نعى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، الشاعر الراحل محمود درويش الذي وصفه بأنه “عاشق فلسطين” و”رائد المشروع الثقافي الحديث، والقائد الوطني اللامع والمعطاء” وأعلن الحداد العام لمدة ثلاثة أيام، خاتماً بياناً في هذه المناسبة بعبارة “أعاننا الله على فراقك يا محمود.”
وجاء في كلمة عباس، التي نعى درويش خلالها إلى “الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية وكل محبي السلام والحرية في العالم” قوله: “كم هو مؤلم على قلبي وروحي أن أنعي رحيل نجم فلسطين، وزينة شبابها، وفارس فرسانها، الشاعر الكبير، محمود درويش.. إن غياب شاعرنا الكبير سيترك فراغا في حياتنا الثقافية والسياسية والوطنية، لن يملأه سوى أولئك المبدعين، الذين تتلمذوا في مدرسته.”
وأضاف: “لقد كان صوت محمود درويش وسيظل عنوانا لإرادة شعبه في الحرية والاستقلال، وسيبقى إعلان الاستقلال الفلسطيني، الذي صاغه شاعرنا العظيم عام 1988 مرشدا لنا ونبراسا لكفاحنا، حتى يتحقق حلمه في أن يرى وطنه مستقلا ومزدهرًا بعد أن يرحل الاحتلال عن أرضه.”
يذكر أن موعد وفاة درويش كان مجال أخذ ورد، إذ بثت وكالة الأنباء خبر رحيله، ثم عادت وسحبته، لتنشر بياناً عن الناطق باسم رئاسة السلطة الفلسطينية نفى فيه ما كانت أجهزة الإعلام، وبينها وكالة الأنباء الفلسطينية، قد أوردته حول وفاته، فقال إن درويش “في وضع صحي حرج للغاية، غير أنه لم يفارق الحياة.”
وقال الناطق إن رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية “تتابع الحالة الصحية للشاعر الكبير أولا بأول ، وتدعو جميع وسائل الإعلام إلى عدم التسرع في نشر الأخبار، واستقاء الأخبار من مصدرها الوحيد، وهو الرئاسة،” وذلك دون تقديم المزيد من التفاصيل.
ولكن عبد العزيز الشيباني، الطبيب المتابع لحالة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، أكد بعد ذلك أن الشاعر فارق الحياة بعد نزع أجهزة الإنعاش التي كانت تدعم مؤشراته الحيوية السبت، في الساعة السادسة و33 دقيقة تقريباً بتوقيت غرينتش.
وقال شيباني، الذي كان يتحدث إلى محطة “العربية” الفضائية من الولايات المتحدة إن درويش شعر باقتراب أجله، وكان يدرك أن العملية قد ترتب له مضاعفات خطرة، وجرى رفع أجهزة الإنعاش بطلب من عائلته.
وتجاوز تأثير درويش المثقفين الفلسطينيين إلى جيل كامل من المثقفين والشعراء العرب الذين لفتهم مزجه البارع للقضايا الوطنية بالرمزية والمعاني الإنسانية العامة، وكانت له – إلى جانب فن الشعر – إسهامات سياسية بارزة، في مقدمتها كتابة “إعلان الاستقلال الفلسطيني” الذي نُشر في الجزائر عام 1988.
يذكر أن تأثير درويش تجاوز المثقفين الفلسطينيين إلى جيل كامل من المثقفين والشعراء العرب الذين لفتهم مزجه البارع للقضايا الوطنية بالرمزية والمعاني الإنسانية العامة، وكانت له – إلى جانب فن الشعر – إسهامات سياسية بارزة، في مقدمتها كتابة “إعلان الاستقلال الفلسطيني” الذي نُشر في الجزائر عام 1988.
وقد ولد درويش في قرية البروة عام 1942، واضطر إلى المغادرة نحو مصر عام 1972، ومنها إلى لبنان، وذلك بسبب ضغط الشرطة الإسرائيلية التي وضعته قيد الإقامة الجبرية عدة مرات.
وفي لبنان، تجلت المرحلة الأبرز من تجربة درويش الشعرية، حيث ساعده جو الحرية السائد، إلى جانب توفّر دور النشر والقوة التي كانت تتمتع فيها منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك في كتابة أشهر قصائده، والتي جعلت في نظر الكثيرين “شاعر القضية” أو “شاعر الثورة.”
وبعد سقوط بيروت على يد الجيش الإسرائيلي عام 1982، خرج درويش مع منظمة التحرير من لبنان، وخلّد تلك الفترة بقصيدة شهيرة، حملت اسم “مديح الظل العالي.”
وكان درويش قد خضع قبل أيام لعملية القلب المفتوح في الولايات المتحدة، وقالت مصادر مقربة منه آنذاك إن العملية تركت آثاراً جانبية لا تبعث على الطمأنينة.
و
ذكرت صحيفة “الأيام” الفلسطينية الصادرة في رام الله إن عملية محمود درويش “تكللت بالنجاح التام وأجريت في مستشفى ميموريال هيرمان في هيوستن بولاية تكساس وقام بها الجراح العراقي حازم صافي الذي يعتبر من امهر الأخصائيين في هذا المضمار.”
ذكرت صحيفة “الأيام” الفلسطينية الصادرة في رام الله إن عملية محمود درويش “تكللت بالنجاح التام وأجريت في مستشفى ميموريال هيرمان في هيوستن بولاية تكساس وقام بها الجراح العراقي حازم صافي الذي يعتبر من امهر الأخصائيين في هذا المضمار.”
وتابعت الصحيفة أن العملية “أجريت في السادس من أغسطس/آب الجاري، وتضمنت إصلاح ما يقارب 26 سنتمترا من الشريان الأبهر الذي كان قد تعرض لتوسع شديد،” وأشارت إلى أن درويش سبق أن خضع لعمليتين مماثلتين خلال 1984 و1998.
وكانت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية قد أعلنت في 27 يوليو/تموز الماضي إصدار طابع بريدي يحمل صورة درويش.
وقال سليمان زهيري، وكيل الوزارة، إن إصدار الطابع جاء “تكريما وتقديرا لمكانة الشاعر درويش ودوره في إحياء القضية الفلسطينية بمختلف أنحاء العالم،” وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية.
يذكر أن الشاعر تولى إدارة مراكز ثقافية وبحثية عديدة، كما كان عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، غير أنه غادر منصبه إثر اتفاق أوسلو.
يذكر أن اعمال درويش ترجمت إلى أكثر من 20 لغة، وحاز على عدد كبير من الجوائز العالمية، أبرزها جائزة لوتس عام 1969، وجائزة البحر المتوسط عام 1980، ودرع الثورة الفلسطينية عام 1981، ولوحة أوروبا للشعر عام 1981، وجائزة ابن سينا في الاتحاد السوفيتي عام 1982، وجائزة لينين في الاتحاد السوفييتي عام 1983.
ومن أهم مؤلفاته الشعرية: “عصافير بلا أجنحة” و”أوراق الزيتون” و”عاشق من فلسطين” و”آخر الليل” و”مطر ناعم في خريف بعيد” و”مديح الظل العالي” و”هي أغنية … هي أغنية” و”لا تعتذر عما فعلت” و”تلك صوتها وهذا انتحار العاشق” و”حصار لمدائح البحر” و”شيء عن الوطن.”
إلى جانب مقالات وقصص ظهرت تحت عناوين “وداعا أيها الحرب وداعا أيها السلم” و”يوميات الحزن العادي.”