في مقال سابق تحدثت عن وجود تشكيل أو مجلس (مجلس حكماء صهيون) يضم حاخامات ورجال مال وغيرهم يدير سياسة الكيان العبري والمنظمات اليهودية من وراء الكواليس ،وأن الساسة الذين نراهم يخضعون لهذا المجلس في خطوط السياسة العريضة للكيان ،وأن من يخرج أو يحيد عن قرارات المجلس ،أو يرى المجلس أن وجوده انتهى يتم التخلص منه قتلا أو اقصاءا.
يبدو أن مجلس حكماء صهيون قرر إزاحة «ايهود أولمرت» من منصب رئاسة وزراء الكيان وذلك بفتح ملفات فساد قديمة متورط بها،ويبدو أيضا أن أولمرت يشعر بالخطر ،ويعرف المصير الذي ينتظره والخطر الكبير الذي يهدد مستقبله السياسي ،ومن هنا شن أولمرت هجوما لفظيا قاسيا على وزيرة الخارجية في حكومته «تسيبي لفني» واتهمها بالخيانة والنفاق!
القرار –كما يبدو- قد اتخذ بتغييب أولمرت الذي يخوض صراع البقاء ،وهو ينتظر وقوع معجزة ليحافظ على منصبه كرئيس للحكومة وكزعيم لحزب «كاديما» الذي يرأس الائتلاف الحالي الحاكم في الكيان،وبات وصول لفني مسألة وقت وإجراءات قانونية وبروتوكولية إلا إذا…!
ولكن ما الذي يميز لفني ليختارها مجلس حكماء صهيون لرئاسة الحكومة في هذا الوقت وفي ظل الظروف الحالية للصراع مع الشعب الفلسطيني؟وهل هذا حنين لأيام «غولدا مائير» أو رغبة في إعادة تعيين امرأة على رأس الهرم السياسي في الكيان؟
تسيبي لفني البالغة من العمر خمسين عاما خدمت في الجيش الصهيوني برتبة ملازم،والأهم خدمتها في الموساد في الثمانينيات من القرن العشرين،ووصفها رئيس الموساد السابق بـ«الشجاعة والصلابة وراء تحقيق الهدف» ودورها –كالمعتاد- في الجهاز لن يفصح عنه إلا بعد مرور سنين طويلة،كما أنها تخرجت من جامعة بار إيلان وهي الجامعة المتخصصة في نشر التطرف والفكر التلمودي،والتي كان أحد طلبتها «ايغال عمير» قاتل رابين،وبالمناسبة لفني درست الحقوق وعمير كان أحد طلبة الحقوق في نفس الجامعة!
فيما يخص حقوق الشعب الفلسطيني فإن لفني متشددة جدا وتظهر حقدها بلا مواربة،وتنكرها لللاجئين الفلسطينيين ونكبتهم وحقهم في العودة معروف وعلني،ولقد عارضت لفني إجراء الانتخابات الفلسطينية البرلمانية بحجة السماح «لمنظمات إرهابية متطرفة» بخوضها! وذلك في إشارة لحركة حماس التي فازت في تلك الانتخابات في كانون ثاني/يناير 2006م.
وتبدي لفني معارضة للمصالحة الفلسطينية والحوار الفلسطيني الداخلي ،ولا يستبعد أن تشترط في حال وصولها لكرسي رئاسة الوزراء مواصلة المفاوضات والعلاقات مع الجانب الفلسطيني باستمرار الانقسام والقطيعة وربما أكثر من ذلك!
ويبدو أن من دوافع اختيار لفني لوراثة أولمرت أو الحلول مكانه إعطاء مظهر تجميلي للكيان بأن امرأة تتولى أعلى منصب سياسي فيه،وستلعب وسائل الإعلام الصهيونية والتابعة لها وتلك المحبة للإثارة والمبالغة دورا بإظهار لفني بمظهر المرأة المتميزة التي قلّما يوجد مثلها في الأمم والشعوب ؛كما أنه يسهل استخدام لفني في النشاطات التطبيعية مع العرب ؛لأنه قد يصعب على بعض المسئولين العرب رفض مصافحتها ومجامتها والتقاط الصور التذكارية معها في اللقاءات الإقليمية والدولية المختلفة! ويجب ألا ننسى أن استخدام العنصر الأنثوي ركن أساسي في عمل جهاز الموساد الذي خدمت به لفني ،كما أنه ماركة مسجلة لقومها منذ أيام «قورش»!!
وإذا كان هذا فعلا قرار مجلس حكماء صهيون فكيف يجب أن يكون التصرف من الجانب العربي عموما والفلسطيني خصوصا؟الجواب مع الأسف ثابت منذ سنوات ؛وهو أننا نفتقد التخطيط السليم اللاارتجالي ،ونفتقر إلى الإرادة ،وبات الخضوع للابتزاز السياسي والمالي مسوغا ومبررا لدينا ،خاصة على المستوى الرسمي،وأستثني المقاومة بكل أطيافها،ولكن علينا أخذ العبرة وأن نتذكر أنه حين امتلك العرب الإرادة قدمت «غولدا مائير» استقالتها بعيد حرب رمضان عام 1973م وفيما لو امتلك العرب الإرادة مرة أخرى فستلحق لفني بغولدا مائير ،ليسجل في تاريخ الكيان هزيمة امرأتين قال الكيان والمرجفون والمنافقون أنهما تتمتعان بقدرات خارقة وميزات أسطورية لا تهزم…فهل لامتلاك الإرادة من سبيل؟!
،،،،،،،،،،
سري عبد الفتاح سمور
قرية أم الشوف المدمرة قضاء مدينة حيفا المحتلة
حاليا:جنين-فلسطين المحتلة
الأحد 24 /رجب/1429هـ ،27/7/2008م
بريد إلكتروني:-
مدونة:-