بقلم: انور مالك – باريس
عادت دلال المغربي إلى لبنان وليس لفلسطين المحررة كما تمنت، عودتها هذه المرة إستثنائية جدا، وفي زمن عربي إستثنائي للغاية… ربما نسمع سمير القنطار يتحدث عن رحلة الثلاثين عاما في سجون الصهيونية، ربما نسمعه يروي أيامه مع جلاديه، ربما يحكي إنطباعاته في زمن الرعونة الإسرائيلية والهوان العربي، قد ينشر مذكراته ليتلقفها العالم كله… لكن لن نسمع دلال المغربي تتحدث عن معركتها، عن شعورها وهي تعود إلى حيث الشتات، فترى لو نطقت عظامها بماذا ستصرخ؟
نعم… عادت دلال المغربي التي جندت ذات عام من طرف “أبو جهاد” لعملية إستعراضية فدائية بطولية، دبت الرعب في قلوب الصهاينة الجبناء، كانت قد تركت خلفها وصيتها تدعو إلى عدم التوقف عن النضال والإستمرار في الجهاد حتى تحرير بيت المقدس، ولكن عادت وقد أغتيل “أبو جهاد”… ولم يتحرر الأقصى بعد كما أوصت.
لقد أهان جثتها ايهود باراك، وتناقل العالم صورته وهو يعبث بجسدها الطاهر العفيف، كانت حينها عند ربها تستقبل في جنانه ولا نزكي على الله احدا، ولكن باراك هذا الذي مثل بجثتها صار يوما رئيسا للوزراء وصافح وعانق ياسر عرفات في كامب ديفيد ولاعبه وداعبه على مرأى كاميرات العالم، وصافح الرؤساء العرب وعانقوه وقبلوا يده التي سحبت دلال المغربي من شعرها وهي جثة هامدة، قبل خدوده الرئيس المصري حسني مبارك – لا بارك الله فيه – مرات ومرات، ولم يسأله ولو مرة واحدة عن شرف المرأة المسلمة والعربية الذي يمتهن في السجون والمخيمات والقرى، لم يحس بالنخوة ولو لثواني ويسأله عن تلك الشهيدة الخالدة التي انتقم منها شر إنتقام، لكن من يصفق ويفتتن وينبهر ببطولات دلال عبدالعزيز لا تهتز له شعرة أمام هول ما فعل بدلال المغربي… نعم … صافح أيضا هذا الباراك الذي لا يزال يعيث قتلا في غزة، الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في جنازة الحسن الثاني، ولم يتجرأ بدوره ولو بعتاب بسيط على ما فعله في حق الشهيدة الحرة، برغم شعارات رسمية عن فلسطين سواء كانت ظالمة أو مظلومة… المصافحات والقبلات والعناق لا يحصى ولا يعد، نحزن كثيرا لو استرسلنا فيه وفي ثناياه المخزية، بل نصاب بالقنوط ونحن نسجل انطباعنا عن عودة الشهيدة الأسيرة إلى أرض لبنان، فترى متى عودتها إلى أرض فلسطين التي ضحت من أجلها بشبابها في زمن كانت فتح للمقاومة وليست كما هي عليه الآن، تحت طائلة الذل والانبطاح والاستسلام المخزي، ومن طرف عصابة نهبت الثروات والتاريخ وكرامة الأرض المستباحة؟…
نعم… عادت عظام دلال في وقت صارت الفحولة العربية والكبرياء الإسلامي مجرد ديكور فقط، بعدما دفنت النخوة تحت الأرض وأكلتها الديدان… فترى لو أتيحت لدلال أن تتحدث إلى هذه الأمة المهزومة فماذا يا ترى ستقول؟
بماذا تبكي على هذه الأمة؟ ماذا ستفعل؟ هل تشد شعرها وتنتحب؟ هل تعتزل في كوخ مهجور إلى أن توافيها المنية؟…
لقد رحلت عن الدنيا شهيدة وكانت البلد الوحيدة المحتلة من البلاد العربية هي فلسطين، ولكن في هذه الأثناء ستجد العراق مستباحا، ولبنان يتآمر عليه العالم وبأيادي داخلية، وفلسطين بحكم ذاتي مبتور يتصارع عليه أبناؤه… نعم… الأقطار العربية مستباحة ويتسابق حكام الذل على تقبيل أقدام أيهود باراك الذي ما استطاع أن يمس شعرة واحدة من رأس دلال إلا وهي شهيدة عند ربها، لم يستطع أن ينال منها وهي ترشقهم برشاش الرجولة والمروءة التي تجلت في إمرأة، ربما من اليأس ما صرنا نراها تتكرر… لم يستطع أن ينال من أنوثتها كما يفعل الآن وهو يشبع شبقه من أنوثة حكام العرب المهزومين…
أنا على يقين لو نطقت دلال المغربي، لقالت ليتني بقيت أسيرة… ليتني ما عدت إليكم، أنتم الذين بعتم القضية مقابل حكم غبي وأرصدة في بنوك الخارج… ليتني بقيت برفاتي بعيدة عنكم، حتى لا تنجسه لمساتكم واقدامكم ترابي، فقد إستشهدت لأجلكم ولأجل تحرير الأقصى، وكنت اعتقدت أن دمي سيدمر عرش باراك، ولكن للأسف صار نخبا في حفلات ماجنة بشرم الشيخ والغردقة…
كم تمنيت لو رأت بعينيها ما آل إليه حال أمتنا؟ كم تمنيت لو أحياها الله للحظة واحدة لترى ما آل إليه حال فلسطين؟ كم تمنيت لو سمعتها تتحدث ولو كلمات معدودة؟… أنا على يقين لولا ما تراه من فضل الله على الشهداء لندمت على أن ضحت من أجل أن يعيش الجبناء بدأ من محمود عباس وإنتهاء بحسني مبارك – لا بارك الله ف
يه -… لقد أحسست وأنا أتابع عودة جثمان دلال إلى لبنان، بمرارة تحرق حلقي وأنا أقارن ما كان عليه الحال في السبعينيات، عندما ودع الأحرار مجموعة عملية كمال عدوان في 11 آذار / نيسان 1978، وما آل إليه الوضع الآن في تموز 2008، وما سيؤول إليه الحال في 2038 أو 2068… أنا على يقين أن الحال سيسوء إلى حد الإنفجار الذي به تنتهي رحلة الذل والهوان على أيدي حكام وطواغيت، لا هم لهم سوى أجساد العاهرات والليالي الحمراء، ولكن جثامين الطاهرات من أمثال دلال المغربي وأخواتها فهي في ذمة النسيان… هذا انطباع عابر ليته ما كان بائسا حزينا، لكن… !!
يه -… لقد أحسست وأنا أتابع عودة جثمان دلال إلى لبنان، بمرارة تحرق حلقي وأنا أقارن ما كان عليه الحال في السبعينيات، عندما ودع الأحرار مجموعة عملية كمال عدوان في 11 آذار / نيسان 1978، وما آل إليه الوضع الآن في تموز 2008، وما سيؤول إليه الحال في 2038 أو 2068… أنا على يقين أن الحال سيسوء إلى حد الإنفجار الذي به تنتهي رحلة الذل والهوان على أيدي حكام وطواغيت، لا هم لهم سوى أجساد العاهرات والليالي الحمراء، ولكن جثامين الطاهرات من أمثال دلال المغربي وأخواتها فهي في ذمة النسيان… هذا انطباع عابر ليته ما كان بائسا حزينا، لكن… !!