قرأت مؤخرا في إحدى جرائدنا الناطقة باللغة الفرنسية تصريحا لأحد المسؤولين يدعي فيه أن المملكة المغربية فرضت قيودا على الثورة الجزائرية، حيث كانت تفرض على جبهة التحرير الوطني أن تسلمها نصف حصة الأسلحة التي تعبر المغرب باتجاه الجزائر، وإنني شخصيا وباعتباري ابن القائد الثوري السي الميلود حبيبي وقد حظيت بشرف الإقامة بالمغرب الشقيق بصفتي مجاهدا، وعايشت عن قرب التضحيات التي قدمها لنا إخواننا وأشقاؤنا المغاربة، والذين وصل بهم الأمر إلى حدّ السماح لنا بإقامة دولة لنا وسط الدولة المغربية، بصفتي هذه أتساءل عن سر الإدلاء بمثل هذه التصريحات التي لا تخدم التقارب بين الشعبين الشقيقين، بل وتسيء لمرحلة من أهم مراحل التعايش والتوادد بين الشعبين الجزائري والمغربي، وإنني وبصراحة مثلي مثل كل المجاهدين المخلصين لتاريخ ثورتنا المجيدة لا يمكنني أن أنكر الدور الذي لعبه الشعب المغربي في سبيل نصرة ثورتنا المجيدة، ففرنسا الاستعمارية وأمام تنامي نفوذ جيش التحرير الوطني في المغرب اضطرت إلى قصف مركز بن مهيدي بالطائرات، كما أن أشقائنا المغاربة مكنوا جبهة التحرير الوطني من إقامة مركز راحة في كل مدينة مغربية، وأكثر من ذلك مكنتنا من اقامة مدارس لأشبال الثورة لتعليم أبنائنا وتأهيلهم للالتحاق بجيش التحرير الوطني، كما أن كبار جرحى حرب التحرير كان يتم نقلهم من الجزائر الى المغرب لعلاجهم ولا أظن أن أحد ينسى الدور الذي لعبه المرحوم الدكتور عبد السلام الهدام في عيادته بمدينة وجدة المغربية.
إنني اذ أستحضر بعض حقائق التعاون الجزائري المغربي أثناء الثورة التحريرية، فبدافع الغيرة عن حقبة تاريخية، تعد بحق من أبهى الحقب التاريخية التي امتزج فيها الدم الجزائري والمغربي، في ساحة الجهاد ضد المستعمر الفرنسي، كما أنني أتعجب كيف أ بعض مجاهدينا يغفلون كل هذه الحقائق ويتجهون الى النبش في قضايا هامشية لا تغني ولا تسمن من جوع؟ فهل بإمكان هؤلاء أن يتحدثوا عما وقع للزوبير والرائد السي موسى والسي الميلود وغيرهم وعبان رمضان ولطفي والرائد فراج، والسي الحواس وعميروش ووو فهذه هي الجوانب التاريخية التي تحتاج إلى التوضيح والشهادة أما ما وقع للثورة في المغرب فلا يمكن إلا أن يشهد له لا عليه.
ومع تمادي البعض في تسميم التاريخ المشترك بين الشعبين الجزائري والمغربي لاعتبارات سياسية آنية أقول لهؤلاء إن الحقل الرئيسي للزوايا المظلمة في تاريخ ثورتنا المجيدة يجد جذوره في الخلاف الذي نشب بين الحكومة المؤقتة وقيادة الأركان في مدينة وجدة المغربية والذي لا نزال ندفع ثمنه إلى يومنا هذا وإنني مستعد للكشف عن بعض حقائق هذا الخلاف وبالوثائق التاريخية إن اقتضى الحال.
جمال الدين حبيبي