إنقلبت الموازين والمعايير بعدما كان العلماء يخاطبون الناس قدر عقولهم فتغير الحال تغير الأحول الجوية وأصبح الواقع يقول مثلما عنونا به موضوعنا الضحية جلادا يستحي من رفع مظلمته، و الجلاد ضحية يرفع يده الباطشة في وجه الضحية كأنه هو المعتدي ويجد من يشهد معه ،ويُحمى بقوانين سواء كانت علنية أو التي تحت الموائد تُدار طُفف الكيل ورمدت الأعين المبصرة ،حتى أضحت الشمس الساطعة تبدو للبعض ضبابا أو بخارا يتدفق من مركبات صناعية أو غبارا تذروه الرياح.
جاء موسم التحريف والتخريف ، فأصبح الصادق خائنا ،والخائن يؤتمن ويستدعى لحضور المواسم والأعياد ،ترفرف له الأعلام الوطنية، يكرم وتوضع له النياشين ،وشُرف أصحاب الهوى وضُيق على أصحاب الفضيلة صار العيد جنازة لمن لاعيد له ،وعرسا يوميا لمن جيوبهم ممتلئة بالسحت والمال العام، من أصحاب البطون الملتوية أوالرؤوس الخاوية. أراضي زراعية شاسعة يملأها الشوك وتزركشها أكياس القمامة والناس يلهثون عطشا كأنهم كلابا وأصحاب الأرض يبيتون في الخيم ،إذا جاء الريح شبع منهم وإذا جاءت الشمس كذلك ،وإذا ماسقط المطر فحدث ولاحرج خيلهم وجمالهم وأغنامهم أصبحت تخلفا في عصر الجوال، وتقاليدهم من ألبسة وأطعمة كذلك، وأضحى التقدم هو الموز والتين الهندي والنقال وأشربة مستوردة . أصبح الناس يساقون من بطونهم بل من دبورهم إذا دققنا الحديث بدون مبالغة ولاحياء في ذلك مادمنا نشخص حال الحيارى والمهمشين حفلات تسرف عليها المليارات والمرضى واليتامى يتوددون إلى المحسنين كل يوم ولا حياة لمن تنادي فأين المبادئ التي كان الكثير يتحدثون عنها؟ وأين القيم التي تربى عنها الناس.؟ تأتي الحملات الإنتخابية فكثير من الناس لايقرأون البرامج ولا ينتخبون على أصحابها من أجل المبادئ ،بل لأن بطونهم تمتلئ سحتا. وحتى الأبواق الصحفية التي من المفترض أن تلعب دور المرشد من خلال طرحها وصدقها في نقل الحقائق أصبحت هي السباقة للمغازلة، ومعها بعض قنوات العهر والدّجل، للظفر بدراهم معدودة أو شراء مواقع من خلال الإشهار، والكل يزغرد ويصيح من أجل العهدة الثالثة والرابعة مادام الخطاب موجها للبطون لا العقول عاش الملك وعاش الرئيس.