في أولى جولاته الخارجية كمرشح للانتخابات الرئاسية الأميركية, وفيما يبدو على انه محاولة من المرشح الديمقراطي باراك أوباما لإثبات خبرته في مجالات السياسة الخارجية, وفهمه لما يجري على الساحة الدولية من تفاعلات معقدة, زار أوباما عددا من الدول في منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها أفغانستان والعراق والأراضي الفلسطينية وإسرائيل . وقد حظيت هذه الزيارة باهتمام إعلامي كبير تجلى في الكثير من التحليلات والمتابعات للوقوف على أبعاد هذه الزيارة وأهدافها, وتأثيرها على مستقبل الحملة الانتخابية للمرشح الديمقراطي.
ورغم وجود تحيز عربي لأوباما حيث تتراجع نسب تأييد المرشح الجمهوري جون ماكين وذلك للعديد من الأسباب المعروفة, مثل أن أوباما ذا خلفية إسلامية وانه إفريقي وانه يسعى إلى إحداث تغيير في السياسة الأميركية, فينظر إلى أوباما على أنه رجل التغير والأمل مثلما هو الحال داخل واشنطن, إلا أن جولته الخارجية سببت قلقا للعديد من الدول العربية.
خوف في العالم العربي
بيتر كنون أعد تقريرا لبرنامج “All Things Considered” الذي يذاع على شبكة راديو “ان بي ار”, اورده تقرير واشنطن الاسبوعي, حيث أكد فيه أن جولة أوباما الخارجية قد أثارت جدلا كبيرا سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها, ففي الداخل الأميركي ثار تساؤل عن مدى جدوى هذه الجولة, وهل يمكن أن تساعد أوباما في حملته الانتخابية للفوز بمقعد الرئاسة الأميركية أم سوف تأتي بنتائج عكسية?.
وفي الخارج وخصوصا في الشرق الأوسط اهتمت التحليلات بمواقف سياسته الخارجية, خصوصا تجاه الملفات الساخنة في المنطقة.
وأكد كنون أنه بصفة عامة فإن هناك إعجابا من جانب دول منطقة الشرق الأوسط بالمرشح الديمقراطي الأسود, وانه هو المرشح المفضل لديهم مقارنة بالجمهوري جون ماكين, ولكن الاستثناء الوحيد هو الدولة الإسرائيلية واليهود, الذين لا تزال لديهم العديد من الشكوك حول التزام أوباما بأمن الدولة اليهودية, ولذلك فإن الخطاب العام هناك يفضل منافسه جون مكين.
ولفت معد التقرير إلى أن هناك حالة من الخوف بين العرب من سياسات المرشح الأسود المستقبلية خصوصا ما يتعلق منها بالصراع العربي – الإسرائيلي, زادت هذه الحالة بعد الخطاب الذي ألقاه أوباما أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية – الإسرائيلية, المعروفة اختصارا باسم “إيباك”, والذي أعلن فيه انه يدعم بقاء القدس عاصمة أبدية وغير مقسمة للدولة العبرية, في وقت يسعى فيه الفلسطينيون إلى جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.
ومن ناحية أخرى, لفت كنون الانتباه إلى أن الكثير من المحللين العرب يعتقدون أن شعار أوباما المرتكز على التغيير لن يمتد إلى السياسة الأميركية تجاه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
أفغانستان الخطر المقبل
برنامج “Face The Nation“, الذي يقدمه بوب شيفر على محطة “CBS” الإخبارية, أذاع مقابلة تلفزيونية مع أوباما أعدتها مراسلة الشؤون الخارجية في المحطة لارا لوغان أثناء تواجده فى الأردن, احدى المحطات التي توقف بها في زيارته الى المنطقة.
وقد أكد أوباما في هذه المقابلة على أن الساحة الأفغانية يجب أن تكون في بؤرة اهتمام السياسة الخارجية الأميركية في الفترة المقبلة, على اعتبار أنها سوف تكون الجبهة الأساسية في الحرب ضد الإرهاب, ولذلك شدد على ضرورة إرسال مزيد من القوات الأميركية إلى أفغانستان, من اجل العمل على استقرار الأوضاع هناك, ولكنه في الوقت نفسه أشار إلى أن العمليات العسكرية بمفردها ليست كافية, وان هناك الكثير يجب على الحكومة الأفغانية القيام به.
وعن السبب وراء موقفه هذا من أفغانستان, أشار أوباما إلى أن أفغانستان هي المكان الذي من المحتمل أن تقوم فيه الجماعات الإرهابية بعمليات عنف وإرهاب ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها, فهناك تتوافر كافة الإمكانيات التي تمكن هؤلاء من تنفيذ خططهم, بالإضافة إلى أن هذه الجماعات تستطيع جمع أموال ضخمة من تجارة المخدرات.
ولفت الانتباه إلى أن الولايات المتحدة قد ارتكبت خطأ ستراتيجيا عقب الحادي عشر من سبتمبر, حيث اجتاحت أفغانستان وتركتها من دون أن تكمل المهمة التي كان من المفترض انجازها هناك, والتى من اجلها دخلت هذه الحرب, وانشغلت الإدارة الأميركية بالعراق وتركت أفغانستان.
وبالتالي فإن على الولايات المتحدة ليس فقط التركيز على تتبع “طالبان” و”القاعدة”, بل عليها أيضا أن تعمل على إعادة إعمار الدولة هناك وتحسين الأحوال المعيشية
للأفراد, وهذا يستدعي سحب بعض القوات العاملة في العراق في الوقت الحالي وتوجيههم إلى أفغانستان, ويجب على الولايات المتحدة ألا تنتظر حتى قدوم الإدارة الأميركية التالية لأن ذلك سوف يكون خطأ كبيرا.
للأفراد, وهذا يستدعي سحب بعض القوات العاملة في العراق في الوقت الحالي وتوجيههم إلى أفغانستان, ويجب على الولايات المتحدة ألا تنتظر حتى قدوم الإدارة الأميركية التالية لأن ذلك سوف يكون خطأ كبيرا.
نهاية المهمة في أفغانستان
وأكد أوباما أنه عندما تستقر الأمور داخل أفغانستان, عندما يشعر أفراد الشعب الأفغاني أنهم يحيون في مستويات معيشية ملائمة, وعندما يشعرون ان تنظيم “القاعدة” وحركة “طالبان” غير قادرين على العمل في أراضيهم, وأنهم غير قادرين على استهداف الولايات المتحدة ومصالحها أو حتى حلفائها, فهنا فقط تستطيع الولايات المتحدة أن تعلن النصر. وشدد أوباما على أن الخسارة في هذه المعركة ليست خيارا متاحا ولا بديل عن النصر.
وعن معايير تحقيق الانتصار في الحرب على الإرهاب, وهل ستكون هذه المعايير فقط مرتبطة بالقبض على أسامة بن لادن , لفت أوباما إلى أن القبض على بن لادن أو حتى قتله سوف يكون ذا قيمة رمزية كبيرة في هذه الحرب, ولكن هذا العمل في حد ذاته – على حد وصف أوباما – ليس كافيا على الإطلاق, لأنه على الولايات المتحدة أن تعمل على تقويض الشبكات الإرهابية ونزع أسلحتها المختلفة.
خطة زمنية للانسحاب
من ناحية أخرى, استضافت الشبكة مقابلة أخرى مع سناتور الينوي أعدتها مراسلة برنامج “CBS Evening News” كايتي كوريس, وفيها أكد أوباما أن الأوضاع المخيفة في العراق قد تحسنت إلى حد كبير, وبدأت الحياة تعود من جديد إلى الكثير من المناطق, وأصبح هناك نوع من الثقة بين القبائل السنية في بعض المناطق مثل الأنبار وبين القوات الأميركية, ولكن الشيء الوحيد الذي بقي على حاله ولم يتغير هو حالة الشك الكبيرة وعدم الثقة بين السنة والشيعة.
وأشار أوباما إلى انه حتى تختفي حالة عدم الثقة هذه بين الجانبين, لابد أن تتمكن الحكومة العراقية المركزية من إعادة الوزراء السنة إليها, والعمل على انخراطهم فى العملية السياسية, وإقناعهم بأنه لا طائل من عمليات العنف التي تقوم بها بعض التيارات السنية, وإيصال رسالة مفادها أن مطالبهم سوف تجد آذانا صاغية لها داخل الحكومة المركزية, وأنهم سيستفيدون من العوائد النفطية, ومن دون تحقق هذا كله فإن العراق لن يشهد مزيدا من التحسن بل أن هذا الوضع الهش عرضة للتدهور من جديد.
وحول مدى قدرة القوات العراقية على استلام المهام الأمنية في العراق والاضطلاع بمسؤولياتها في هذا الصدد بعد الانسحاب الأميركي بحلول العام ,2010 أكد أوباما انه طبقا للجدول الزمني الذى وضعه لسحب القوات الأميركية من هناك, فإن هذه القوات كلها لن تترك المنطقة, ولكن سوف يظل بعض من هذه القوات في العراق, حيث من الممكن أن تتولى تدريب القوات العراقية, فضلا عن القيام ببعض المهام المتعلقة بالحرب على الإرهاب, كما سيكون من مهام هذه القوات حماية البعثة الديبلوماسية الأميركية هناك.
وردا على سؤال حول عدم تحديده لعدد القوات الأميركية التي ستبقى بعد تنفيذ خطة الانسحاب, أشار الى انه كقائد للقوات المسلحة الأميركية ليس من مهامه القيام بوظائف من المفترض أن يقوم بها قادة العمليات العسكرية في ارض المعركة, فكل ما عليه القيام به هو أن يقول لقادة القوات المسلحة أن هذه هي أهدافنا وهذه هي مهمتنا التي يجب أن ننجزها وهم يتولون تحديد كيفية التنفيذ.
وشدد أوباما على أن استمرار وضع الحرب على ما هي عليه في الوقت الحالي من حيث عدد القوات الأميركية, وإنفاق ما يزيد على عشرة بلايين دولار شهريا عليها, فإن هذا لن يساهم في تحقيق الهدف الستراتيجي التي سعت الولايات المتحدة إليه من الدخول في هذه الحرب, وهو جعل الشعب الأميركي أكثر أمنا على المدى البعيد, وترك أفغانستان التي تتدهور فيها الأوضاع بصورة خطيرة من دون انجاز المهمة هناك.
خطة أوباما بين الواقع والطموحات
من جانبه, اهتم برنامج “Fox News Sunday” الذي يبث على شبكة “Fox News” ويقدمه كريس والاس بالزيارة الخارجية التي قام بها باراك أوباما, خصوصا ما يتعلق منها بالحرب على العراق وخططه الرامية إلى سحب القوات الأميركية وفق خطة زمنية تنتهي العام ,2010 بالتزامن مع أخبار عن اتفاق كل من الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نورى المالكي في زيارته الأخيرة إلى واشنطن على نقل المزيد من المسؤوليات الأمنية للقوات العراقية, فضلا عن الاتفاق على تحديد أفق زمني لانسحاب أميركا من العراق, واستضاف البرنامج الأدميرال مايكل مولن رئيس اللجنة المشتركة, المكونة من قادة الفروع الرئيسية في القوات المسلحة الأميركية, الذي أكد على أن ما تم الاتفاق عليه بين بوش والمالكي لايعتبر تحديدا لوقت معين تنسحب فيه القوات الأميركية, وإنم
ا هو مجرد تحديد للأهداف العامة فقط, من دون التطرق إلى تفاصيل ومواعيد محددة للانسحاب, ففي الوقت الحالي لا يمكن تحديد موعد محدد لسحب القوات من هناك, ولكن هذا الإجراء يعتبر من الأهداف الستراتيجية التى تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها في المستقبل.
ا هو مجرد تحديد للأهداف العامة فقط, من دون التطرق إلى تفاصيل ومواعيد محددة للانسحاب, ففي الوقت الحالي لا يمكن تحديد موعد محدد لسحب القوات من هناك, ولكن هذا الإجراء يعتبر من الأهداف الستراتيجية التى تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها في المستقبل.
وأشار والاس الى التصريحات التي أدلى بها نوري المالكي لاحدى المجلات الألمانية بموافقته على خطة باراك أوباما الساعية إلى سحب القوات الأميركية من العراق بحلول العام 2010 ثم بعد ذلك تراجعه عن هذه التصريحات وتأكيده أن انسحاب القوات الأميركية يعتمد على التقدم المستمر في ارض المعركة, وتساءل والاس عن النتائج التي يمكن أن تترتب على تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من العراق في غضون العامين المقبلين, وفي هذا السياق أكد مولن أن العواقب سوف تكون خطيرة للغاية, لأن تخفيض عدد القوات الأميركية العاملة في العراق من دون مراعاة تحسن الظروف الأمنية على ارض الواقع سوف يأتي بنتائج عكسية, ولذلك قامت الولايات المتحدة بسحب عدد من القوات العسكرية من العراق عندما تحسنت الظروف خلال الفترة الماضية, وإذا استمرت الأوضاع في التحسن فسوف يقدم توصيات الى الرئيس الأميركي جورج بوش باستمرار عملية الانسحاب حتى نهاية العام الحالي.
وأكد الأدميرال أن مسألة التسرع في تحديد وقت زمني معين خلال العامين المقبلين لسحب القوات قد يكون غير مصيب, حيث من الممكن أن يؤدي التغيير السريع إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في الوقت الذي نسعى فيه إلى استتباب الأوضاع هناك, حيث انخرطت الولايات المتحدة إلى حد كبير مع الشعب العراقي, وبدأ القادة العراقيون في التفاهم حول العملية السياسة, وشرع الاقتصاد العراقي في التحرك بالاتجاه الصحيح.
الشؤون الخارجية معضلة اوباما
أما برنامج “orld News” الذي يقدمه تشارلز جيبسون ويبث على شبكة “ABC“, فقد قدم تقريرا عن زيارة أوباما الخارجية أعده مارك موني.
وأشار التقرير إلى أن هذه الزيارة تهدف إلى إظهار أوباما على الساحة الدولية والتخفيف من حدة القلق المرتبط بقلة خبرته في أمور السياسة الخارجية والتفاعلات الدولية, وهو الأمر الذي عبرت عنه بعض استطلاعات الرأي التي جرت اخبرا وأكدت أن 72 في المئة من الناخبين الأميركيين وحتى غالبية الديمقراطيين يرون المرشح الجمهوري جون مكين خير من يقوم بوظيفة القائد الأعلى للقوات المسلحة.
كما أن هذه الاستطلاعات أكدت وجود قلق بين الأميركيين والإسرائيليين بخصوص مدى التزام اوباما بأمن دولة إسرائيل.