علا نجم حسن نصر الله وسطع في سماء الأرض العربية والإسلامية المنهكة بالهزائم, والمثقلة بالتراجعات, والخيبات … لقد كانت الضربات الموجعة التي أوقعها حزب الله على جيش الدولة التي لا تقهر باعثا لروح العزة, ونشوة ( الانتصار) وقد بذَّ هذا الحزب المنظمات الفلسطينية الفدائية التي سبقته في هذا الميدان؛ لأسباب ليس الآن محل بسطها. لكنه على أية حال لم يصل إلى تلك الدرجة من الكفاءة العسكرية والتنظيمية والمالية بقواه الذاتية, بل كان الفضل الأكبر في ذلك يعود إلى إيران, مع الإقرار بالكفاءة القتالية التي تمتع بها مقاتلو هذا الحزب, وقادته العسكريون. كثير من الناس لم تمنعهم شيعية هذا الحزب من الالتفاف حوله وإكباره؛ فامتد تأييده في مشرق العالم العربي ومغربه, وهو لم يبرز هذه الصفة على صفة المقاومة, وحاول إحداث نوع من التوازن بين متطلبات الساحة اللبنانية الوطنية, ومتطلبات الشعوب العربية المكلومة بهذا الجرح النازف في فلسطين, ومتطلبات المذهب, ومتطلبات العلاقة الخاصة بإيران وسوريا. كما أنه امتاز – هكذا في الخطاب العلني- عن مواقف شيعية متعاملة, أو متعاونة مع الاحتلال الأميركي في العراق. إلا أنه ظل لصيقا بالجمهورية الإسلامية التي لم تخف تقاطعها مع الولايات المتحدة في العراق؛ كما قيل عن تعاون إيراني مع أميركا في حربها في أفغانستان, وقد سمحت على نحو مطرد بتراجع درجة المجابهة معها, إلى درجة توقع عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما بالبدء بفتح مكتب لرعاية المصالح الأمريكية في إيران, ثم تطويره إلى سفارة. والغريب أن هذا التحسن في العلاقات يأتي في مناخ ظل ينطوي على مواجهة عسكرية متوقعة بين الدولتين!! ولا يخفى على المتابع التفريق بين المواقف الفعلية العملية والمواقف اللفظية التي ربما تحاول التغطية عليها, أو امتصاص المشاعر الشعبية, أو خداع الدول الإقليمية, واسترضاء” إسرائيل” من جانب أمريكا, أو التغرير بقوى المقاومة من قبل إيران. بالطبع المسألة ليست بهذه الصفة القاطعة الحاسمة؛ فثمة في أمريكا وإيران من لا يشجع هذا التقارب, بل إن منهم من يتصدى له, لكن صانع القرار في البلدين يميل نحو التقارب, ويبدو أنه قادر على المضي فيه. وفي حال حدوث هذا التقارب, والانتقال من طور العداء والمجابهة إلى طور السلم والتعاون المعلن؛ سيكون محرجا لحزب الله أن يفخر بارتباطه بإيران, إلا أن يعدل في خطابه وصفته وبرنامجه؛ بحيث يكون أكثر تساوقا مع المناخ السائد, وأكثر استجابة لمقتضيات تلك العلاقة التي تربطه بإيران. وهذا ما يهيء له تغليب الصفة السياسية والوطنية على سواهما.