قال الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان، إن محمود درويش، اخبره انه متردد في إجراء العملية الجراحية الأخيرة التي أودت بحياته، وان الأمر الوحيد الذي يعرفه أنه لن يعود “مشلولاً”، “فإما في تابوت أو سيرا على قدمي”.
وأضاف عطوان في مقالة له تحت عنوان” محمود درويش الذي عرفت” انه التقى محمود درويش قبل ثلاثة أسابيع من إجرائه للعملية الأخيرة في قلبه، وان درويش كان قلقاً لسببين، الأول أن القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة لم تمنحه تأشيرة دخول (فيزا) لمراجعة المستشفى المتخصص بالشرايين في هيوستن رغم أنه تقدم بطلب في هذا الخصوص قبل أربعة أشهر، والثاني أن نتائج الفحوص الأخيرة التي أجراها لدى طبيبه في باريس لم تكن مطمئنة، فالشريان الأورطي متضخم ويمكن أن ينفجر في أي لحظة، ولا علاج إلا بعملية زرع أخرى، ولكن العملية مثلما قال له الطبيب الفرنسي تعني أحد أمرين.. الموت أو الشلل شبه الكامل. سألني بغتة عما إذا كان جسمي مؤلفا للكوليسترول مثل جسمه.. لم يتركني أجيب وواصل قائلا بأن عقله يكتب الشعر، وجسمه “يؤلّف” الكوليسترول اللعين، ويبدو… واصل مازحاً، أن إنتاج الجسم أغزر كثيراً من إنتاج العقل، ولكنه إنتاج قاتل للأسف.
وقال عطوان انه قال لدرويش: سنلتقي في باريس لنحتفل بسلامتك، عندما تتوقف فيها في طريق عودتك، وفي المطعم نفسه المتخصص بطبق الحبّار الذي تحب، نظر إليّ وقال “إذا عدت”، ثم تساءل: لا أعرف ما إذا كنت سأوافق على العملية الجراحية أم لا.
وعلق عطوان على تلكؤ الحكومة الأمريكية في إعطاء درويش فيزا للدخول إلى أراضيها قائلا، لم نعرف أن هذه الحكومة أسدت إلينا معروفاً كبيراً عندما تلكأت في منحه الفيزا، فقد أبقته بيننا أربعة شهور، أنجز خلالها اثنتين من أعظم قصائده، وشارك في عدة أمسيات إحداها في رام الله، والثانية أقيمت في ملعب كرة قدم في جنوب فرنسا، ومحاضرة في باريس وسط نخبة من كبار الأدباء الفرنسيين، فقد يأتي الخير من باطن الشر الأمريكي.