صالح صلاح شبانة
أحد الأمثال الشعبية الأردنية يقول:«الزبدة لأم زبيد والوسخ على ام عبيد» وقصة المثل ان احدهم كان متزوجا من امرأتين احداهما القديمة«البايرة» واسمها «ام عبيد» والثانية الجديدة «الغالية» واسمها ام زبيد. وكان الرجل كثير السفر والترحال، وكان عندما يحضر من السفر يذهب الى ام زبيد ويقدم لها الهداية ويبيت ليلة في منزلها. ثم في الصباح يحمل ملابسه المتسخة الى ام عبيد لتقوم بغسلها، ولم تستطع ام عبيد الصبر طويلاً وفجرت احتجاجها الذي صار مثلاً يضرب بين الناس..«هو الزبدة لأم زبيد والوسخ على ام عبيد»؟ واي ظلم يعيشه عامة الشعب، فهم يدفعون ضرائب فاحشة ورسوم لا اول لها ولا أخر، لأن هناك من يستدين باسمهم ويصرف على ملذآته وعليهم أن يدفعوا… لأن هناك من يهدر المال العام بموجب صلاحيات « اشكره خبر على عينك يا جارتنا».. وباقي الأمة يدفعون من دمهم وقوت اولادهم، يعيشون بالحرمان من اجل تسديد ما سرق وأنفق وهدر فلان!. رسوم المحاكم لا تطاق مع ان العداله مثل الهواء ، ومن حق الناس جميعاً، لا يجوز للمظلوم ان يدفع فوق ظلمه لياًخذ حقه بعد زمن يتلاعب فيه محامي كل خصم ليكسب القضية.. فالمسألة قضية يتبارى كل طرف ليربحها و يسجل نصراً على خصمه .
الهواء ملك لجميع الناس.. الهواء النقي غير الملوث، هواء بلا سموم قاتلة.. تطلقة المصانع والمحارق ومكبات النفايات على الناس ليموتون من اجل ان يذهب فلان الى اوروبا يزور كل مواخيرها وصالات القمار، والموتي لا يجدون اكفاناً.
القبر حق لكل انسان، صار احدنا يحسب ليوم يموت اكثر من الحياة، ففي الحياة يمكن ان يأكل من الحاويات و«البرارة وتالي البسطات»، ممكن ان يتصدق عليه خباز برغيف خبز.. ولكن في الموت المسألة تختلف.. بدءا من تكاليف الجنازة حتى ثمن القبر.
في امريكا من لا يملك ثمن القبر تقوم البلدية بحرقه، فليس مسحوحاً للفقير ان يموت وان كان مسموحاً له ان يحيا ويمتص دماء العالم الثالث مثل الطفيليات، فهل هذا جزء من سياسة العولمة التي نطبل لها وترقص فيفي عبده على ايقاعها؟ مصانع الحديد تلعب بالأسعار، وعلينا العودة الى الخرابيش المرقعة وننضم الى اخوان سلمى بعد ان تعذر سقف البيوت على رؤوس الفقراء.. فالزبده لهم .. والخير لهم والحياة لهم.. ولنا الوسخ والشر والموت الزؤام قبل وصول تعاليم الموت الأمريكي الى ديارنا.. اعاذنا الله منها!.
الشعب هو أمرأة جميلة ومحبوبة وغالية اسمها ام زبيد قد تشكل100/1 من عدد السكان اذا كان العبد الفقير لله متفائلاً و 100/99 ام عبيد..
الوسخ علينا والتعب والشقاء والضنك لنا.. فاين العدالة؟
وماذا نفعل؟ نريد خبزاً لأن من حقنا ان نأكل، نريد هواء لأن من حقنا ان نتنفس.. نريد ماء لأن حقنا ان نشرب، ونحن قد سلبنا الخبز والماء والهواء.. فلا تطلبوا منا كرامة.. ولا يزاود علينا احد بحجه «الزبده لأم زبيد والوسخ على ام عبيد».