من أجل وحدة العراق أرضا وشعبناً…على أهالي الأنبار إعلان إقليمها بأسرع وقت.
لست من أهالي الأنبار، ولكن تربطني بكثير من ناسها روابط أخوية منذ السبعينات…ولكن بعد التاسع من نيسان 2003 زاد عدد الأحبة من أهالي الرمادي والفلوجة وهيت وعانة…وعانيت بسببهم ووقفوا بجانبي وقت الشدة…وتبرعت بالدم لجرحاهم…وحرضت الآخرين لدعم المحتاجين والأيتام والأرامل…وأكلت وشربت وعاشرتهم أيام وليالي…وأنا شيعي.
حتى أن البعض وجه لي انتقادات وفي بعض اللقاءات العامة في محافظات جنوبية وفي محافظات الفرات الأوسط…تسائلوا كيف ولماذا…أنا معهم وما الذي يجمعنا…كنت أجيب هذا هو العراق ..ولما لا…ولم نسمع في حينه عن مصطلح المصالحة.
دعوتي لأهالي الأنبار بإعلان الإقليم (الغربي) ليست دعوة انفصال…وإن كان العنوان مشاكساً نوعاً ما. لكنني أريد أن أثبت في مقالتي هذه أنني متحيز لكل العراق…فقد عشت مع الكرد ولي أصدقاء وأحبة…وعايشت الكرد الفيليين…وأشعر أنني منهم…ولأحد الأمهات فضلٌ كبير عليَ وعلى عائلتي لن أنساه أبدا. وزرت الأهوار ودخلت المضايف وجالست أهالي الجنوب ومناطق الفرات الأوسط، وفي كل مدنية أشعر أنني منهم وهم قريبين على روحي وقلبي وعقلي. وكلما بحثت عن شائبةٍ لكي تبعدني عن طيفٍ أو حسنةٍ أراها عند الآخر لتفضلهم على الآخرين…رددت خائباً…لأنني عراقي وهم عراقيون…بل الأكثر من ذلك، فهم بشر والفرد منهم يقال له إنسان له ذات لون الدم الذي يجري في عروقي. له الرأس واليدان والقدمان كما هو الحال عندي…له مشاعر وأحاسيس قد لا أملكها…لديه حب الأرض والناس قد يكون أقوى من وطنيتي.
لكنني أحرض كل محافظة عراقية أن تعلن إقليمها…لأنني أريد أن الجميع يثبتون أن الفيدرالية تعني الوحدة الحقيقية…لأنها تعني الاهتمام بالمواطن بطريقة عملية وواقعية أكثر من الكلام والخطاب والشعارات…والصور.
لأن كل سكان محافظة سيتطلعون عن كثب موارد محافظتهم، ويمكنهم محاسبة المسؤولين بحرية أكبر…ولا يسمعون التبريرات أن الحكومة المركزية لا تعير لهم أهمية. وأن سياسات الكتل النيابية تعرقل تطور هذه المحافظة وتلك…لأن الحكم الحقيقي سيكون بأيدي أبناء تلك المحافظة…وللحكومة مجالها الخاص…والحكومة سوف تتفرغ أكثر لنيل المكاسب الوطنية من خلال العلاقات الطيبة مع العالم. لأن الأعباء تخفف عن حكومة المركز…لأنه سيكون هناك ثقة بالشعب أنه قادر على إدارة شؤونه دون وصايا قيادات تسكن بعيداً عنهم.
كتبتُ في مقالٍ سابق عن ضرورة إعلان إقليم البصرة، لأن أهالي البصرة لم تصلهم ذرة من حقوقهم المشروعة مع أن ثرواتهم تهدر وتطعم العراق كله…لو وزعت بحق وحقيقة، لكن لحد الآن تنهب وتهدر بسبب الفساد المستشري ولو أننا نسمع تحذيرات المالكي…لكن لم يطبق قانون من أين لك هذا…وهل يأتي يوم يطبق مثل هذا القانون أم ننتظر المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف). لم يكن قصدي إلا الدعم للسياسيين في البصرة والمثقفين اللذين عقدوا مؤتمرات عديدة لفيدرالية الجنوب…كانت الدعوى للمحافظات البصرة الناصرية والعمارة.
لكن الرأي الصائب أن تكون كل محافظة إقليم بحد ذاتها يكون الأفضل والأكثر صواباً…تفادياً لمشاكل مستقبلية محتملة. ولكي يقرب الحكم والسلطة للمواطن ويقرب المواطن لنيل حقوقه بأسرع واقصر الطرق وأسلمها.
لكن هل نقف عند حد الأقاليم…المحافظات…كلا الخطوة المكملة للجميل بحق الإنسان العراقي لنيل مكاسبه وتحقيق أمانيه في حياة حرة كريمة هو أن تجزأ السلطة أكثر لنظام (الكمونات) والمتبع في أكثر الدول تطوراً في العالم. أي تقسيم (المحافظة – الإقليم) لمناطق…بلديات تحكم نفسها بنفسها تحت نظام داخلي لمجالسها المنتخبة وتصرف لها ميزانية لتنمية وتطوير تلك المناطق. حتى أن المواطن لا يحتاج للانتظار فترة زمنية طويلة لتنفيذ المشاريع الخدمية والصحية والتعليمية والسكنية وكل متطلبات الحياة. نعم – يوجد حالياً نظام مجالس البلديات، لكنها غير مستقلة بالشكل المطلوب فمرجعها الكامل للمحافظة…وكأن أعضاء مجالس البلديات المنتخبون عمال وموظفين لدى المحافظة…لا يعاملون على أساس سياسيين منتخبين من قبل سكان تلك المناطق الصغيرة…ولو شاهد المراقب بأم عينه معانات هذه المناطق (البلديات) في جميع أطراف المحافظات ومن ضمنها بغداد لرأى حياة الهلاك والظلم والمعاناة بكل ما فيها من معنى وقصد.
ثم أن الفيدرالية على أساس المحافظة الواحدة ستوقف اتهامات كثيرة توجه لهذا وذاك…من أمثلتها تقسيم العراق لكرد(وفي الكرد شيعة وسنة وديانات كثيرة) وشيعة وسنة (وننسى الأقليات العراقية ذات التاريخ الطويل، بل أصل العراق لكي يذوبوا في الجمع)…مع علم الجميع أن هذه التقسيمات العرقية والمذهبية متواجدة ومختلطة بشكلٍ وآخر في جميع مناطق العراق. وقد يكون الترابط بين هذه المكونات أكثر وأكبر في عملية التزاوج الحاصل بين أكثر مكونات المجتمعات العراقية. لكن أسباب التفرقة والتمزق للشعب العراقي معروف…وأدوات هذا التمزق بدأت تنكشف، لكن بعض السياسيين ينقصهم الشجاعة لإطلاق العنان وفضح رؤوس الفتن…وبعض السياسيين يخافون مستقبلهم السياسي لذلك يتسترون…في الظاهر لهم أقوال ناصعة وفي الباطن يحكون المؤامرات الخبيثة لتمزيق الصف الوطني.
أما التقسيم الفيدرالي على أساس كردستان…والمنطقة الغربية والجنوبية والوسط وفرات الأوسط…وهذا يعود لإيران وذاك يعود لدول عربية
…ولا أعلم أي طرف يعود لدولة المريخ…وزحل …أرها تعيق التقدم والبناء…تعيق الحراك السياسي من أجل الإنسان العراقي.
الحكم المركزي لا يصلح في عراق اليوم والغد…فليس هناك مجال للانقلابات العسكرية والمؤامرات الأجنبية…فذاك زمانٌ ولى…لكن علينا التخلص من زمان كثرة الأوثان والأصنام والقيادات المشبوهة والمزورة والتابعة لأطراف غير عراقية.
لو كنت كردياً…لطالبة بإقليم البصرة…والأنبار…وباقي المحافظات…لكي أثبت أنني كردي ولا أريد الانفصال بل علمتني الشدائد…والتجربة أن السلطة مهما قربت من المواطن كثرة مكاسبه وقلت مشاكله…وأن الفيدرالية هي لكل العراق وليس فقط كردستان. لكنني عراقي قبل أن أعلن عرقي، ومذهبي أمرٌ يخصني فهو بيني وبين ربي.
المخلص
عباس النوري
10/08/08