لكل من يسأل عن كركوك
كل التحيات للأستاذ الجامعي والطالب والعراقي الأمي..ولكل مواطن عراقي من جميع القوميات والأديان والمذاهب…ومن كل الألوان البشرية الجميلة هذا المخلوق الذي خلق في أحسن تقويم…ثم رددناهُ أسفل السافلين إلا اللذين أمنوا وعملوا الصالحات.(صدق الله العلي العظيم).
المفروض أن الأكاديمي يستند في قوله وفكره والطرح على قواعد علمية وثوابت قانونية وتاريخية وما أنتجه العلم والمعرفة…وترك المشاعر والأحاسيس والتمني والانتماءات والتطرف بكل أشكالها وأنواعها.
أما المثقف المنحاز فله أسلوب مقنع وإن كان غير صادق في كلامه وسلوكه، فهو يقلب الحقائق لصالح الجهة التي ينتمي إليها. والمثقف الفاقد للضمير والذي حاله كأي سلعة تباع وتشترى فيكذب بطوله وعرضه ويسرد القصص والأباطيل فقط لكي يرضي الطرف الذي يدفع الأكثر فهو في سباق مع نفسه لينتج الفضائح والتزوير والتلوين لكي يبين للقارئ وصاحب الشأن أن لكلامه تأثير…والمثل المعروف يقول: حبل الكذب قصير…فهذا النوع مفضوح من العنوان.
عامة الناس المتطلعين يتأثرون بما يقرئون…لكنهم ليسوا على درجة من الغباء أن يشتروا كل ما قرءوه…وخصوصا الشعب العراقي الذي قيل فيه المثل الشعبي المتداول (مفتح باللبن) أيام زمان، لكن اليوم يقال عنه (مفتح بالتيزاب) أي وعيه التجريبي أصبح أكثر، والمصائب أم التجارب.
قضية كركوك خلف الكواليس محلوله … في زمن اللقاءات الخاصة بين القيادات السياسية العراقية الجديدة في مؤتمر أربيل ولندن واللقاءات التي أقيمت فيما بين الأعوام التي سبقت التاسع من نيسان 2003، لكن التنكر لحل وحسم القضية جاء بعد الاستحواذ على السلطة وشعور البعض أن الموضوع كان مجرد لف ودوران سياسي من أجل الوصول لغاية معينة.
يمكن القول أول من تنصل عن تلكم الاتفاقيات الخاصة هو السيد رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري…وقد يلعب السيد نوري المالكي رئيس الوزراء لعبة جديدة لتهرب من قضية كركوك فتحول الموضوع للبرلمان العراقي والجميع تعرف على الأسلوب الجديد المناقض للدستور في عملية التصويت السرية في 22 تموز 2008 ومازالت الكتل والأحزاب تدون في دائر الفراغ والهروب من الحقيقة. لكن هناك بشائر خير بأن حسم قضية كركوك آت في وقت قريب، لكن من يمكنه إسكات الأصوات التي تتعالى بحبهم لوحدة الوطن كذباً وزورا…إن كانوا صادقين في القول فلماذا أفعالهم تخالف أقوالهم…إن كانوا محبين للعراق وشعبه فلماذا لم نسمع لهم صوتاً حين مزق الجسد العراقي منذ بداية السبعينات…لماذا لم نسمع اعتراضاً واحداً على النظام البائد لكل القتل والتهجير والحروب الداخلية والخارجية والتي هيأت للوضع الحالي وجعلت العراق تحت الانتداب الأمريكي…إلى يوم يبعثون….((الفاس وقع بالراس يا عباس)). هل من مخرج…نعم أصوات نشاز تراوغ …تلوح للأفق بحثاً عن الواقع في عالم الخيال…والكل يدرك الواقع الذي أنسج خيوطه بأيديهم عن إدراك أو معرفة أو عن جهل مركب.
المثقف الوطني المحب للعراق ووحدته منقسمين على مبدأين أحدهما يحاول خلق اللامعقول ويطالب بوحدة العراق أرضاً وشعباً…وهو يعرف أن الشعب العراقي مجموعة مجتمعات غير متجانسة جمعت في دولة رسمها الاستعمار البريطاني وحقق معالمها وأثبت أسسها الاستعمار الأمريكي.
المبدأ الثاني: يحاول مسايرة الأمور الواقعية لخلق أفضل الأجواء من أجل أن يحصل الإنسان العراقي مكتسباً مما فقده طيلة تاريخ العراق القديم والحديث…في تاريخ يخطه بأيديه من خلال تفاعله مع الواقع المفروض والمرغم عليه.
الشعب العراقي أرغم على كل شيء…على الدكتاتورية ودكتاتورية الديمقراطية..وها هو اليوم مرغم على الديمقراطية التوافقية (مصطلح جديد) لعراق جديد.
أنا مع اللذين ينادون بفضح السياسات الخاطئة وفضح المستغلين لمناصبهم وفضح السماسرة وفضح أسباب الفساد وأصحاب الفساد…أنا مع حق المواطن في اتخاذ القرار الذي يصب في صالحه…لكن من هم القادة النزيهين يمكن الاعتماد عليهم وتسليمهم حق النقض والقرار…في أي حزبٍ موجودين وفي أي مذهب أو قومية…
إذا كانت قضية كركوك أم القضايا وشبب المشاكل، وبعد حلها ينعم الشعب العراقي ويعيش حياته بكرامة…فالمسألة بسيطة.
الدستور فيصل يمكن التحكم إليه…ومواده يجب العمل به وإلا على المجتمعات العراقية البحث عن دستور آخر…أو اللجوء لحكم تستغل فيه الأكثرية الأقليات كما هو متعارف عليه منذ زمن.
خلال خمسة أعوام عملت جميع الأحزاب وسن البرلمان قوانين والجميع كان مشارك دون أن تعصف العواصف الوحدوية الوطنية والاستماتة من أجل وحدة العراق أرضاً وشعباً…لكن عندما حان موعد التصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات…وعلى القائمة المفتوحة…أي على إعطاء العراقي الحق الحقيقي في انتخاب ممثليه كتجربة واقعية لانتخابات برلمانية قادمة قامت الدنيا ولم تقعد.
كيف للمواطن العادي أن يفرق بين الوطني واللاوطني…بين من يريد للعراق الخير والرفاهية وبين من يريد تمزيق العراق ونثر أشلائه. هل للمواطن…الناخب المنتمي والمستقل حرية اختيار أم الأحزاب تقودهم لما تشتهي سفنهم وإن كانت عكس الرياح الطبيعية.
إما التحكم للدستور واتباع المواد المتفق عليها والذي صوت الشعب بأغلبية …وأما السماع لأصوات سكان كركوك بأسلوب نزيه وتحت رقابة دولية غير منحازة. وأما ترك الموضوع لأجيال تتفهم الأمر ولها القدرة لفض النزاع
ات بأسلوب أكثر حضاري مما هو عليه الآن.
القيادات العراقية مازالت تعيش في دوامة سوء الضن، والحلقة الفارغة، والتربص بالآخر. فهل نطبل لحروب داخلية…هل نريد أن نكست أصوات الناس…هل نملي على الآخرين ما نتمناه ونراه هو الأصح والحق وما يراه غيرنا هو الباطل. مالكم كيف تحكمون.
لم أرى أن نور الحق يظهر طالما العراقي في عوز، وطالما الثروات تهدر والطفل المريض لا يعالج، والمرأة الأرملة ليس لها حصة من ثروات بلدها وحقها يذهب في جيوب المتسلطين بمسميات متنوعة…ولم أرى للديمقراطية معنى إن لم يتوفر للجميع مسكن لائق وحياة كريمة…ولم أعترف بأي حزبٍ أو مجموعة سياسية ترفع شعارات وتصرخ للوطن والشعب…طالما لم يعم جميع الأطياف العراقية الفرحة الحقيقية بأنهم ينتمون للعراق حقاً وصدقاً…لأن حقوقهم المسلوبة ردة إليهم ورد إليهم الاعتبار ووقع الجميع على عقدٍ وطني أن لا يظلم إنسان عراقي أبدا…وأن القانون فوق الجميع فلا فضل لحاكم على محكوم ولا عربي على كردي أو تركماني أو آشوري أو إيزيدي أو صابئي أو كلداني…العراقي هو الأفضل وإن لم يقدم شيء لهذا الوطن فمن واجب الوطن أن يقدم له كل حقوقه غير منقوص. عندما أرى أن المعوق يتمتع بما يتمتع به البشر، والبصير واليتيم والعاجز والشيخ الكبير والمرأة العجوز…والأرض العراقية تزرع والمياه العذبة تجري في أنهارها…والسماء صافية بلا عواصف حمراء أو صفراء…والشتاء مهما يكن بارداً أو صيف العراق قاسياً حره وشمسه…فالمواطن لديه كافة المستلزمات التي تقيه برد الشتاء وحر الصيف…وحقد الحاقدين وطمع الطامعين…أنحني إجلالاً وإكراماً لكل سياسي قائد كان أم موظف بسيط، شرطي أو جندي…عامل أو تاجر…معلم أو طالب.
المخلص
عباس النوري