جلست الأم تحت السماء الكركيه, في تعليله هادئة, تتحدث مع ولدها الوحيد الذي بدأت تلاحظ عليه بوادر الرجولة والنضوج ,في سياق الحديث, قالت الأم:والله يا ولدي ,أبوك ما كان يعلق العليقه إلا بكتله!!فرد الولد مستفسرا :وبعد الكتله ؟هل كان يعلقها أم يفلت منها؟؟ ردت الأم:نعم يا ولدي, ما كان يفلت منها أبدا.قال الولد مستوعبا لمعنى الكلام:ما دام انه كان يعلقها بعد ألكتله.فلماذا لا أعلقها من ذات نفسي. اكسب ود واحترام أبناء عشيرتي, وأتجنب ألكتله!!هزت الأم العجوز رأسها اطمئنانا, على أن ولدها قد فاق الأب في الحكمة والاستيعاب وقادر على حماية نفسه بالعقل, ويجنب نفسه الخزي والعار ويكسب ود الآخرين ,بقيامه بما يجب عليه أن يقوم به دون وخز أو لمز! أو كتله.معتمدا على ردع نفسه بنفسه وعلى قدراته الذاتية, دون أن يحتاج إلى من يذكره بواجباته وشؤونه,أو يتحمل جميلة الآخرين عليه.ولمن تاهت عنهم الخلفية الاجتماعية والثقافية لهذه القصة القديمة, التي تداورنها الأمهات عن الجدات إلى البنات.فلقد كنت البداوة أسلوب لمعيشة الناس في السابق,يتنقلون, بحثا عن الطعام والكلأ لمواشيهم ,ويسكنون في بيوت الشعر لسهولة التنقل والترحال عبر أفاق الأرض, بين السهول والجبال والصحاري ,ولصعوبة الحياة كانت عادت إغاثة الملهوف وإكرام الضيف من شيم العرب التي كانوا يتباهون بها, رغم قلة مصادر العيش, وصعوبة الحصول على أسباب الحياة ,وهذا بالتالي جعل من العادات والتقاليد صارمة في استقبال, ضيوف الرحمن, والقيام بواجبهم على أكمل وجهه.جرت العادة عندما يأتي إلى القبلة فرسان فوق خيولهم, لزيارتهم أو الإقامة بين مرابعهم, يتسابق أبناء القبيلة بالإسراع إلى تعبئة” عليقه” حصانه ببعض الشعير أو التبن ليضعها في رقبة الحصان الضيف من اجل إطعامه وواجبا للضيف .والعليقه:كيس من القماش أو الجلد يوضع فيه شعير أو تبن أو ما يأكله الحصان يعلق على رقبته ,ولهذا سميت عليقه, من “علق” أما ألكتله ,فهي العلقة أي الضرب بالأيدي مع الشتائم.واضح من حديث الأم أن الأب كان بخيلا وساقطا, في نظر أبناء عشيرته لعدم مبادرته من تلقاء نفسه بالنهوض والقيام بواجب الضيافة, التي يقوم بها الجميع على حد سواء, بطيبة خاطر وبدون أي تنبيه من أي طرف.ولشدة غضبهم من تقاعسه وكسله وبخله في جلب ألعليقه, كانوا ينهلون عليه بالضرب والشتيمة استنكارا لشيمه الرديئة أمام الضيوف.في لحظات يسعى فيها الجميع لإظهار واجب الضيافة وكرم القبيلة.ما غاب عن الأب حضر إلى الابن,لان التروي والتعقل من صفات الحكماء ,وحث الذات على أن تكون هي الآمر الأول والأخير ,يكون كافيا لتجنب الملامة, وتدخلات الغير كل حسب ردة فعلة الخاصة, في استغلال المواقف وصنعها على حساب كيانات قائمة .لقد غابت هذه الحكمة تماما, عن الهيئة الإدارية في ديوان أبناء الكرك .محدثه مفاهيم عديدة لاضطراب الأجواء التي استخدمت عدة تعابير لوصفها مثل زوبعة في فنجان ,وغبار لا زوبعة,ومسميات كثيرة ستكون ألكتله من ورائها.نتحمل وزرها جميعا من حساب سمعتنا وكياننا, شئنا أم أبينا.السماح بتدخل الآخرين لتصحيح مسارات خاصة, لا بد أن يوسع دائرة الغضب وعدم القبول. الأجدى أن لا نسمح بمدارات أخرى تزيد الأمر تعقيدا وتفتح أبواب الانتفاع واغتنام الفرص على حساب موقف خاص ,والاكتفاء بمصادرنا التي تؤهلنا لتعليق عليقتنا بأنفسنا وبدون كتله. نزق الحاجة والرغبة في انجاز مشروع إنشاء المقر جديد لجمعية ديوان أبناء الكرك وحاجة الجمعية للدعم المادي أوقع الهيئة الإدارية في مطب ميكافيلي, مرفوض من قبل الجميع, سيجعل من هذا المقر وصمة عار إذا لم تبنى أحجاره من أموال أبناء الكرك, ليكون شاهدا على عزهم وتعاضدهم ونقاء قلوبهم.مسؤولية الأبناء والأهل داخل الكرك وخارجها حمل مسؤولية الإبقاء على رايات العز والشموخ , مهما كانت الغايات عبر مراحل تبدل الرجال وتغير الأحوال .أما صوت العقل فقد غاب بارتفاع صوت اللكمات والشتائم..إنها الكتلة..بدون شك!!!
السيدة/سهام البيايضة
أمين سر/ جمعية قلعة الصقر للتنمية الاجتماعية المنبثقة عن جمعية ديوان أبناء الكرك