أن يترك الإنسان عمله وينتقل لعمل آخر تبعا لمتطلبات الحياة فهذا أمر وارد وان يسافر المرء بحثا عن العمل أو التعليم فهذا أيضا من أسباب الهجرة من مكان لآخر …….
ولكن أن يخرج الإنسان تاركا بيته وأهله وأحبابه تحت وابل الصواريخ والنار فهذا يسمى في المصطلح بالهجرة القسرية , وهذا النوع من الهجرات لم يتم إلا في وجود محتل غريب ….ولكن اليوم وبعد انسحاب المحتل من غزة انقلبت الصورة تماما ….فتحولنا إلى لاجئين يمكن البطش بنا في أي وقت وتحت الكثير من الحجج والذرائع وأصبح الاحتلال هو من يدافع عن حقوق الإنسان ويحمينا من آلة البطش والموت الرابط لنا في كل الشوارع ومفارق الطرق……
آه يا وجعي الممتد….آه يا وطني المذبوح من الوريد للوريد….آه يا غزة يا من احترنا هل نحبك أم نكرهك ..هل نبقى فيك ….أم نختار اتجاه الشرق أو الشمال ونرحل ….والرحيل أحبائي باتجاه من يحمينا اليوم ……يا الله هل جاء الزمن الذي أصبح فيه المحتل مدافع عن الإنسان وحقوقه …يا للخجل كيف يقوم المحتل القاتل بمداواة جرحنا ونحن أبناء شعب واحد ذقنا المر والعلقم معا لا نداوي جرحنا….
الشجاعية اسم لا يمكن أن يغيب عن الذاكرة اسم صنعنا النصر على بوابته الشرقية وبدأنا رحلة الدم والشهداء من ذلك الحي الذي طالما تصدى للمحتل وقدم خيرة أبناءه على مذبح الحرية…..الشجاعية أصبحت اليوم مكان للموت وبلدا للهجرة والمغادرة ….
هل نجلس في بيوتنا حتى يأتي الدور علينا ,فاليوم الشجاعية وغدا الصبرا وبعدها سيداهم كل بيت لا يريد أن يدفع ضريبة الحياة والتامين الشخصي ….لأننا نرى فن جمع الضرائب من السيد الوالي اليوم هناك فن جمع المال بالخاطر بالقوة …فأثناء سيرك ليلا …أسف ومن يستطيع أن يسير ليلا هذه الأيام…أثناء سيرك بين المغرب والعشاء تشاهد دراجة نارية يطاردها جيب شرطة وللحظة الأولى تعتقد ان صاحب الدراجة قاتل هارب أو تاجر مخدرات يريد أن يفتك بالشباب ….ولكن بعد مطاردة تشبه أفلام الاكشن يتبن لك أنهم كانوا يطاردون واحد من الناس لدفع 600شكيل ضريبة يعني ما يعادل 170دولار…وهنا تنفجر ربما بالضحك إذا هرب الجاني أو البكاء إذا شاهدت كيف تتم مصادرة دراجته وربما جره للنوم في زنزانة …..
الذي يحدث في غزة فاق كل تصور …الذي يحدث في وطني المحتل والمخطوف في ذات اللحظة سيكون وصمة عار على جبين كل الأحرار في العالم…
اليوم نحمي حدود الاحتلال ونطلق النار على كل من يحاول تدمير التهدئة التي جاء بها الوحي لأولياء الله كما يدعون ونسينا …….القدس …..المقاومة…. وأصبحنا نؤيد المحتل عندما هجرنا الناس ….حق العودة اليوم لمن يا سادة للذي يسكن تشيلي ولا يعرف أين يوجد الوطن أم للذي أجبرناه على ترك غزة وهاجر باتجاه مصر أو المحتل….
كيف نطالب بحق العودة ونحن من يخلق للشعب هجرة جديدة ….
اليوم ونحن نرى كل أشكال الذل والاستحمار في وطننا نقولها وبالصوت العالي نريد أن نرحل….إلى الهند…الىالنرويج …إلى أوغندا….إن شاء الله إلى غونتاناموا نريد الرحيل …..
ولنترك لهم غزة كي يبيعوا السولار والبنزين والاسمنت والإنسان بالكبونة …..يا سادة من يدعي حماية الوطن هو من يفتح السوق السوداء لكل السلع الأساسية ويبيعها عبر أطفال صغار على مفارق الطرق …
اليوم لم تعد غزة المقاومة ….ولم يعد فيها طعم للموت….نعم كان هناك طعم للموت في المواجهة مع المحتل ولكن اليوم حتى من يذهب ويواجه لم يعد له في غزة قيمة…كل الأحرار محاسبين على وضع غزة وكل الداعمين محاسبين …………وأروع شيء اليوم هو أن تستطيع العبور شرقا أو شمالا لتجد نفسك في حضن جندي محتل لكنه إنسان نعم إنسان ….وترحل تاركا كل شيء كي يعيش أهل الأمن والأمان ويعيش اللص طويلا ..؟؟؟؟!!!!
محمد العصار