ناجي حسين
دعوني أر أشتعال الأزهار في النشيد.أقلب دفتر الأنكسارات. أغازل جمرة الفجر من شباك الغياب.أحدق في جرح الروح الذي ينخره المنافي.
دعوني أر أشتعال الأزهار في النشيد.أقلب دفتر الأنكسارات. أغازل جمرة الفجر من شباك الغياب.أحدق في جرح الروح الذي ينخره المنافي.
نبوح،ونبوح فلا تبقى كلمات،وأنا مثل مسافر في هذا الليل، أطبق جفني خوف الصحو وأطوي، بين ضلوعي ظلا من شموخ عناقيد الرطب، يلملم مقل القمر، ويرمي حين تمر النسمة بالرشيد، وشاحا من نجمات، أمشي، أمشي حتى يتكسر ماس القمر على كتفي، ويهمي الشوق على الشرفات الوسنى، زوارقا من جمرات، تبدو تحت سديم الحلم،لا يغريها،رغم الظمأ الطاعن في نظرتها، البلح في كفي، مدائن ورد.
دعوني أر عرس الصبح زفته الريح في مهرجان عصافير الله حين تغني،وتسيل دموع النيران،وقامة طفل تتوهج خضراء، يانعة . دعوا زورقي يبحر إلى دجلة، وإن تكسرت أشرعتي أزاوج بين العاصفة وصهوة الضوء.ستحملني سعفات الحنين من غصن مدمى إلى أمهات يلبسن السواد. من نخلة تنزف إلى طفل يتيم، وبَحرٌ من المَوتِ حتى الصَّوتُ فيهِ الدِّماءَ، سوف أمر في دربي على الغدر ,غَدرُ الأهلِ يا وطني وهيَ الخيانَةُ.. يَكفي الخائنين وصمة عار، بغير رحمة .
على صعب الدروبِ مَشَتْ خطانا، مَضينا. لم نَخفْ في السّعي وَعْدا، نغسل جرحنا الدامي بسواعد مِن وَهَجٍ المقاومة فتزهو حواشيه وردا، سنحرّر التُرابَ ومَنْ عليه ِ، وسنلغي عن أعناقِنا قيد المُجرمينَ، نخلة لا تحترفُ الاستسلام للغزاة، أحتجتَ أن تكون وحيدة، فالخيانات أثقلتنا بالمآسي. أسكب نار الرَّافِدَين ِ، سأحمل غصنا مدمى بجراحه من منفاي إلى شط العرب . ومصباح يضيء الدرب في ليل تشعله قصائديَ . سأحمل قرنفلة النشيد من فم أمي إلى غترة وعقال أبي كلَّما هَزَجُوا ألقَتْ جَلالاً على أكتافِ العراق . أوزع أغنيتي على شعبي كي ينشدوها. أجوب في ذكرياتي جنوب بلادي.
أتذكر صبايا السمر وهن يجدلن الأغنيات تحت الغيث. تتدلى جدائلهن بألوان غامقة. يضعن تيجان من أوراق الشجر. أشعة الشمس تداعب عيني الصباح، فينهض بعد كل ليلة. قرأت فتاة رواية، متسائلة . ما الذي جاء بك إلى هنا؟ قلت : حبيبتي
أتيت للبكاءّ!
اتيت لأغني!
ما تقول:
أعرف انك ستسخرين مني.. هذه مشكلتي. ولدت دمعة في محاجر عيني. رفضت بعناد أن تسقط في هذا الفضاء المكشوف.
لقد جبت القارات أبحث عن مكان لا يراني فيه أحد..
وها أنا أجد نفسي أمامك!
أخرجت منديلا مطرزا حملته معي من أرض سومر، مسحت دموعي، ثم ربطته حول شعرها الفحمي!
أحتفظت بدمعة واحدة . ربطتها بزهرة تفتحت في كندا . ألقيتها في جزيرة فانكوفر.
وكان الوقت ربيعا والمياة تساير الضفتين، تكاد تطفو على الرصيفين..وأنا في هذا الحماس والنقاش والسؤال، كان الغروب يمشط أزهارا يانعة تحيطها أغصان طرية .. هنا توقفت فكره بل أفكارا أمام باب ذكرياتي، ونهض جبل يتثاءب أمام بوابة البصرة، يحدق في مفاتنها من وراء ستائر كندية..
وخرج النداء حارا : يا رب ما هذا الزمن المنحط!
كيف توحد كل دعاة الكفر، لشرع قوانين خيانة الأحزاب، بشرع مسيلمة الكذاب، تعانوا كلهم كي يذبحوا عشتار, بصدورُ أبنائِهِ كانَتْ لَهُم دروعا , ,سأظلّ أصعد في محرابها أملاً , نرقب الصبحُ فقد يأتي , بأجمل نصرا. وعلى شباك منفاي قد مات القُرَنْفُلْ , طائراً يقفزُ بين يدي, وترفين ضياءً في دمائيْ , يقيناً رأيتُك ترنيمُ ملاكِ آن تنفسِ فجرْ , على أوراقي دمعٌ النخيل, تهفّ على الأفق مثقلة باللجين , وتصنع منا عروشاً لمجد أعلى بُنودا, وفي سبيلُ الخلاص يبني وجودا, أدري سألقاكِ يوماً , ولا بدّ للنهر أن يسترد الضفاف تهبُ اشتياقاً, وَعَلى مسلة جلجامش حزن، وَدَمٍ، رَأَيْتُ شعبي في العابرين، وَأَوْشَكَتْ عَيْنايَ تنهمرانِ جَمْراً، أَوْدَماً، والَّذي في الصَّدْرِ يُدْمي، والجراحُ كَلاَمُ , طُوِيتْ، أَوْجَاعُ الصَّحائِفِ بالَّذي فيها، وَضاق على أَسَى صَمْتِ الملايينِ المِدادُ، وَجَفَّتِ الأقلامُ!!!
وَلأَنَّني، والشَّاهِداتُ تَمُدُّني بِالْكِبْرِياءِ، وَحَوْلِيَ النخيل واقفةٌ , على طولِ الحدود.. إلى بغداد الطَّريقُ، يَداً تُلَوِّحُ، وابْتِسامةَ دَمْعَةٍ، وَأَظَلُّ أنْتَظِرُ الأَحِبَّةَ، عَلَّها تَمْشي إِلَيَّ بما تَبَقَّى… مِنْ ظِلاَلِ المنفيينَ , أَجْمَلُ قَنْطَرَهْ , ما بَيْنَ البصرةَ وَبغداد، وَبَيْنَ ما نَزَفَ المِدادُ مِنَ القَصيدةِ، والَّذي نَزَفَتْهُ مِنْ حُلْوِ الهديلِ , المِحْبَرَه!!؟
ولماذا هذا التعب والشجن كله. والبحث عن مكان صغير دافىء يؤوي دمعتين وأغنية. ويحلم بالحرية.