والخطوة الاستخفافية والاذلالية الإسرائيلية هذه مع دخول العتبة عامة ألاعتقالي الثاني والثلاثون قبل أيام، ودخول الأسير أكرم منصور”الوحش” عامه ألاعتقالي الثلاثون قبل يومين،وهذه البادرة الإسرائيلية من شدة “عظمتها” وكونها خروج غير عادي على “المألوف”،فإن إطلاق سراح هؤلاء الأسرى الخمسة،من مجموع أحد عشر ألف أسير فلسطيني،حيث سيتم عرض هذا القرار على مجلس الوزراء للمصادقة عليه،والأسرى الخمسة الذين يجري الحديث عن إطلاق سراحهم،حتماً سيكونون ممن شارفت أحكامهم على الانتهاء،ومن ذوي الأحكام الخفيفة.
إن هذا القرار الإسرائيلي،يؤشر بشكل واضح أن رهن مصير الأسرى الفلسطينيون،لمنطق التفاوض وما يسمى ببوادر حسن النية الإسرائيلية،عدا أنه لم ولن ينجح في تحرير الأسرى الفلسطينيين بعزة وكرامة،بل أنه يعني استشهاد غالبية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية،أو أن تحررهم رهن بكشف “جينات” لها علاقة بإطالة عمر الإنسان الى أكثر من ألف عام على الأقل،لأن إطلاق سراح أحد عشر ألف أسير فلسطيني،بحاجة الى أكثر من عشرة ألاف عام،وإسرائيل التي احتفظت بجثث شهداء فلسطينيين عشرات السنيين، ليس بالمستغرب عليها هذا التصرف والنهج،فوزير عدلها الحالي ورئيس جهاز مخابراتها العامة “الشاباك” السابق”آفي ديختر”،قال في سياق التصريحات الإسرائيلية،الداعية الى إطلاق سراح القائد البرغوثي،بأن البرغوثي”قاتل وإرهابي” ويجب أن يقضي بقية عمره في السجن، ناهيك عن العقلية السادية التي تعتنقها وتتربى عليها طواقم وإدارات السجون الإسرائيلية،حيث قبل أيام وأثناء عودة عدد من النواب الأسرى من محكمة “عوفر” في سيارة”البوسطه”،السيارة الزنزانة المخصصة لنقل الأسرى،قام طاقم”البوسطة” بتعريض حياة النواب للخطر والضرر من خلال،السياقة بسرعة جنونية ومن ثم التوقف بشكل فجائي،وما يترتب على ذلك من خطر وضرر للنواب المكبلة أيديهم وأرجلهم بالقيود،وكذلك تعريض حياة الأسير عبد الله البرغوثي للخطر والمحكوم بالسجن 67 مؤبداً،حيث قامت مجموعة من ما يسمى بوحدات قمع السجون”نحشون” باقتحام زنزانته في قسم العزل الانفرادي في سجن عسقلان،وفي نفس الليلة التي جرى فيها تحرر الأسير القائد المناضل سمير قنطار من الأسر،واعتدت عليه وهو مكبل اليدين والرجلين بالضرب المبرح،قبل أن يجري”جره” في ساحة القسم، وتكسير واتلاف كل محتويات زنزانته،والتي لم يقوى على ترتيبها من شدة التعذيب الذي تعرض له ،وبعدها جرى اقتحام زنزانته وتعريضه لتفتيش مذل ومهين،لمدة ثلاثة أيام متواصلة،وبما يدلل على ويكشف طبيعة وحقيقة النوايا الإسرائيلية،تجاه الأسرى الفلسطينيين.
وما أقدمت وتقدم عليه إسرائيل من ممارسات وتصرفات تجاه أسرانا بالإضافة الى استخفافها بكل الأعراف والمواثيق الدولية الخاصة بحماية الأسرى والمعتقلين،وتسفيه قيمة الأسير الفلسطيني،وعدم إقامة أي وزن أو قيمة للطرف الفلسطيني المفاوض،ومطالبه في هذا الجانب،يتطلب منا العمل على طرق كل الأبواب والوسائل من أجل العمل على إطلاق سراح أسرانا.
والتشديد على آسري الجندي الإسرائيلي “شاليط”،بضرورة أن تشتمل الصفقة على أكبر عدد من الأسرى القدماء،وكذلك الوزراء والنواب الأسرى على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم السياسية والفكرية،بالإضافة للنساء والأطفال،وأن تكون شاملة جغرافياً،أي بمعنى أن تشتمل على أسرى بالتحديد من الداخل/1948 والقدس،كون أسرى تلك المنطقتين،ترفض إسرائيل شمولهم في أية صفقات إفراج،أو ما يسمى ببوادر حسن النية.
وكل هذا لا يعفينا من التحرك على مستوى الهيئات والمؤسسات الدولية والعربية،من أجل وضعهم والشرح لهم حقيقة الأوضاع المأساوية في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وأنه من غير الممكن تحقيق أي تقدم في العملية السياسية،بدون أن يكون أحد عناوينها الأساسية إغلاق ملف الأسرى،وعدم استجابة إسرائيل في هذا الملف،يعني أن الشعب الفلسطيني،قد دفع الى ممارسة خيارات أخرى تكفل له تحقيق الحرية لأسراه ومعتقليه،وخصوصاً أن الكثير من الأصوات الإسرائيلية والفلسطينية،باتت على قناعة تامة بأن إسرائيل،تخضع فقط لمنطق القوة،ولنا في تجربة الأسرى اللبنانيين وخاصة سمير القنطار تجربة ومثل،والذي لولا ما أقدم عليه حزب الله من أسر لجنود إسرائيليين،لبقي في السجون الإسرائيلية حتى آخر يوم في حياته،وهذا ما عبرت عنه محافل إسرائيلية رسمية،بل حتى بعد تحرره من الأسر وبعد ثلاثين عام، تهدد إسرائيل بتصفيته واغتياله.
إن هذا الاستخفاف الإسرائيلي بنا كفلسطينيين،نابع بالأساس من عوامل ضعفنا وفرقتنا الداخلية،والتي يجب أن تكون أحد أبرز العناوين التي يجب العمل على إنهاءها،من أجل أن تستعيد الساحة الفلسطينية وحدتها وعافيتها،وأن نصبح قادرين على ترجمة شعارات تحرير أسرانا من السجون الإسرائيلية الى حقائق ووقائع على الأرض،وليس مجرد شعارات و”هوبرات”إعلامية.
راسم عبيدات
القدس- فلسطين
3/8/2008