((مابين السطور))
قد ينظر البعض إلى هذا اليوم على انه مجرد صفحة تاريخية مشرقة, ويتعجل البعض انطوائها وزوال طقوسها,وننظر إلى يوم الرضوان هذا أكثر من إطلالة نصر من رحم الهزيمة, واكبر من محفل ينتهي بانقضاء مراسيمه من البهجة وزفاف الشهداء,وتوثيق النصر من تموز حتى صفقة الرضوان للتاريخ بعنوان حزب الله و سيد المقاومة حسن نصر الله, هذه نظرة وتوثيق مخيف إن اعتبرناه تاريخ وكفى الله المؤمنين شر القتال, ينتابنا الحزن من وسط ذروة الفرحة والبهجة الوطنية, لأننا نخشى على هذه الفرحة أن تكون حدثا عابرا وتودع كأوراق في أروقة خريف التأريخ, إن هذا اليوم ليس يوما عاديا وليس مجرد به أحداث تحرير جزء من الأسرى واستعادة جزء من جثامين الشهداء الطاهرة, انه فجر في زمن ظلمة القهر والمهانة على مدار نصف قرن من الهزائم واستباحة الحقوق وسحق الإرادات, انه منعطف عظيم فيه سر مكنون, فيه مفاتيح النصر أن بني عليه, اطل بهامتي من وسط الملايين المبتهجة إلى ذات اليمين واليسار, أرى وجوه عابسة مكفهرة من بين ظهرانينا ومن صوب الأعداء, أرادوها صفحة يراد تمزيقها بعد نهاية الطقوس, وطمسها من مسار التاريخ, كي لاتكون نواة لمزيد من الصفعات للعدو وحلفاءه من المستعربين, وهذا مايكدر بهجتنا عندما نقفز ببهجة ونشاهد بوثبتنا العفوية., أن هناك المتربصين كُثر, بروح مقاومة استطاعت أن تقدم نموذجا وأساسا ومشهدا حاضرا لتحرير الإرادات, مقاومة وطنية خالصة استطاعت صناعة النصر, فالمشهد المخيف يحيط بالمشهد الحي اليوم, يريدون طي هذه الصفحة الناصعة بأي ثمن وبسرعة البرق لتصبح تاريخا تم تدشين سقفه عند هذا النموذج, وان تجاوز هذه الحدود بأي ثمن يجب وأده في مهده مابعد التحرير والانتصار, فمثلما يدور في الفضاء وتحت الشمس وفي كل شارع وبيت, مراسيم بكل اللهجات والثقافات والأديان واللغات, احتفاء بقطف ثمار المقاومة وانتزاع الحقوق, فهناك مشهد آخر يكدر صفو فرحتنا, لأننا نبتهج لليوم لكنهم يخططون للغد, ولديهم من المراسيم السوداء في دهاليز المؤسسات الرسمية, جل همها تشييع نموذج المقاومة , والتي أظهرت مواطئ الخلل والتخاذل والعجز في النظام الرسمي العربي والإسلامي, فبيوت الفرح والبهجة لدى الشعوب التواقة لتحرير الإرادة وطعم النصر, لديهم بيوت حداد , فاليوم ليس يوم شعارات جوفاء.
اليوم يوم فعل وجني ثمار تضحية وعطاء, اليوم يتجلى الوعد الصادق وتوج بالنصر, وترفع بيارق تحرير الإرادة, فمن وسط صخب الأفراح الشعبية, أكاد اسمع همز ولمز التآمر على المقاومة ليس لدى حزب الله فحسب, بل مبدأ المقاومة بشكل عام, وأخطرها على من استمرأ الجبن والهزيمة كركائز ودعائم للعروش الشمولية الوراثية, أخطرها نهج وفعل مقاومة حزب الله, لذا فان مراسيم التشييع يجهزون لها وسط انشغال جماهير النصر, ليس في لبنان بؤرة فكر تحرير الإرادة فحسب, بل في كل بقاع الأرض العربية والإسلامية, التي تترعرع عليها نماذج شتى من المقاومة, منها من استطاعوا بإشغالها بفتن ومعتركات في غير وجهتها, ومنها من استطاعوا ببعض سلوكياتها وصمها بالإرهاب, لكن نموذج نصر اليوم فيه من آيات الإعجاز, بصدق وإيمان الرجال, ماعجزت عن وقف زحفها كل قوى الشر بكافة اللغات والأديان والانتماءات, وجميعها جهات مشوهة مشبوهة مهزومة, عجزها وانسحاقها ضمانة استقرار مصالحها وعروشها, لذا وفي ذروة الفرحة ننظر إلى الأمام نجد أن كل هؤلاء الأقزام ينتظرون بفارغ الصبر مرور هذا اليوم من العزة للشرفاء, والذلة للجبناء, ليعلنوا طي صفحة وعاصفة من المقاومة مسحت التراب المتراكم بفعل ذر الرماد في العيون,على مدار أكثر من نصف قرن من الهزائم والعجز والاستسلام, وخشيتنا أنهم بخططهم وإمكانياتهم ومؤامراتهم وفتنهم, ينجحون في جعل هذا المنعطف مجرد تاريخ دون مستقبل, لهذا فإننا وسط الفرحة حزينون.
اليوم وكل أنظار العالم شاخصة صوب جنوب العزة اللبناني, وقلوب عاشقي الحرية معلقة برايات النصر, ينفجر الحقد والغيظ من أفواه الصهاينة, الذين لم يستطيعوا صبرا على مشاهد العزة, فهم متعودين على رؤية العرب مجرد رعاع محبطة حزينة مما يسهل تطويعها وتطبيعها, لينفجر الصهيوني رئيس دولة الكيان المنهزم”شمعون بيرس” ليقول أن القرار “1701” قرار فاشل لان حزب الله مازال يعزز قوته في الجنوب, والحقيقة أن هذا الصهيوني البشع يريد طي الصفحة قبل موعدها حسب خطتهم لأنه لايحتمل مشهد النصر وتحرير الأسرى والشهداء بقوة السلاح على قاعدة” ما أؤخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة, أو ربما أراد استباق بدأ مسلسل الطي الموعود, ليبدأ حسب الخطة مابعد “1701”, ومعروف أن هذا القرار تحت الفصل السابع, تم استصداره من مجلس الأمن الأمريكي الصهيوني الدولي, أثناء عدوان تموز وما أصاب الصهاينة من هزيمة وما أصاب حلفاء الصهاينة من انتكاسة وحرج اثر نصر المقاومة وسحق الغزاة في “مارون الرأس وعيتا” وكل الجنوب التهب تحت أقدام الغزاة, فهرب الصهاينة لضرب تجمعات المدنيين, تمريرا لتدخل الأمم المتحدة ووقف معالم النصر الخطير, والذي كسر قواعد اللعبة الشرق أوسطية, وأحرج الحلفاء من المستعربين المؤيدين للعدو
ان للتخلص من ذلك النموذج الحي الوليد حسب اعتقادهم, ففوجئوا بعظام الوليد كالفولاذ تدمر الترسانة الصهيونية وتذبح الصهاينة كالخراف, ويصطادهم المقاومون كشراك الجرذان, مما يشكل خطرا وكشفا فاضحا للجيوش الرسمية المسرحة برسم الخيانة وأبدية الحكم وسلامة العروش, وكان القرار”1701″ لإنقاذ الكيان الإسرائيلي وحلفاءه, وانتزاع أهداف بالعصا السياسية, عجزت عن انتزاعها الترسانة العسكرية الصهيونية, وكان محصلة القرار الذي اعتبره الصهاينة في مواجهة الهزيمة العسكرية, نصرا سياسيا هدفه عودة قوات المقاومة إلى حدود الليطاني وانتشار قوات دولية” اليونفيل” تحت الفصل السابع كقوات حربية على الأراضي اللبنانية لحماية امن الكيان الإسرائيلي كما أعلنت عن ذلك عدة دول من تلك التي تشارك في قوات”اليونفيل” والبند الآخر في القرار”1701″ الإفراج عن الأسيرين الصهيونيين الذين أسرهما حزب الله مقسما بوعده الصادق, أن يحرر بهما الأسرى وعلى رأسهم عميد الأسرى” سمير القنطار” فنفذ البند الأول من القرار جزئيا إلى حدود الليطاني, وصمم حزب الله على صفقة تبادل أسرى بالندية وليس كما ورد في ذلك القرار الاستقوائي الهزيل, فكانت صفقة”الرضوان” وصدق حزب الله وعده.
ان للتخلص من ذلك النموذج الحي الوليد حسب اعتقادهم, ففوجئوا بعظام الوليد كالفولاذ تدمر الترسانة الصهيونية وتذبح الصهاينة كالخراف, ويصطادهم المقاومون كشراك الجرذان, مما يشكل خطرا وكشفا فاضحا للجيوش الرسمية المسرحة برسم الخيانة وأبدية الحكم وسلامة العروش, وكان القرار”1701″ لإنقاذ الكيان الإسرائيلي وحلفاءه, وانتزاع أهداف بالعصا السياسية, عجزت عن انتزاعها الترسانة العسكرية الصهيونية, وكان محصلة القرار الذي اعتبره الصهاينة في مواجهة الهزيمة العسكرية, نصرا سياسيا هدفه عودة قوات المقاومة إلى حدود الليطاني وانتشار قوات دولية” اليونفيل” تحت الفصل السابع كقوات حربية على الأراضي اللبنانية لحماية امن الكيان الإسرائيلي كما أعلنت عن ذلك عدة دول من تلك التي تشارك في قوات”اليونفيل” والبند الآخر في القرار”1701″ الإفراج عن الأسيرين الصهيونيين الذين أسرهما حزب الله مقسما بوعده الصادق, أن يحرر بهما الأسرى وعلى رأسهم عميد الأسرى” سمير القنطار” فنفذ البند الأول من القرار جزئيا إلى حدود الليطاني, وصمم حزب الله على صفقة تبادل أسرى بالندية وليس كما ورد في ذلك القرار الاستقوائي الهزيل, فكانت صفقة”الرضوان” وصدق حزب الله وعده.
وما أثار امتعاضنا وسط الاحتفاء بالنصر, وتحرير الأسرى, واستعادة جثامين الأكرمين من الشهداء, وخلال لقاء تلفزيون الجزيرة مع الزعيم الدرزي اللبناني” وليد جنبلاط” ولم تبدو عليه معالم البهجة إنما التوتر, ليتحدث بنفس نهج الصهيوني” شمعون بيريس” قائلا(الآن يمكن دمج الحزب في مؤسسات الدولة) أي قبل حتى اكتمال تسلم جثامين الشهداء وقبل وصول الأسرى المحررين, يراد القفز من صفحة اليوم إلى مابعد قرار”1701″ , وما بعد القرار يعني بالمنطق السياسي حسب المخطط الانتهاء من صفقة الأسرى اللبنانيين, ورفع شعار الإستراتيجية الدفاعية مقام إستراتيجية المقاومة, وصولا إلى ترويج شعار تسليم مزارع شبعا وكفر شوبا المحتلة إلى ولاية القوات الدولية, وصولا إلى قرار مجلس الأمن”1559″ وتجريد حزب الله من سلاحه, أي دمج السلاح والحزب والمقاومة في مؤسسات الدولة حتى قبل أن تثمر الإستراتيجية الدفاعية بتحرير مزارع شبعا سياسيا, وهذا هو الهدف الأخير للمخطط الشامل, لإنهاء نموذج المقاومة الجنوبي, وجعله صفحة طي النسيان التاريخي إلا من الذكرى والشعار.
وربما القلق والخشية تكون في محلها, لان المخطط قطع شوطا كبيرا بدأ من فشل “1559” بسبب احتلال الأرض اللبنانية, وصولا إلى انتزاع تصريح من المقاومة اللبنانية أن حدود فعلها وهدفها, هو تحرير الأرض والإنسان اللبناني, حتى تمرير القرار”1701″ وتنفيذ شقيه بالتراجع وتحرير الأسرى اللبنانيين أو حتى الثوار الفلسطينيين والعرب ومن كامل الجنسيات الذين انطلقوا من الأراضي اللبنانية, وهنا تدور اللمسات الأخيرة لمخطط وأد النموذج الخطر من مقاومة تحرر الإرادات وتحرج أنظمة الهزيمة, وتقلب الطاولة على رؤوس عرابي تقليدية نتائج الصراع واستراتيجياتها بشتى المسميات, ولن تتأتى وتكتمل تلك اللمسات الأخيرة التي تثير الخشية والقلق الحقيقي على مصير هذا النموذج الحي من المقاومة, إلا بقرار صعب تتخذه القيادة الصهيونية على مضض للانسحاب من مزارع شبعا وكفر شوبا وتسليمها إلى الأمم المتحدة, على أساس أنها تابعة للقرار”242″ لأنها حسب فقه القانون الدولي, أراضي احتلتها القوات الصهيونية من القوات السورية, وبالتالي ينتهي مشهد المخطط ويتم تشريع تنفيذ القرار “1559” وبدل نزع سلاح المقاومة ودحرها, تنفيذ ذلك بواسطة نهج “جنبلاط” دمج الحزب في مؤسسات الدولة, وتسليم سلاحه للجيش والأمن الرسمي اللبناني, وما يدفع باتجاه تنفيذ المخطط بنجاح, هو تغير المعطيات الميدانية على ساحة الصراع في المسار السياسي,فالجمهورية السورية الحليف الاستراتيجي للمقاومة وحزب الله, انخرطت في عملية السلام والتسوية السياسية من اجل تحرير هضبة الجولان, ونلمس كذلك في الأفق قرب انخراط طهران في عملية تسويات مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية . من اجل تفادي التفرد بها وتوجيه ضربة عسكرية لقوتها العسكرية والاقتصادية, ولما لهذه الإمكانية من اثر بالغ كذلك على المقاومة وحزب الله, ناهيك عن نشر ثقافة بقوة على الساحة اللبنانية, وهي رفض أن تكون الساحة البنانية ميدانا لصراعات الغير مع الكيان الإسرائيلي, وان الحقوق اللبنانية عادت بالمقاومة والسياسة, وبالتالي فان المرحلة القادمة,مابعد “1701” ستشهد تغيرات تصبح معها المقاومة مجرد ذكرى لايسمح لها بالتطور الخطر أكثر من ذلك, ويصبح فعل المقاومة مجرد أنشودة وأغنية نسمعها هنا وهناك,,,, هذا هو المخطط الشامل لما بعد”1701″ وما بعد”1559″, لينتهي عصر الفعل ويعود من جديد عصر الشعارات الجوفاء.