أبيب ، ونخشى أخرى !
فلتعودوا أدراجكُم ، ” لكنـا لا نستطيع “
سننتظر ، ونضعُ طاولة ، ونلعبُ الشطرنج
كي لا نفقد الصواب ، وكي نظل أحياء عند الممات
يمرُّ الوقتُ ، والملُ يتضاءلُ في أن نمرَّ
قبل الغــروب
فحينُ الغروب حينُ الممات ونعودُ إلى الموتـى
نشربُ نبيذ الحياة هناك
وحينُ الفجر حينُ الحياة ، نعودُ إلى الأحياء
نشربُ نبيذ الموت هناك
نظلُ منتظرين . .
نعودُ مرةً أخرى إلى منحدرات المكان الأول
التلالُ الأولى وإلى الهضبة الصغيرة
ينفذ الأمل والحاجزُ مغلق
توقف وقف التنفيذ وحان تنفيذّ التنفيذ
نودعُ الحياة بنخبنا الأول ونأتي العابرون . .
نسيرُ في شارعٍ خالٍ منا ويعبرهُ آخرونا
نظلُ كما المودعين حين الوداعْ . .
16 / 8 / 2008