تنّحتُ لاكثر من ساعة أمام شاشة الكمبيوتر وأنا انتظر عودة خط
تنّحتُ لاكثر من ساعة أمام شاشة الكمبيوتر وأنا انتظر عودة خط الانترنت بعد أن انقطع للمرة الألف ودعوت على عمان تل بالعربي والانجليزي والفرنسي وبكل لغات الدنيا من القهر والتعب ومرارة الانتظار ، وكم تمنيت لو أن محكمة السماء العادلة طسّت الوهيبي والرواس وكل مسؤولى عما طل السلحفاة التي تكاد تزهق أرواحنا ونحن نمتطي حدبتها منذ أن أبصرنا الانترنت، تلك المعجزة التي يؤكد لنا الوهيبي والرواس صباحا ومساءا أنها من أفضل الخدمات الانترنتية وأرخصها على مستوى العالم
كم تمنيت لو تحكم عليهم المحكمة بالبقاء أمام شاشة الكمبيوتر لمدة أربعة وعشرين ساعة ليعدّ كل واحد منهم على أصابع يديه ورجليه عدد مرات انقطاع خط الانترنت ….. ليذوقوا من كأس القهر الذي يسقونه لنا كل يوم
فقد ذهب مقالي الأول أدراج الرياح وتبعه الثاني وكاد الثالث أن يندحش في اثر إخوانه بسبب الانقطاع المتكرر ، فكلما انتهيت من مقال وكبست على زر الإرسال ينقطع الخط ويضيع المقال ، فأعيد ترتيب أفكاري من جديد وانتظر عودة الاتصال حتى إذا ما عاد أعدت كتابة المقال من جديد وعند الإرسال يعود وينقطع ، نفس المسلسل يتكرر كل يوم ، حتى ضربني الوسواس الخناس وهلوست وانخبلت وتخيلت أن الجن والأنس كلهم يتآمرون على لقطع الانترنت
شربت أدول وبندول وزنتاك وهستاك وكل أنواع ادوية الضغط والقولون العصبي الذي احرق بطني وكبدي وكرشي وماحوى من شدة القهر، وأخيرا عاد خط الانترنت من جديد فشحذت همتي ورتبت ا فكاري على عجل وطلبت من أم عماد وأبنائها إقامة حلقة ذكر وتبخير المجلس لطرد الشياطين وفتح التلفاز على قناة الهاشمي والاستماع للرقية الشرعية ، وإخراج الجن المتلبس بخط الانترنت
وبين كل ضغطة وأخرى على الكي بورد ندعو بصوت جماعي يا عالم ما يكون قبل أن يكون لو كان با يكون كيف با يكون قبل أن يكون نجنا مما يكون قبل أن يكون وأحفظ خط الانترنت من الانقطاع حتى انتهي من مقالي ، والحمد لله أبشركم إذا كان زمان المعجزات قد انتهى فبكل تأكيد لم ينتهي في عمان ، فقد ظل خط الانترنت شابك حتى انتهيت من مقالي الذي أعددته كما أسلفت على عجل ، عن سوء الخدمات في ظفار وما يكابده المواطن والسائح على ارض المحافظة
وظني الجازم المانع القاطع لكل لسان من لغلوغه لو أن الحكومة وضعت جائزة لأسوأ منطقة في عمان في سوء الخدمات والتخطيط والإهمال و غياب الرؤى المستقبلية لحازت ظفار على المركز الأول مكرر عشرات مرات مضروب في عشرة
فسوء تلك الخدمات تظل مطمروة خلف الشعارات والتصريحات و التبجحات بالتطور والمعجزات التي تحظى بها المحافظة بل ويصل الأمر ببعض المسئولين إلى درجة الادعاء أن المحافظة حظيت بنصيب الأسد والكلب وكل ذي ناب من السباع من كل الخدمات
ولكن تظل الحقيقة انصع من الشمس في رائعة النهار ، فسرعان ما تتبخر وتتلاشى كل تلك المفرقعات حينما تطأ أقدام أول سائح على ارض ظفار ليكتشف السانح والمقيم وصاحب الدار أن ظفار كتلة من التخلف والإهمال وضعف الخدمات وسوء التخطيط وغياب الرؤى
فالهاتف النقال تضل تدقدقه عشرات المرات فلا تسمع إلا نغمة الأعذار الواهية ( عفوا تعذر الحصول المشترك المطلوب) بنما المشترك المطلوب ملطوش على الطريق أو في مجمع صحي او تجاري ينتظر هو الأخر اتصالك دون جدوى فتلك الشبكة الهاتفية التي تتناطح على تقديم خدماتها عمان تل والنورس من تحت إبطها ، سرعان ما تتحول عند هطول زخّة مطر وفي فترة الخريف إلى شبكة عديمة الجدوى و شبة مشلولة كأنها أسلاك متناثرة في تورا بورا،
واما شبكة الطرق الداخلية فتلك قصة أخرى ، أفضل شارع فيها من دوار الساعة إلى دوار الصناعيات وهو الذي يعد أكثر الشوارع في صلاله تطورا ويُطلق عليه الشارع السريع يتحول هذا الشارع إلى أبطأ شارع في صلاله وتتراكم السيارات فيه بين الدوارين لساعات طويلة، والطامة الكبرى اذا كانت سيارتك بدون مكيف حينها عليك أن تقرا على شحمك ولحمك السلام
وأما الشوارع الداخلية من ذوى الاتجاهين فحدث ولا حرج عن حفرها ومطباتها وأطرافها المكسرة المليئة ببرك الماء الآسن ، يعطر من زواربها العفونه بفضل شبكة الصرف الصحي التي تبخّر اغلب مناطق صلاله ببخور روائحها صباحا ومساءا حتى مل المواطنون من كثرة الشكوى والنواح ، و البلدية أذن من طين وأخرى من عجين
ناهيك طبعا عن زحمة الشوارع وسط المدينة التى تستحق ان تدخل موسوعة جنس فعلى سبيل المثال لا الحصر شارع 23 يوليو الذي يحمل اسم ورمز النهضة والعهد الجديد مع أن طوله بضعة كيلومترات إلا انك تحتاج لتقطعه بالسيارة إلى ساعة ومشيا على الأقدام عشرين دقيقة
ورغم انى خبير بشوارع صلاله وحارتها منذ أيام الصياعه الأولى إلا أنني وجدت نفسي فجأة وكأنني أدور في حلقة مفرغه وأنا أحاول أن اختصر الطريق من زقاق إلى أخر من شدة الزحمة فحتى تلك الازقه القديمة ابتليت هى الأخرى بالضيق والزحمة ، واكتشفت أن بعض الخليجيين اضطرتهم الزحمة إلى البحث عن مخارج اخرى بعيدا عن الشوارع الرئيسية
فاكتشفوا تلك المسالك وحفظوها ، فلا أكاد ادخل زقاق حتى أفاجأ بسيارة إما سعودية أو قطرية أو إماراتيه وهكذا دواليك في كل مشوار ذهابا وايابا حتى فكرت أن استبدل سيارتي بحمار قبل أن يرتفع سعر الحمير فبكل تاكيد اذا ظل الامر على ماهو عليه سوف تعود الحمير الى الاستعمار من جديد و تزدهر تجارتها خاصة للاستخدامات الداخليه
لولا أن أم عماد أقسمت على (بالقبة والسلسلة) وهما علمان مقدسان في ظفار قديما أن لا افعل وهددتني إن فعلت أن تغادر إلى بيت أبيها وتترك البيت والعيال فأجلت المشروع الى حين ميسره
نصيحتي للإخوة الخليجين أن يأخذوا احتياطهم في المرة القادمة فيحضر كل واحد منهم معه حنطور ليستخدموه عند الضرورة بدل من البهدلة بين والازقه والمستنقعات والزحمة وحتى يرحموا المواطنين ايضا من دفع فاتورة سوء التخطيط وغياب الخدمات
فوق كل تلك الطامات والعاهات من شبكة الاتصال إلى شبكة الطرق إلى شبكة الصرف الصحي دخلت هذا العام خدمة أخرى إلى قافلة سوء الخدمات أتدرون ما هى ضعوا أيديكم على قلوبكم !!إنها خدمة المصارف حيث بات الإخوة الخليجيون الذي جمعوا الراتب الشهري وراتب الأجازة وفوقهما السلفة في بنوك بلادهم لزوم فرفشة العيال ، على أن يسحبوها من البنوك في ظفار بالبطاقة الذكية وقت الحاجة
وجدوا أنفسهم فجأة في حيص بيص فأغلب البطاقات لا تسحب بسهوله وإذا سحبت لا تتجاوز قيمة السحب خلال ال24 ساعة أكثر من 500 ريال ليجدوا أنفسهم محتجزين في أغلال الـ خمس مائة ريال وزاد الطين بله صعوبة الخدمة وقلة السيولة .
اكتفي بهذا القدر قبل أن ينقطع الخط وقبل ان تتقطع قلوب قوم خاملون