شعر: أحمد مطر
تَخَلَّفتُ عَنِّي.
كثيراً كثيراً تخلّفتُ عَنّي.
تَناهى التّباعُدُ بَيني وَبَيْني
إلى حَدِّ أنّي
أُضِيءُ طريقي لِشَمسِ اليَقينِ
بِعَتْمةِ ظَنّي!
وأُطعِمُ نارَ الحقيقةِ
ماءَ التَّمنّي!
***
تَخلّفْتُ عَنّي
لأَنّي تَوقّفتُ أَبني
كِياني وَكَوْني
على كائِنٍ لَمْ يَكُنِّي!
وَإذ لاحَ أَنّي
بَنَيتُ السِّنينَ على هَدْمِ سِنّي
تَلَفَّتُّ كي أَطلُبَ العُذْرَ مِنّي
فَما لاحَ مِنّي خَيالٌ لِعَيْني!
***
سَفَعْتُ وُجوهَ الصُّخورِ
بنارِ المعاني
فَلَمْ تُعْنَ يوماً بما كُنتُ أَعْني!
وألقَيْتُ بَذْرَ التّعاطُفِ
فوقَ الهَوانِ
فَلَمْ أَجْنِ إلاّ ثِمارَ التَّجني!
وأَحنيتُ عُمْري
لِتَعديلِ سَمْتِ الغَواني
فَلَمْ أَلقَ مِنهُنَّ غَيْرَ التَّثنّي!
***
أَمِنْ أَجْلِ هذي الغَياهِبِ
أَحرقتُ فَنّي؟
أَمِنْ أَجْلِ هذي الخَرائِبِ
هَدَّمتُ رُكني؟
أَمِنْ أَجْلِ هذي الدَّوابِ
التي تَحتفي بالعَذابِ
وتبكي بُكاءَ الثّكالى لموت الذِّئابِ
غَمَسْتُ بدمعِ المواساةِ لَحني؟!
إلهي أَعِنّي.
أَعِدْني إليَّ.. لَعَلَّ التّسامي
غَداةَ التئامي
سَيغفِرُ للرُّوحِ جُرْحَ التَّدَنّي.
أَعِدْني..
لَعَلّي بنَشْري أُكفِّرُ عن كُفْرِ دَفني.
وأَلقى بذاتي
بقايا حياتي
فـأدنو إلى نَسمَةٍ لم أَذُقْها
وأحنو على بَسْمةٍ لم تَذُقْني
وَأُغْني دَمي وَحْدَهُ بالتَّغنّي.
***
سَأُغْني دَمي وَحْدَهُ بالتَّغنّي.
أحمد مطر