كشف رجل الدين الشيعي البارز نمر باقر النمر في لقاء خاص مع شبكة “إسلام أون لاين.نت” عن إعادة تقديمه عريضة مطالب للسلطات السعودية أوائل يوليو الجاري، طالب فيها السماح بتشكيل مجلس للعلماء الشيعة باسم “مجلس فقهاء آل البيت”، والإقرار دستوريا بالمذهب الشيعي، وإلغاء كافة القوانين والنظم التي تقصي أتباعـه.
وحذر الشيخ باقر النمر من وقوع مصادمات بين شيعة المملكة وبين السلطات، إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم، واعتبر أنه من حقهم الاستفادة من أي قوة خارجية، بما فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وطالبت العريضة، التي أُعيد تقديمها لنائب أمير المنطقة الشرقية الأمير جلوي بن عبد العزيز بن جلوي آل سعود، بوجوب وضع منهج دين موحّـد، يُقتصر فيه على المشتركات بين المذاهب، أو وضع المناهج الدينية حسب الغالبية السكانية، بما يعني تدريس المنهج الشيعي في أغلب مدارس مناطق شرق ذات الأغلبية الشيعية.
طالع:
السعودية.. الشيعة لا يريدون دخول “كبار العلماء”
كما دعت السلطات إلى السماح ببناء الحوزات والحسينيات والكليات والمعاهد والمراكز والمؤسسات الدينية، وإزالة كل الموانع والعقبات التي تمنع ذلك، وتشكيل مجلس للعلماء الشيعة باسم “مجلس فقهاء آل البيت”، يدخل في عضويته فقط من بلغ درجة “الاجتهاد”؛ لتلبية حاجات شيعة المملكة الشرعية بشكل مستقل، ودون تدخلات خارجية.
ونادت العريضة بالاستقلال الكامل للمحاكم الجعفرية الشيعية عن المحاكم الشرعية الكبرى، وتوسيع صلاحية القضاة الشيعة في محاكمهم، بقدر ما يتطلبه المنصب القضائي للحكم والفصل بين الناس.
وشددت على ضرورة تحقيق المساواة بين المواطنين على اختلاف مناطقهم ومذاهبهم، والنظر في ما ادعته “واقع التمييز”، ومعالجته عبر تمثيل المواطنين الشيعة في المناصب العليا بالمملكة كمجلس الوزراء، والسلك الدبلوماسي، وأجهزة الدولة المختلفة، ورفع نسبة مشاركتهم في مجلس الشورى، وإدانة أي ممارسة للتمييز الطائفي قد تصدر من بعض المغرضين والمنتفعين.
ووفق تقديرات غير رسمية، يمثل الشيعة نحو 10% من إجمالي سكان المملكة البالغ نحو 27.6 مليون نسمة، ويتمركزون في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط ذات الغالبية الشيعية، والمحاذية للبحرين والكويت وجنوب العراق.
قديمة حديثة
رجل الدين الشيعي البارز نفى أن تكون إعادة تقديم العريضة في هذا الوقت مرتبطة بأجواء الانفتاح التي تشهدها المملكة، والتي عكسها مؤتمر حوار الأديان الذي أقيم برعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز في العاصمة الإسبانية مدريد ما بين من 16 إلى 18 من يوليو الجاري.
كما استنكر أي ربط بين تصاعد وتيرة مطالب شيعة السعودية بالاعتراف الرسمي في السنوات الخمس الأخيرة، وبين الاحتلال الأمريكي، وزيادة النفوذ الشيعي والإيراني بالعراق، المتاخم للحدود السعودية الشمالية.
وقال النمر: إن “هذه المطالب دعا إليها آباؤنا منذ عقود، وبعضها مدون بالفعل، وتعود بدايتها لعهد الملك عبد العزيز آل سعود الذي كان في زيارة لمنطقة القطيف عندما طالبه الشيعة وقتها بحرية ممارسة دينهم، وألا تكون سلطة للحكم على أمورهم الدينية”.
وأرجع التزايد الملموس في مطالب الشيعة بالسعودية إلى أن “الإعلام ساهم في السنوات الأخيرة في رفع صوت مطالب الشيعة، بخلاف العقود الماضية التي لم تكن هناك وسائل تنشر هذه المطالب”.
وشدد النمر على منطقية المطالب الشيعية قائلا: إن “عين الظلم والضيم أن نقول إن سقف هذه المطالب مرتفع”، وسبق تقديم هذه العريضة للأمير جلوي في يناير الماضي.
تراكم 20 عاما
بدوره، ن
فى رئيس تحرير مجلة الكلمة الكاتب والمفكر الشيعي محمد المحفوظ، أن يكون سقف مطالب شيعة السعودية قد ارتفع بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.
فى رئيس تحرير مجلة الكلمة الكاتب والمفكر الشيعي محمد المحفوظ، أن يكون سقف مطالب شيعة السعودية قد ارتفع بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.
وقال المحفوظ في تصريح لـ”إسلام أون لاين.نت”: إن “المطالب الشيعية قدمت قبل نحو 20 عاما، ولكن يمكن القول إن احتلال العراق أوجد حراكا سياسيا في المنطقة ككل، لما للعراق من ثقل إستراتيجي على دول الجوار”.
واعتبر أن كثرة المطالبات والمبادرات إنما هي تراكم الـ20 سنة الماضية، وحذر من ربطها بالظرف السياسي الراهن، مضيفا أن “قوة إيران الإقليمية قد تكون عائقا أمام استحقاق الملفات الداخلية للشيعة في السعودية والخليج العربي”.
وحول ما يقال من أن “هناك ممانعة إيرانية لإقامة مرجعية شيعية (في السعودية) خارج السيطرة الإيرانية”، استبعد المحفوظ ذلك، معتبرا أن “تجربة السيد آية الله علي السيستاني (المرجع الشيعي الأعلى بالعراق) خير دليل على ذلك”، رغم مغايرته للسياسة الإيرانية.
وأوضح المحفوظ أن “سقف مطالب شيعة السعودية هي الحصول على حقوق المواطنة الكاملة، وعدم التمييز المذهبي في الوظائف، وغيرها من مؤسسات الدولة”.
وقدم شيعة المملكة نهاية أبريل 2003 عريضة مطالب إلى ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، تضمنت مطالب يرون أنها ضرورية لتحقيق المساواة الكاملة في المواطنة، جاءت تحت اسم وثيقة “شركاء في الوطن”.
السلطة الدينية والسياسية
ورفض النمر تحميل المؤسسة الدينية مسئولية ما يعتبره تجاهل مطالب الشيعة بالمملكة، قائلا: إن “السلطة الدينية تخضع للسلطة السياسية في الجملة، فالعائق الأكبر هو السلطة السياسية”، معتبرا أن “تحالف النظام السعودي مع المؤسسة الدينية السنية حال بينه وبين الشيعة”.
وأضاف أن “هناك تناقضا كبيرا بين فكر السلطة الدينية المتمثل في الفكر السلفي والفكر الشيعي، فمع الأسف العقيدة السلفية تحض على محاربة التشيع، من خلال ثلاث كلمات تسلطها على الممارسات الشيعية؛ هي الكفر والشرك والبدعة، ومن ثم فالسلطة الدينية عائق أمام أي فرصة لحرية، أو تقوية الوجود الشيعي”.
واستدرك: “ورغم ذلك فإن تنفيذ المطالب مرتبط بتصورات وتفكير السلطة السياسية وإرادتها، واستمرار المجتمع الشيعي السعودي في مطالبه بقوة”.
تحذير من الصدام
وحذر رجل الدين الشيعي من وقوع صدام مع السلطة، إذا لم تلب مطالب الشيعة قائلا: “إذا لم تلب المطالب الشيعية فسيحدث تنافر بين أصحاب الحقوق ومن يمنحونها؛ مما سيؤدي إلى حدوث صدامات، وبقدر ما تُلبى المطالب، أو بعضها ستقل نسبة التنافر، ويحل الوئام”.
وذهب الشيخ باقر النمر إلى أن من حق شيعة السعودية الاستفادة من أي قوة خارجية، بما فيها إيران، معتبرا أن هذا وضع بشري طبيعي للإنسان المظلوم أن “يبحث عمن يحميه”، ونوه إلى أن هناك حكومات– في إشارة إلى دول الخليج- ناهيك عن طوائف تستنجد بالقوى الخارجية لحمايتها من دول أخرى.
وكانت آخر مطالبات المرجعيات الشيعية السعودية دعوة رجل الدين الشيعي البارز الشيخ حسن الصفار في يونيو الماضي السلطات إلى السماح بإنشاء مؤسسة دينية تكون مرجعية خاصة بالشيعة في المملكة.