حبيبتي دلال المغربي.. أجزم أنكِ كنت فتاة حالمة، تماماً كما أي فتاة نديّة.. أراكِ عندما كنت تُساهرين طيف الحبيب ذي الجبين الأسمر والطول الفارع كما حال أي فتاة يانعة.. لا أشك لحظة في حلمكِ الذي داعب فستان الزفاف الأبيض كباقي الصبايا.. بيد أن ما أجزمه هو أن قلبكِ استطاع جمع كل الطيوف الوردية الحانية مع ثورة الغضب العارمة، تلك الثورة التي لم ينل حظوتها كثير ممّن يعدون أنفسهم أبطالاً أشاوس.
أتيقن حبيبتي دلال أن كل الحب كان يملأ قلبكِ عندما أقدمتِ على عمليتك الفدائية، بعكس ما يتخيلونه فيكِ من جبروت وقسوة، إذ هو الحب وحده الذي يُلقي بالعاشق في مهاوي الردى من غير أن يتردد ولو للحظة.. حب فلسطين.. ذلك الذي شربتهِ وأحرار شعبكِ مع حليب الصباح، وتنفستهِ مع نسائم الشوق التي كنت تستجدينها بينما أنتِ في خيمة لجوئكِ في لبنان..
هذا الحب، هو ما نفهمه نحن الفلسطينيين وندركه ونعيشه ليل نهار، بينما هم لا يفهمونه.. ولا يحسونه.. ولم ولن ينالوا يوماً شرفه كما نلناه وما زلنا.
أراكِ حبيبتي دلال ترقدين في خضرة يانعة، وحدائق غنّاء، وبلباس العرس.. بل أرى حولكِ فارساً لم يترجل عن صهوة البطولة، يطوّقكما أطفال كالملائكة.. أجزم أنكِ تعيشين في كل ذلك، مهما نكّلوا ومثّلوا بكِ وتقاذفوا رفاتكِ.. فالله يرقبكِ بعينه التي لا تنام مذ كنتِ بذرة في رحم الثورة الفلسطينية، وستبقين في عهدته حتى يبذركِ ملاكاً في الجنة.. جنة الأرض وجنة السماء.. إذ سيغرسك في قلب فلسطين يوم تحريرها القريب، وفي أرض الجنة يوم يقتصّ لنا بحسابه ممن سلبونا البسمة وأسرونا في الحسرات.
حبيبتي دلال.. لا أدري أي شذرة من بطولتكِ أغرسها في نفسي، لعليّ أكون ذرّة عظمة واحدة مما حباك به الله.. ولا أدري أي ملمح من فروسيتكِ أنتظره في زمان عزّ فيه الرجال.. ولا أدري أي مسحة من جمالكِ هي تلك التي سأدعو الله أن يودعها في ابنتي التي سأنجبها يوماً ما وأسميها دلال، لعلّها تكون ولو للحظة دلال المغربي.