راسم عبيدات
رد على مقالة أنور مالك ( نصر الله في مزادات اولمرت )
راسم عبيدات
رد على مقالة أنور مالك ( نصر الله في مزادات اولمرت )
أنا هنا لست في إطار الدفاع عن المجاهد سماحة الشيخ حسن نصر الله،فالذي يدافع عنه أفعالة ومآثره وبطولاته،وما حققه هو والمقاومة اللبنانية من تحرير للأرض والإنسان،ولكن هناك جوقة من الرداحين والشاتمين تمتد على طول الوطن وعرضه،جوقة لا تريد لهذه الأمة أن تخرج من حالة الذل والهوان والضعف والانكسار التي تعيشها،جوقة لا تريد لهذه الأمة أن تستعيد جزء من كرامتها وهيبتها واحترامها ووجودها وحضورها بين الأمم،جوقة تستدخل الهزائم وتنظر لها على أنها انتصارات، بل وتشارك في صنع تلك الهزائم،وترقص طرباً على جماجم أبناء شعوبها،وما حصل ويحصل في العراق،وما يحصل في فلسطين خير شاهد ودليل،جوقة لا تريد لهذه الأمة أن تحقق ولو نصر يتيم،كالنصر الذي حققه حزب الله على إسرائيل في تموز/2006 ،فهي ترى في مثل هذه الانتصارات،كاشفا لعوراتها وتخاذلها وعجزها،جوقة لا تريد أن تسمع سطراً أو حتى كلمة واحدة عن المقاومة والمعارضة والممانعة والرفض للهيمنة والوجود الغربي على الأرض العربية،واستباحة بشرها وحجرها وشجرها.
جوقة تستغل الدين والعواطف والطوائف والفئوية والجهوية،وتعمل على تكريسها وتعميقها،بقصد تفتيت وتجزئة وتذرير أبناء الوطن الواحد لشيع وقبائل وطوائف، وتحريضها على الاحتراب والاقتتال الداخلي،بقصد إبقائها تحت بساطير السيطرة الأجنبية،مع أدوات كاريكاتورية تنصبها قوات الاحتلال،بحيث تأتمر بأمرها في كل شيء،في السياسة والاقتصاد والمال والثقافة والتربية،وحتى تنصيب شيوخ القبائل والطوائف.
جوقة الردح هذه المجهزة بمال البترودولار والمال السياسي ذو الأجندات المشبوهة،ما أن تمكن حزب الله من تحقيق نصر عسكري واستراتيجي على إسرائيل في حربها العدوانية التي شنتها على لبنان تموز/ 2006 ،وهذا ليس قول حزب الله ،بل اعتراف العدو نفسه،ولجان تحقيقه التي شكلها لهذا الغرض.
ولكن هذا لم يعجب ولم يرق للأقلام المأجورة داخل لبنان وخارجه،والمتنعمة بالمال المشبوه في العواصم الأوروبية من باريس ومروراً بلندن وانتهاءً بواشنطن،فسلت سيوفها وخناجرها وشحذت أقلامها،وتجندت لشن حملة مسعورة على حزب الله عامة والشيخ حسن نصر الله خاصة،من تقزيم النصر والتشكيك بحصوله الى الاتهامات الطائفية الرخيصة،المجوس والفرس والصفويين والقتلة والدمويين وغير ذلك من العبارات التي يندى لها الجبين،حتى أن أحد جهابذة الصحافة والمتنعم بالمال السياسي في باريس،ساق لنا تحليلاً لا يمكن أن يصدر عن إنسان له علاقة بالعرب والعروبة والوطن لا من قريب أو بعيد،أو حتى لديه أدنى الفهم والمعرفة بأبجدية العمل السياسي،فهو يصف عملية تحرير المناضل القنطار بالمؤامرة بين حزب الله وإسرائيل وأمريكيا بدأت باغتيال الشهيد مغنية في سوريا،وتحرير القنطار حلقة من حلقات هذه المؤامرة الفارسية الصهيونية الأمريكية،وآخر أراد أن يحمل عملية تحرير الأسرى وجثامين الشهداء،والتي سميت بالرضوان،تيمناً بالقائد الشهيد عماد مغنية(الحاج رضوان)،لما له من دور وبصمات في عملية التحرير تلك،معاني وأوجه ودلالات دينية،تحمل في ثناياها تحريض على الفتنة الداخلية والطائفية،وبما يخدم أهداف مشبوهة،وترتبط مباشرة مع دوائر راسمي ومخططي نشر وتعميم سياسة الفوضى الخلاقة في كل الوطن العربي.
وكذلك فأنت تشم رائحة العفونة والتحريض الطائفي السافر،عندما يوغل في القول الى حد التقزز، بأن هذا الحزب ليس معني بتحرير الأسرى الفلسطينيين،فالذين ذبحوا الشعب الفلسطيني في المخيمات في لبنان، لا يمكن لهم أن يعملوا على تحرير الأسرى الفلسطينيين،ناسياً أو متناسياً هذا المارق والمأجور،بأن حزب الله رغم كل الظروف والضغوط التي أحاطت بالصفقة، ومن ضمنها أن الجنديين الإسرائيليين المأسورين كانا في عداد الأموات،إلا أنه استطاع أن يحرر عدا القنطار ورفاقه اللبنانيين،حوالي مائتي جثة شهيد فلسطيني وعربي وفي مقدمتها جثة المناضلة الفلسطينية دلال المغربي،والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون،قال بأن سماحة الشيخ حسن نصر الله وجه له رسالة يطالب فيها،بالإفراج عن عدد كبير من الفلسطينيين،وسماحة الشيخ حسن نصر الله رجل ثورة ومقاومة ومبادئ ووعود صادقة،وملتصق بهموم الجماهير ومعانياتها،قدم كغيره من أبطال المقاومة ابنه شهيداً،ولا يتنعم لا بالمال ولا القصور،ويشهد على صدقتيه العدو قبل الصديق،فالجمهور الإسرائيلي يصدق الشيخ نصر الله أكثر من قيادته،وعد اللبنانيين بالتحرير فصدق،ووعدهم بالنصر فتحقق،ووعد بتحرير كل الأسرى اللبنانيين فأوفى بوعده وصدق،أما الذين ل
م يصدقوا ومارسوا كل أشكال وأنواع الأكاذيب والخداع والتضليل،فيعرفهم جيداً المتنعمين بأموالهم،والمتاجرين بنضالات وتضحيات شعوبهم والمتآمرين عليهم.
وسأسوق لجوقة الردح والشتائم تلك عدد من الأمثلة التي يعرفونها جيداً،ويتعامون عن قصد عنها،فالذين غزو العراق تحت حجج وذرائع امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل،وتحريره من الديكتاتورية،ونشر وتعليم أبناءه الديمقراطية الغربية.
لينظروا للنتائج المتحققة،وليقولوا لنا ماذا حل بالعراق والعراقيين؟، فالعراق احتل وتنهب خيراته وثرواته ويقتل علمائه،ويباد شعبه،وينهار اقتصاده،حتى أصبح الكثيرين من العراقيين يترحمون على عهد الرئيس الشهيد صدام بالقول،نار صدام ولا جنة أمريكيا وديمقراطيتها،والشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل حريته وانعتاقه من الاحتلال،والذي جاءت ديمقراطيته على نحو مغاير لما تريده أمريكيا وإسرائيل والغرب،يتعرض للذبح والحصار والتجويع بشكل يومي،ويتهم”بالإرهاب” في إطار دفاعه عن حقوقه المشروعة،أما الجلاد فأصبح “ضحية وحمامة سلام”،في “تعهير” واضح لكل المعايير والمبادئ والقيم الإنسانية.
والهجوم على سماحة الشيخ حسن نصر الله،ليس بالغريب والمستغرب،فالشجرة المثمرة دائماً،هي التي يتم رجمها،أما الذين أصابهم “التخشب والتيبس” ،ورهنوا إرادتهم وقراراتهم للخارج،بحيث بات يتحكم حتى في الهواء الذي يتنفسونه،فهؤلاء معذورين،وغير متوقع منهم غير ذلك.
فالذي يحتل بلاد العرب ويقتل أطفالهم ونسائهم ويستبيح أوطانهم وأعراضهم،يصفقون ويطبلون له ليل نهار،والذي يريد لهذه الأمة أن تستعيد أمجادها وعزها وأن تحجز لها مكانة لائقة بين الشعوب والأمم،يهاجم ويشكك في أهدافه ومقاصده ونواياه،وكأن المقاومة والنضال والتحرر،أصبحت شتيمة أو لفظة نشاز على هذه الأمة،وهذا أيضاً ليس بالمستغرب،فهذا عنوان مرحلة “التعهير”شامل لكل شيء.
ولكن مهما كانت قساوة المرحلة وشدتها وصعوبتها،فإنه كما قال الروائي الجزائري الكبير الطاهر وطار”لن يبقى في الوادي غير الحجارة”،والشيخ حسن نصر الله ليس فقط من حجارتها بل من قلاعها.
راسم عبيدات
القدس- فلسطين
27/7/2008