بقلم/ د. رفعت سيد أحمد
قرأت قبل أيام خبراً نتمنى ألا يكون صحيحاً، مفاده أن مؤسسات رسمية وهابية
بقلم/ د. رفعت سيد أحمد
قرأت قبل أيام خبراً نتمنى ألا يكون صحيحاً، مفاده أن مؤسسات رسمية وهابية من السعودية تنوي تمويل مؤتمر للسادة الأشراف في مصر يتحدث عن الإسلام وسماحته وقضاياه، وإذا ما عقد هذا المؤتمر وبتمويل وهابي فإن ذلك سيمثل إهانة لقيم الإسلام الوسطي المعتدل، الذي يحمله أشراف مصر سواء من انتظم فيهم في الطرق الصوفية أو من انتمى إلى نقابة الأشراف أو الأزهر الشريف، أو كان مستقلاً. وذلك من عدة أوجه:
أولها: أن الوهابية كفكر انتشر وتسيد ثم استغل ووظف، داخل الجزيرة العربية، يحتوي على تكفير قاطع وصريح للطرق الصوفية في مصر بل للتصوف عموماً، وكتب ابن باز وابن عثيمين وعبد العزيز آل الشيخ وناصر العمر وغيرهم من (علماء) الوهابية واضحة وقاطعة في تكفير الصوفية والمتصوفة، وفي تكفير من يدعي انتساباً شريفاً للإمام الحسين والسيدة زينب وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وفتاويهم في تكفير زيارة أضرحة أولياء الله الصالحين في مصر وخارجها معروفة وتمتلئ بها كتبهم الصفراء المتطرفة التي تحرم كل شيء حلله الله لعباده. فهل يجوز ممن ينتسب إلى أشراف مصر (وعددهم وفقاً لبعض الإحصائيات يقترب من 15 مليون مصري) أن يمولهم ويرعى مؤتمراتهم من يكفرهم ويكفر سلوكياتهم الدينية؟ سؤال يرسم السادة الأشراف بنقابتهم وطرقهم الصوفية علهم يجيبوننا عليه.
ثانيها: ولكن.. دعونا نسأل لماذا يلجأ دعاة الوهابية إلى تمويل مؤتمرات الأشراف في مصر، رغم أنهم خارجون عن الملة، وكفرة، وفسقة وفقاً لمعتقدهم الوهابي الذي يمثل ديناً قائماً بذاته يخالف روح الإسلام وسماحته واعتداله، لماذا؟ أغلب الظن أن السبب في ذلك، سياسي بامتياز، وذلك لأن حماة الوهابية( أ ل سعود)و الذين يوظفونها في خدمة مصالحهم التي هي مصالح واشنطن وتل أبيب، شعروا أنهم مكروهون بما يقدمونه من إسلام فظ تكفيري، ومن سياسات اقتصادية (نفطية) وسياسية قائمة على زواج كاثوليكي مع واشنطن لا ينفصل ولا ينقصم عراه حتى لو ارتكب أحد طرفيه الزنا، علاقات تبعية مع أمريكا وتطبيع سري مع تل أبيب، ووجد هؤلاء الساسة أن السبيل لتبيض وجوههم وسمعتهم ودينهم الوهابي هو ركوب لعبة توظيف الدين ورجاله فتارة يرعون مؤتمراً لحوار الأديان في مدريد رغم أن المذاهب داخل دولتهم (وبخاصة الشيعة) يتم تكفيرها مع وجبة الإفطار كل صباح ولا يتم أي حوار معهم تحت أي صيغة ومن باب أولى أن يجروا مع المذاهب حواراً قبل أن يجرونه مع الأديان، وتارة أخرى يركبون موجة التدين الشعبي الجميل والوسطي، والذي تقوده الطرق الصوفية والأشراف، أي أنهم يستغلون بهذا التمويل المشروط، شعبية أشراف مصر وسماحتهم وانتشارهم، استغلالاً سيئاً، ومنافقاً ومكشوفاً، فهم من ناحية في مجالسهم الخاصة وكتبهم العفنة يكفرون الأشراف ويربطون بينهم وبين حكم الأشراف (الشريف حسين) في بلاد الحجاز الذي قوضه آل سعود بالسيف والدم الغزير، وبين أشراف مصر ويجعلونهم كلهم سواء في الكفر والفسوق، وهذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هم يسعون للتواصل معهم وتمويلهم في لعبة استغلال مكشوفة اشتهر بها ولاة الأمر لدى هؤلاء الوهابيين (0ال سعود)، فهل رخصت الضمائر الصوفية والأزهرية وغيرها حتى تسمح بتمرير هذه الاستراتيجية الوهابية السياسية الجديدة؟ سؤال ثان يحتاج إلى إجابة.
أخيراً: نحسب أن خبر تمويل الوهابيين لمؤتمر للأشراف في مصر إن صح لهو فضلاً عن كونه إهانة لأشراف مصر وتاريخهم الإسلامي الناصع البياض، فهو في الوقت ذاته رسالة بالغة الخطر لكل محب للإسلام في مصر، أن انتبهوا إن جحافل الوهابية التكفيرية، التي تقف خلف كل عنف وإرهاب في بلادنا مصر منذ ثلاثين عاماً، قد بدأت تغزو أحد أبرز قلاع الإسلام السمح المعتدل، فانتبهوا… وقاوموا نفطهم قبل أن يملأ العقول والقلوب بعد أن ملأ الأفواه.
ولا حول ولا قوة إلا بالله،،،
E-Mail: [email protected]