الشتاء القادم فيه خوف وعدم اطمئنان ..ارض بلادي التي نعشقها حتى الموت, لم تسعفنا ببئر بترول يخفف عنا ارتفاع الأسعار الجهنمي, ويعطي الأمل بان المستقبل فيه آمان وانتظار للأفضل.كل شي أصبح برسم الديزل,حديثي ليس عن نساء من حي الغويريه في الزرقاء ولا سيدات فقوع الكرك, ولا سيدات من أحياء غابت عنها أسباب الرفاه, ومظاهر الراحة ورغد العيش,بل سيدات من غرب عمان ومن قلب العاصمة الساكنة في بيوت الحجر الأبيض, وتحت القرميد الملون ,تمتد بيوتهن على امتداد الأرصفة النظيفة المزدانة بأشجار مقلمه بعناية تنبت على جوانبها أزهار ملونه وقوارير حجرية وضعت بعناية, يتعهدها خبير زراعي يزورها بمواعيد مرتبه, يواكب تغيرات الأغصان وتفتح الزهور.مشارك أو مستمع فقد ,لا بد أن تسمع أنين للناس ,أصبح للمجتمع أنين وشكوى الم, يتناقل الناس ويكرره الأفراد في الصباح والمساء, أمام المتاجر ومؤسسات الفواتير, والمتطلبات اليومية التي أثقلت الجميع .نساء ورجال, يتذمرون من الاحتكارات والمبالغات في استغلال الناس والضغط على أرزاقهم.حتى طالت كل الأشياء, وفي كل مكان, فارتفعت الأسعار بجنون ,رزحت له ظهورهم بالانحناء تحت ثقل المطالب, وتخرج من تحت الإثقال أصوات أنين لوجع الناس, أمام صدمات الدفع والصرف,المبالغ فيه ليطال كل الأشياء سواء كانت تدار بالديزل آو حتى بدونه.علمتنا الحياة في بلادي أن العمل واجب وعباده ,فلا تقاعس عن العمل ولا توقف عن الدراسة لفتح أبواب المستقبل الذي يحمل كل الآمال والطموحات ,فلا باس أن تحلم ولا باس أن تطلق العنان لطموحاتك لتنتشر فوق ربوع الوطن أسراب العاملين والطامحين إلى الأفضل والساعين إلى النتائج بالعزم والإرادة وحب الأوطان.تعودنا أن الأمل قادم والأفضل قادم وان العزم لا يلبث أن تجد ثماره ,الفرق كان قليل بين الناس يحدده معرفة هنا, آو واسطة هناك تقدم امتيازات وإضافات للحياة, مهما كانت جائرة على حقوق الغير, إلا أنها كانت مستساغة طالما المركب يسير بالجميع وسنصل في النهاية إلى بر الآمان . عجيب كيف تموت أحلام الشعوب والمجتمعات في قرار حكومي.تماما, كما تموت أحلام طفلة بحكم أب قاسي!!.شتاء بلادي القادم يحمل في ثناياه برد قارص, سيلف الكثير من البيوت الحجرية البيضاء ,وسيرفع فاتورة الديزل إلى أقصى حدودها,وستعود جوارب الصوف المنسوجة قرب المدفئة لتحتضن الأقدام المثلجة,وتوقف التفكير عمن استحالت عليهم أسباب الدفء في مناطق الفقر والحاجة, لتكون أقصى حالات الشعور لديهم بالدفء,لا يتعدى, لمس كوب شاي أو احتضان صحن من الحساء,تدبرت أمر تحضيره أم عجزت أن تجد إلا حبات من العدس والماء.هل توقف الشعور في بلادي؟ هل ماتت عزائم الرجال؟,هل توقفت أسراب الطامحين وتبدلت بأسراب الوطاويط الماصة لدماء الأطفال والنساء العاجزات ,والقاتلة لطموح الشباب وفرحة الانجاز؟بائع الورد على الدوار الثامن لا تزال وروده يانعة .تطل من خلف الواجهة الزجاجية بألوانها وأريجها المنتشرة اطاييبه حول المكان,فلتلك الباقات سحر يزيد نبض القلب وينعش الذاكرة بالأحبة والأصدقاء والأيام في مناسباتها وأحداثها’ فكانت لكل وردة ذكرى وقصة ,ولكل عطر انتشاء ,وابتسامة خفية لشيء ما مر عابرا في الذاكرة .ما أجمل أن يكون للناس أسرارها وأشياءها الجميلة, وورودها الخاصة,وما اقسي أن نبدل الورد بالديزل .قال لي أبو احمد بائع الورد:أن لا شيء أجمل من الورد, لأنه خلق للمرأة, فإذا أردت أن تتغزل بها تصفها بأنها كالوردة ,هنا تذكرت أجمل جملة غزل سمعتها, عندما وصفني احدهم بأنني أجمل ورده على قرب جدول الماء, فوافقته على الفور.أكمل أبو احمد حديثه :بان لا شيء يحرك شغاف قلبها كما تحركه باقة ورد غير متوقعة فلها سحر يلامس الشعور وبها تلين, بدلالها وعواطفها, وتبتسم أساريرها ,مجرد باقة صغيره ملفوفة بقطعة من السلوفان الأحمر, وفي أسفلها ربطت بشريط ذهبي, انتثرت خيوطه الملتوية حول الباقة, التي تناولها البائع وقدمها لي مستمتعا بمداعبة بتلاتها, وكأنه يحتضن معشوقته ويغازلها فترد عليه الابتسامة بألوانها وأريجها, غزلا صافيا لا شك فيه.حتى الورود ارتفعت أسعارها لدرجة انك تشم رائحة الديزل بدل عطرها .هكذا انقلبت أحوالنا رأسا على عقب ,واختلفت أمزجتنا ,لنصبح أحياء بلا ناس,تجذبنا روائح ما كانت إلا مزعجة ومنفره ,والآن تعددت وتكاثرت ولم نعد نميز بين الورد والديزل.حديث الورد لا يقارن بحديث الخبز ولقمة العيش,وحليب الأطفال ورواتب لم تكن كافية في السابق ولم تعد الآن ,ولا نعلم حالها في المستقبل,الشيء المؤكد, أن أولادنا لن يتسنى لهم الحصول على قطعة ارض ولا حتى في الأحلام,أما محل الورد على الدوار الثامن ,فلا بد أن يستثمره احدهم ويضع فوقه برج جديد..الله اعلم http://sehambayaydeh.maktoobblog.com/