بقلم ناصر ثابت – رام الله
(1) سوط بيد الأنظمة
لا يستطيعُ المراقبُ للأوضاع المتردية التي تعيشها فلسطينُ بقلم ناصر ثابت – رام الله
(1) سوط بيد الأنظمة
لا يستطيعُ المراقبُ للأوضاع المتردية التي تعيشها فلسطينُ
هذه الأيامُ إلا أن يلاحظَ تشابُهَ الأسلوب بين جريمتين حدثتا في نفس اليوم تقريباً، الآولى هي إقدامُ الإحتلالُ الصهيوني على هدمِ منزل عائلة أبي عيشة في القدس المحتلة، والثانية إقدامُ المليشيات الظلامية في غزة على إغلاق بيت عائلة المشهراوي. الأول تقطنه خمسُ عائلات معظمهم من النساء والأطفال، والثاني يقطنه أكثر من ثمانين شخصاً معظمهم من النساء والأطفال والمقعدين، أيضاً.
الاحتلال عنده مخطط لاقتلاع الفلسطينيين من القدس، كمقدمة أساسية لتهويدها وتغيير طابعها لصالحه، هذه حقيقة علمية غير قابلة للنقاش. لكن، ما هي مصلحة الانقلابيين في تقليد أساليب الاحتلال الصهيوني وتنفيذ عقوبات جماعية ضد الأبرياء؟
والمثير للاشمئزاز أن صور إغلاق البيت انتشرت على النت، وفيها تظهر الأبواب المغلقة قسراً وقد “زُينت” بعبارة خطيرة هي “مُغلق بقرار من كتائب القسام!!”.
كتائب القسام التي قال عنها الإعلام الأعاجيب، أصبح همها اليوم أن تغلق بيوت الفلسطينيين كما تفعل قوات الاحتلال، وأن تسحب سلاح المقاومة مثلما فعلتْ بكتائب أبي الريش وغيرها. ولكن لمَ العجب وقد هدمت مليشيات حماس بمسمياتها المختلفة الكثير من البيوت والمقرات الحكومية في غزة منذ الانقلاب الدموي؟
نعم، أنا شخصياً لستُ متعجباً من هذا الأمر، ولكنني أتعجبُ من الذين ينتظرون منهم أن يكونوا غير ذلك. وهذا يقودنا الى إطلاق التساؤل التالي: هل هيَّأتْ حماسُ عناصرها (تربويا وفكرياً) لقبول الآخر؟ فمن المعروف أن حركة الإخوان المسلمين أجلت مشاركتها في مقاومة الاحتلال سنوات طويلة بحجة أنها تقومُ بإعداد أعضائها وتربيتهم على الإسلام الحنيف حتى يتسنى لهم المشاركة في أعمال المقاومة عندما تتخذَ قيادتُهم القرارَ بحلول ساعة الصفر.
أية تربية هذه، وأي إعداد إن كانت لا تهيئُهم لقبول فكرة أن في هذه المجتمع أساليبَ واجتهاداتٍ مختلفة عن أساليب الإخوان واجتهاداتهم وأن أهم وسيلة تتبعها الفصائلُ الفلسطينية المختلفة في صراعها مع العدو هي إشهارُ سلاح الوحدة الوطنية في وجهه؟
تُجمعُ الكثيرُ من المراجع التاريخية أن الإخوان المسلمين تم استخدامهم من قبل الأنظمة الحاكمة كعامل انشقاق، وكمحفز للفتنة عدة مراتٍ، سأذكر ثلاثاً منها على سبيل الأمثلة.
في الآولى، استخدمهم الملك الراحل الحسين بن طلال ملك الأردن لمواجهة الوطنيين والناصريين والقوميين عام 1957 إبان حكومة سليمان النابلسي، فخرجت جموعهم وقتها لتهاجم هؤلاء الخصوم بالحديد والنار ولتضربهم بسياط النظام. وقد ساعد الإخوان المسلمون في قمع المظاهرات التي خرجت في أريحا دعماً لحكومة النابلسي الشرعية.
وما دمنا في الأردن، فلا يفوتنا أن نُذكِّرَ هنا أن الإخوان المسلمين وصل عشقهم لهذا النظام حدَّ تأييد مجازر أيلول الأسود التي ارتكبها الجيشُ الأردني ضد الفدائيين الفلسطينيين عام 1970!
هذه الآولى، فأما الثانية فكانت في مصر في فترة ما بعد عام 1971 عندما استخدمهم الرئيس المصري أنور السادات لمواجهة خصومه من الناصريين واليساريين الرافضين وقتها لتوجهاته السياسية بالسلام مع إسرائيل. فمن المعروف أن فترة حكمه كانت من الفترات الذهبية في تاريخ الإخوان المسلمين بعد أن وفر لهم كل الإمكانيات المتاحة حتى يكبروا ويترعرعوا ويلجموا معارضيه، وهكذا كان.
أما الثالثة فكانت في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات عندما دعمتهم إسرائيل (مادياً ومعنوياً) حتى يقفوا في وجه منظمة التحرير الفلسطينية، وينافسوها على أمل إضعافها والنيل من م
كانتها في المجتمع الفلسطيني، وهذه قصة طويلة تحدثنا عنها في السابق، وسنتحدث عن تفاصيلها في مقالاتٍ لاحقة، إن شاء الله.
كانتها في المجتمع الفلسطيني، وهذه قصة طويلة تحدثنا عنها في السابق، وسنتحدث عن تفاصيلها في مقالاتٍ لاحقة، إن شاء الله.
باختصار، أدركت هذه الأنظمة أن تربية اعضاء وكوادر وقيادات الإخوان المسلمين تكون مبنية عادة على إقصاء الخصوم السياسيين والاصطدام معهم، حتى لو كان هذا بعيداً عن الحكمة والتفكير السليم، فدعمتْهم حتى يكونوا أدواتٍ طيعة في أيديها تستخدمهم حين تشاء.
هذه أمثلة قليلة من تاريخ طويل مليء بها، تؤكد أن ما قامت وتقوم به حماس من تشتيت للصف الفلسطيني، وضرب وحدته الوطنية بشدة، هو من صميم فكرها الذي بُنيَ على فكرة إقصاء الآخر الذي لا يتوافق معها في المنهج أوالأسلوب أوالأيديولوجيا، والحلول مكانه عوضاً عن دعمه والتكامل معه.
والسؤال، بعد أن وضعنا هذه الأمثلة التاريخية الواضحة والصريحة التي أصبحت كالحقائق لا يستطيعون منها فكاكاً، هل نتردد لحظة واحدة في قبول فكرة أن حركة حماس تُستخدم حالياً من قبل سوريا وإيران لتنفيذ مخططات غير بريئة؟