بقلم: د. صائب شعث
الدعوة للتفاوض و الحوار … وحدة الصف الفلسطيني … إنهاء حالة الإنقسام بقلم: د. صائب شعث
الدعوة للتفاوض و الحوار … وحدة الصف الفلسطيني … إنهاء حالة الإنقسام … التراجع عن الإنقلاب… مُصطلحات و مفاهيم تصم الأذان ، تصرخ فينا ليل نهار من كل صوبٍ و حد… إنها تذُر الرماد في العيون. وحدة من مع من؟… لُحمة من علي من؟… إنقسام من و تشرذمه إلي ماذا؟… إنقلاب من ، بدولة من المُستقلة؟ …! بين طرفي الصراع الفلسطيني الفلسطيني _الوطني الإسلامي_ لا توجد أصلا ً قواسم مشتركة لا وطنية و لا أيديولوجية، فقط هناك مصالح مُشتركة مُتصارع عليها بين تجار الحروب و مهربي الأنفاق و متسولي الدول المانحة!
نحن في فلسطين نرزح تحت الإحتلال، الكل مُحتل، الرئيس أبو مازن مُحتل و المواطن محتل ،الضفة و القدس و أيضا غزة محتلة. الكل في سجن كبير و الكل يستجدي قوته اليومي، حتى لايتحمل السجان تكلفة السجون الضخمة، سجون بحجم غزة. إستفادت حماس من هذا الدرس الصهيوني و طبقته ! فهي عندما تختطف و تسجن اي مناضل وطني ، او مواطن علي باب الله، يتحمل هذا المواطن مصاريف أكله و شربه و سجائرة داخل سجون حماس!
مَسجون يسجن مَسجون ! يُفتَت السجن الكبير إلي سُجون ٍ أصغر فأصغر. هناك يتضخم التمايز الأيديولوجي الديني و تنتصر الطبقية الوظيفية و تنتفي فكرة “الناس سواسية كأسنان المشط”. فــ”الأخوانجي” من حماس داخل السجن الكبير ” غزة ” يَضطَهد الأخ المناضل من فتح أو الشعبية او الجهاد لإظهار عضلات و مفاعيل ” موازين القوى ” في قارات جباليا و رفح و عبسان و ناطحات السحاب في خانيونس و غزة!
يا أصحاب موسوعة “غينيس- Guinness World Records ” القياسية لدينا قياسات و مفاهيم لم تحدث عبر التاريخ، لقد أبدعناها في غزة : مَساجين في غزة وهم سَجانين بِرُتب سياسية، وزراء، و درجات دينية و دنيوية كـــــ خطباء و مدراء عامين. و في غزة سَجين مَسجون و يُسجن داخل سَجنه تارة أَخري ! ! !، و المساجين برتب عسكرية وبرلمانية و سياسية و دبلوماسية و كفاحية!
لدينا حديثي الأنتماء لمسيرة النضال لأكثر شعوب الأرض عذابا… كحماس، سريعة الصعود و خارقة للصوت بسرعتها في الهبوط … إختطفت بريق الصعود المقاوم بعمل عسكري كان من أهدافة إيذاء برامج الشهيد ياسر عرفات السياسية قبل “إسرائيل”. الصعود السياسي السلطوي تم لها، بفضل السلاسة الديموقراطية في المرحلة الأنتقالية التي رسخها الرئيس روحي فتوح و سلم خلالها الراية ديموقراطيا للرئيس أبو مازن.
”أبدع ” أبو مازن في إصرارة الديموقراطي، تخطى كل المعمول به منطقيا، بحرصه علي دخول حماس إنتخابات سلطة علمانية** ، حماس تدينها، سلطة مَنبثقة عن منظمة التحرير، حماس لا تعترف بهذه المنظمة و تجاهر بعدم إحترام تاريخها النضالي المغروس بذاكرة شعوب الأرض . تدخل حماس الأنتخابات تحت شعار “التغيير و الإصلاح” و تستفيد من إرث الفاسدين و الوصوليين الذين ضجت بهم البلاد، و تطير حماس فوق هذا الأرث بأصوات المُحتَجيين.
ولكن أين التغيير و الإصلاح؟ هل هو في : العبقرية في الإنقلاب و ضرب و سحق من أعطاها ذلك؟ أما هو ضرب منظمة التحرير في غزة التي كفلت ديموقراطية الحياة السياسية للفلسطيني. إنتهت معركة حماس، حيدت مقاومتها الإسلامية و فرضت الإقامة الجبرية علي المقاومة الوطنية و أعلنت هدنتها طويلة الأمد مع “إسرائيل”. من كانت تحارب حماس يا هل ترى؟ ”إسرائيل” أم منظمة التحرير الفلسطينية؟
إستغرقت حركة فتح أكثر من أربعين عاما للوصول إلي السلطة الوطنية، عبر عملية صراع و مخاض، لفرض الفلسطيني و الأعتراف به عربيا و دوليا ، مروراً بحروب 67 و الكرامة و أيلول الأسود، و 73 و 82 و حرب المخيمات،و الإنتفاضه في 87 و ضرب العراق 91، و ذبح م ت ف عربيا، لكي يوصلوها إلي اوسلو. رغم كل الحروب و الضغوط لم تُفلح أمريكا و لا “إسرائيل” في إجبار الراحل الكبير الشهيد ياسر عرفات علي التنازل عن شيء في كامب ديفيد، ففجر إنتقاضة الأقصي تحت شعار تحرير القدس.
لم تستغرق حماس عدة شهور بعد إنقلابها في غزة،إختصرت فيها كل ق
وافل الشهداء و معارك التحرير الكونية. قفزت الي هدنة طويلة الأمد لا يخرقها الفلسطيني، لا بل مُستعربي ” الشين بيت”. يُفجروا في غزة، حماس تتهم فتح وتزيد من بطشها ضد ما تبقي من مناضلي منظمة التحرير ، و تقفل باب اللقاء مع فتح، مُتهمة الكل و مُنكلة بالمزيد.
و بـــــصـــــراحـــــة:
لِترفع حركة حماس و إيران أيدهما عن غزة و شعبها. ولتحذفنا إيران من حِساباتها المكشوفة في الصراع مع أمريكا علي براميل بترول العراق و النفوذ علي مشيخات و إمارات الخليج العربي. نحن شعب مُعذب لا يحتمل الأجندات المُثقلة بالتفاصيل الإقليمية و الأيديولوجيا و صراعات توازنات القوة المُختلة عربيا لصالح إيران و”إسرائيل” و أمريكا، فجباليا و القرارة و رفح تدفع فواتير مفاعل بوشهر النووي! لماذا؟
ليُدقق الجميع النظر في قوائم أسماءِ الشُهداء و توابيتهم الذين سَلمَت رُفاتهم “إسرائيل” لحزبِ الله. شُهداء الثورة الذين أحرَقوا الأرض اللبنانية تحت أقدام الُمستَعمِرِ الصهيوني في حرب تحرير جنوب لبنان و فلسطين. هؤولاء كانوا شهداء منظمة التحرير الفلسطينية، و سيعيدوا الكرة في جنين ونابلس و القدس و أم الفحم.
أبو مازن هو المسؤول الأول عن هكذا و ضع في غزة ، ليتخذ قرار جريء بطلب تدخل عربي و دولي لحماية الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة. و ليُلقىي بمُنتهيزي ووصولي سُلطته إلي رياض التأهيل الأخلاقي،كي تجدد الجماهير ثقتها بالنظام السياسي و الوطني الفلسطيني.
لتدخُل قوات أُممية و عربية إلي الضفِة الغربيةِ و غزة تحتَ راية الأمم المتحدة، و لتُواجَه “إسرائيل” بمسؤولياتها الإحتلالية،كما نَصت عليها إتفاقيات جنيف. وصولاً لواجب إطعام المساجين “لا لأن يدفع المسجون ثمن أكله و شربه في غزة المحتلة، و في سجون حماس أيضا !”.
ليُقررَ الشعب الفلسطيني بنفسه، بعيداً عن فاشية حماس و ترهل وضعف سُلطة رام الله و فساد الكثير من موظفيها، أولوياته الوطنية. و ليُجدد مناضلي و مُثقفي فلسطين المشروع الوطني برمته، ليتم التحضيير لإجراء عملية إنتخاب و فرز لقيادة ميدانية و طنية جديدة تنسجم وطنياً و تتشابه كفاحياً و تتلون أيدولوجياً. قيادة شرعية موحدة تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، و لكن بعيدة كل البعد عن تلميع و تأهيل “إسرائيل”. قيادة أجندتها وطنية فلسطينية صِرفة، لا ترتبط بدول أو بحركات عالمية دينية لها أجندات كونية مؤدلجة، تتعارض مع مصالحنا الوطنية و تُعَرِض شعبنا و مُكتساباته للخطر. مشروعنا الوطني إنجازة يؤثر إيجاباً علي العالم أجمع ، لا سلام لا إستقرار في العالم بدون سلام عادل و إستقرار لشعب فلسطين علي أرض فلسطين.
* مفـكـر عـربي
** العلمانية ليست كفراً كما يُسوق لها الأن في منطقتنا العربية، و لا تتعارض مع الدين و تكفل حق المواطن بممارسة عقيدته و شعائرة الدينية. هي فصل الدين عن الدولة و التعامل مع الفرد كمواطن بعيداً عن الدين و المعتقدات بحدود الحقوق التي له و الوجبات التي عليه دستوريا. حتي لا تفرض الأغلبية معتقداتها علي الأقلية، العلاقة محكومة بعقد مدني وطني بين المواطن و الدولة، من خلاله تحيا فيها الأقلية دون خوف من هيمنة الأكثرية. تركيا دولة علمانية محكومة من قبل حزب إسلامي و غالبية الدول العربية علمانية “نظريا”. صائب شعث