اكتشف فريق من باحثي الآثار في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث مؤخرا هياكل عظمية لأربعين جملا برياً في المنطقة الغربية في إمارة أبوظبي تعود لأكثر من ستة آلاف عام، ستفيد في تحري تاريخ الجمال في شبه الجزيرة العــربية.
وأوضح مدير عام الهيئة محمد خلف المزروعي في بيان صحفي نشرته الهيئة أمس أن فحوص الكربون المشع أشارت إلى أن عظام الجمال تعود لأكثر من ستة آلاف عام، بما يمثل اكتشافاً علمياً جديداً على مستوى العالم.
وجرى الإعلان عن هذا الاكتشاف خلال جلسات ”ندوة الدراسات العربية” التي تنعقد سنوياً في المتحف البريطاني في لندن بمشاركة عالمية من آثاريين وخبراء في التراث، والتي أقيمت نهاية شهر يوليو الماضي.
وتكمن أهمية الآثار المكتشفة، بحسب المزروعي، في حجم الآثار المكتشفة وعددها الكبير، علما أن التنقيبات السابقة ركزت على جمع البقايا القديمة المتواجدة في الموقع وقياس حجم العظام.
وتشير التحليلات الأولية لحجم عظام الجمال إلى وجود نوعين من الإبل، الأول جمال متوسطة العمر تضاهي مثيلاتها من العصر البرونزي التي تم اكتشاف عظامها في منطقة أم النار، لكن النوع الثاني الذي يخص الجمال الأكبر سناً يشير إلى أنها حيوانات ضخمة جداً.
وتخطط إدارة البيئة التاريخية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث للقيام بتنقيبات بحثية إضافية في هذا الموقع مع حلول الشتاء القادم، حيث ستركز على فهم السياق البيئي للموقع ومزيد من التحليل المفصل لعظام الجمال القديمة.
وقال مدير المسوحات الثقافية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث الدكتور مارك بيتش بالنيابة عن فريق البحث: ”إن الهياكل العظمية للجمال المكتشفة في منطقة بينونة الصحراوية في المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي بدولة الإمارات تمثل أكبر عينة من عظام الجمال البرية القديمة التي تم اكتشافها في شبه الجزيرة العربية حتى الآن”.
يشار إلى أن المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي قد كشفت من قبل عن أحافير لعظام حيوانات ثديية ترجع إلى عصر المايوسين الحديث قبل ستة إلى ثمانية ملايين سنة، وكذلك عن آثار نهر قديم يرجع إلى عصر المايوسين.
كما اكتشف فريق من الهيئة في يوليو ،2007 آثارا في المنطقة الغربية ترجع إلى العصر الحجري القديم الأوسط، وهي عبارة عن لباب وشظايا من حجر الصوان تم تشذيبها وتهذيبها لتكون مصدراً لتصنيع آلات أكثر دقة، وهو ما اعتبره آنذاك مدير قسم الآثار في إدارة البيئة التاريخية بالهيئة وليد ياسين إضافة جديدة في عمق النشاط الإنساني على أرض أبوظبي والذي تبين أن جذوره الأولى ترجع إلى العصر الحجري القديم.
وذكر بيتش أن ”اكتشاف الهياكل العظمية لأربعين جملا سيمكن الباحثين من تحري تاريخ الجمال في شبه الجزيرة العربية”.
وأوضح أن عظام الجمال استخرجت من الكثبان الرملية إلى الجنوب من ”غابة بينونة” التي كانت منطقة بحيرات منذ نحو ستة إلى تسعة آلاف سنة حين كانت الجمال تأتي إليها لشرب الماء.
وبينونة قرية صغيرة تبعد عن مدينة زايد حوالي (10) كم تقريبا تجمع بين مظاهر الحضارة و أصالة البداوة، وتحيط بها مزارع النخيل و الغابات المتنوعة.
كما تقع على مقربة منها غابة (الوضيحي) وهي محمية طبيعية فيها الكثير من الغزلان والمها العربية.
وتوقع بيتش أن يكون أهالي أبوظبي القدماء اعتادوا على صيد هذه الحيوانات نظرا لاكتشاف آثار لنصال حراب صوانية تم تصنيعها من قبلهم.
ومن المتعارف عليه تقليديا أن تدجين الجمال تم في العصر البرونزي أي قبل نحو أربعة آلاف عام نظراً لأن عظام الجمال موجودة بوفرة في مواقع عديدة مثل موقع أم النار.
وتشير عمليات البحث الأخيرة في مواقع في إمارة الشارقة إلى أن الجمال لم يجر تدجينها حتى ثلاثة آلاف سنة خلت تقريبا أي خلال العصر الحديدي.
اكتشافات أثرية في موقعي الثقيبة و مويلح تعود للعصر الحديدي
الشارقة (الاتحاد) – عثرت بعثتا تنقيب إسبانية وأميركية على مقتنيات ودلائل أثرية تعود إلى العصر الحديدي في موقعين أثريين مختلفين في إمارة الشارقة، حسب بيان صحفي صادر من دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة.
وعثرت بعثة التنقيب الإسبانية من جامعة مدريد بالتعاون مع إدارة الآثار بدائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة في موقع ”الثقيبة” الواقع في سهل المدام في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة، على كميات كبيرة اللُقى الأثرية خاصة الفخاريات التي تحمل صفات تميز بها فخار العصر الحديدي.
ويضم موقع الثقيبة، حسب البيان، قرية زراعية ومستوطناً مترامي الأطراف يعود إلى العصر الحديدي أو فترة الألف الأول ق.م، حيث تم الكشف خلال المواسم السابقة عن مجموعة من الدور السكنية المشيدة باللبن ظل أحدهما في حالة جيدة ويتكون من ثماني غرف وساحة وسطية، بالإضافة إلى وحدات بنائية كاملة ذات جدران مطلية بالبلاستر.
كما كشفت التنقيبات وجود بئر وورشة لصناعة الطابوق الطيني أو اللبن والذي شيدت بواسطته معظم مباني الموقع.
ومن المكتشفات اللافتة، العثور على قنوات مياه تحت الأرض، وهو ما يسمى نظام الأفلاج والذي يعزى له استقرار المجتمعات البشرية وتطور الزراعة واتساع القرى الزراعية والتي كان هذا الموقع يمثل أحدها.
وتتبعت البعثة الأثرية الفلج على مسافة عشرين متراً وعلى عمق بلغ 5 أمتار تحت سطح الأرض، حيث تأمل البعثة مواصلة تنقيبه وتتبع مساراته خلال الموسم المقبل، والذي يبدأ في نهاية العام الجاري. وأوضح البيان الصحفي أنه نظراً لاتساع مساحة هذا الموقع وضرورة المحافظة عليه وحمايته من التجاوزات، شرعت دائرة الأشغال العامة بالتنسيق مع إدارة الآثار بالشارقة في إقامة سياج معدني حول الموقع، ضمن خطة بشأن نصب أسيجة ومظلات واقية لجميع المواقع الأثرية في إمارة الشارقة.
من جهة أخرى، واصلت البعثة الأثرية الأميركية من كلية براين مور تنقيباتها الأثرية في موقع مويلح، وهو مستوطن كبير يعود إلى العصر الحديدي ويقع على بعد حوالي 15 كم من خط الساحل الحالي في الشارقة وعلى بعد حوالي 45 كم من سهل الذيد الداخلي، ”وربما كان موقعة عند استيطانه قريباً من خور قديم متصلاً بساحل البحر”، حسب البيان الصحفي.
يؤرخ الموقع إلى فترة في العصر الحديدي الأول والثاني 1300 – 600 ق.م، التي شهدت تطوراً كبيراً ونمواً واسعاً في حجم المستوطنات في عموم المنطقة.
واحتوى الموقع على عدد من المباني يحيط بها سور خارجي على شكل جدار كبير، حيث استعملت تلك المباني لأغراض العيش وأخرى لأغراض الخزن.
كما تم العثور على مركز إداري في وسط المستوطن، يتكون من غرفة مركزية كبيرة تحتوي على عشرين عموداً ظلت قواعدها قائمة إلى هذا الوقت مع عدد من الغرف الأصغر حجماً.
ضمت هذه الغرف العديد من الأوعية الفخارية ذات الزخارف مصبوغة، وأسلحة حديدية ومئات القطع البرونزية التي تشير إلى وجود ورشة لصناعة البرونز.
وكان من بين اللُقى الأثرية ما هو مستورد من وادي الرافدين وإيران واليمن، مما يشير إلى ممارسة التجارة على نطاق واسع وكان تدجين الجمل الذي حصل في هذا الوقت من الأمور المهمة التي ساعدت على انتشار التجارة عبر مسافات طويلة.
وأضاف البيان الصحفي، أنه يحتمل أن يكون استيراد البخور إضافة إلى وجود كتابات بالخط السبأي في الموقع من جملة الأمور التي نتجت عن ممارسة التجارة بين المنطقتين.
وكشفت تنقيبات الموسم الأخير أجزاء أخرى جديدة من السور المحيط بالموقع وظهر وجود براج دائري كبير في إحدى زواياه، وقدمت البعثة طلباً لاستئناف موسم جديد من التنقيبات الأثرية الذي سيبدأ في نهاية العام الحالي.