رفضت دار الإفتاء المصرية الإفتاء في مسألة بيع الغاز لإسرائيل، مشيرة إلى أن الحكم بحله أو حرمته بحاجة إلى حوار وطني بين مختلف الاتجاهات الشعبية والرسمية، إلى جانب علماء الدين لتحديد مشروعية، أو عدم مشروعية هذا البيع وفقا للمصالح والمفاسد.
واعتبرت أنه إلى أن يتم حسم هذه المسألة فإن العاملين في مصانع الغاز المصدر لإسرائيل “ليسوا عصاة”.
وأصدرت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية اليوم الأحد فتوى شرعية حول مشروعية بيع الغاز الطبيعي لإسرائيل، وحكم عمل المصريين في الشركات التي تقوم بالبيع أو تشارك فيه، وكذلك مشروعية أجورهم التي يتقاضونها، وذلك بعد كثرة الأسئلة التي تم توجيهها لدار الإفتاء في هذا الخصوص من قبل العاملين في هذه الشركات.
وأوضحت الفتوى التي اطلعت إسلام أون لاين.نت عليها أن “البيع في ذاته مشروع بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: (وأحل الله البيع).. لكن في صورة السؤال ليس بيعا مجردا، بل هو متعلق بأمور أخرى كمراعاة الظروف المحيطة، والتي تشتمل على مدى الضرورة، وكم المصالح أو المفاسد لهذا البيع.. في إشارة إلى كون إسرائيل هي الطرف الثاني في عملية البيع”.
وأضافت الفتوى أن “صورة هذا البيع التي يرى فيها كثير من الناس أن مفاسدها أعلى من مصالحها لارتباط الأمر بدولة تقوم بالقتل والتشريد والفتك بالأبرياء من ناحية، وبمخزون الغاز المهم للوطن من ناحية أخرى، ويرى آخرون أن مصالحها تفوق مفاسدها بموجب الاتفاقات الدولية، ومناسبة للسعي إلى التهدئة التي تلائم الظرف القائم حاليا”.
ووفق ما سبق شددت الفتوى على أن “دار الإفتاء في وسط هذا لا تمتلك الوسيلة العلمية، ولا الخبرة الفنية، ولا المشاركة السياسية ولا الاقتصادية التي تمكنها من استجلاء الصورة، أو من تحصيل التأكيد الذي يجب على القائم بالفتوى أن يعتمد عليه في مثل هذه الحالات”.
حوار وطني
وأشارت فتوى دار الإفتاء المصرية إلى أن “الصحيح في هذا الشأن أن تُعرض تلك المسائل على الحوار الوطني بين الحكومة من جهة وبين المعارضين لهذا الاتفاق من جهة أخرى، مع الاستعانة بأهل الاختصاص في مثل هذه الأمور من الخبراء الاقتصاديين، والمحللين السياسيين، وعلماء القانون، وكذلك الشرعيين”.
من جهة أخرى، أكدت الفتوى أنه فيما يخص العاملين في مصانع الغاز المصدر لإسرائيل، وحكم الشرع في أجورهم، فإنه حتى يتم النقاش الوطني، ويصل إلى قرار، أو رأي يتفق عليه فإن “العاملين بالمصانع لا يكونون بذلك عصاة، فإذا تغير الحال فإنه يجب عليهم حينئذ أن يعملوا بالجديد من الأمر بمثل عملهم بالأمر الأول، وذلك لأجل استقرار النظام العام”.
ونوهت دار الإفتاء في فتواها بالتأكيد على أنها – “وهي تقوم بوظيفتها، ولا تتخلى عن مهمتها في بيان الحكم الشرعي– ترى أن تقديم مثل هذه الأسئلة المتعلقة بالتصرفات المركبة، ومحاولة استعمالها في السياسة الحزبية أمر غير سديد، ينبغي – بل يجب – ألا يصير الدين أداة للجدل، والمخاصمة بين الأطراف السياسية”.
واتفاق بيع الغاز المصري لإسرائيل تم توقيعه في 30 مايو 2005، ويقضي – حسبما أعلنه المسئولون المصريون آنذاك – بقيام كونسورسيوم (مجموعة شركات) مصري – إسرائيلي أطلق عليه “غاز شرق المتوسط” بتصدير 1.7 مليار متر مكعب من الغاز سنويًّا إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية على مدى 20 عاما، بقيمة إجمالية 2.5 مليار دولار.
وفي السياق ذاته شهد مجلس الشعب (غرفة البرلمان الأولى) في مارس 2008 مواجهة بين الحكومة المصرية ونواب المعارضة الذين طلبوا إيضاحا من الحكومة حول ما نشرته الصحف وقتها عن بيع الغاز المصري لإسرائيل بسعر “بخس”.
ورفض وزير الشئون القانونية مفيد شهاب الذي كان يتحدث باسم الحكومة الإفصاح عن سعر تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، مبررا ذلك بوجود بند في العقد ينص على سرية المعلومات.
وقال شهاب: “إن عقود تصدير الغاز تتضمن بنودا سرية
المعلومات تسري طوال مدة سريان العقد، ولا يتم الإفصاح عن البيانات إلا بموافقة الطرفين”، ولكنه أوضح أن السعر يزيد عن الرقم الذي تداولته الصحف.
المعلومات تسري طوال مدة سريان العقد، ولا يتم الإفصاح عن البيانات إلا بموافقة الطرفين”، ولكنه أوضح أن السعر يزيد عن الرقم الذي تداولته الصحف.