مهند حبيب السماوي
لا أحاول أكتم القارئ أنني كثيراً ما تداولت بيني وبين مهند حبيب السماوي
لا أحاول أكتم القارئ أنني كثيراً ما تداولت بيني وبين نفسي أسئلة تتعلق بالشعارات التي تضعها الأحزاب والشركات والفضائيات بشتى مشاربها المتنوعة وتشكيلاتها المختلفة وايديولوجياتها المتعددة ، وهي شعارات تستفزني وتجعلني أفكر بصورة جدية في مداليلها وماتشير اليه من معاني قريبة أو بعيدة ناهيك عما يمكن ان تتضمنه تلك الشعارات من مساحات تفسيرية وفضاءات تأويلية يمكن ان تنقدح لدى مخيلتي او مخيلة القارئ المتلقي الذي سيكون هو الفيصل والحكم النهائي في معنى اي كلمات يتضمنها شعار معين وفقاً للافتراض المسبق الذي يعد من احدى أهم قواعد البرمجة اللغوية العصبية والذي يؤكد على ان الاستجابة التي تنتظرها من الاخرين لا تعتمد على الكلمات وحرفيتها وانما على معنى معين يعتقد المتلقي أنه هو الصائب والذي ربما يكون تأويلاً دقيقاً أو غير دقيق للمعنى الذي قصدته العبارة أو الكلمة التي شكلت البنية الأساسية للشعار.
لا أحاول أكتم القارئ أنني كثيراً ما تداولت بيني وبين مهند حبيب السماوي
لا أحاول أكتم القارئ أنني كثيراً ما تداولت بيني وبين نفسي أسئلة تتعلق بالشعارات التي تضعها الأحزاب والشركات والفضائيات بشتى مشاربها المتنوعة وتشكيلاتها المختلفة وايديولوجياتها المتعددة ، وهي شعارات تستفزني وتجعلني أفكر بصورة جدية في مداليلها وماتشير اليه من معاني قريبة أو بعيدة ناهيك عما يمكن ان تتضمنه تلك الشعارات من مساحات تفسيرية وفضاءات تأويلية يمكن ان تنقدح لدى مخيلتي او مخيلة القارئ المتلقي الذي سيكون هو الفيصل والحكم النهائي في معنى اي كلمات يتضمنها شعار معين وفقاً للافتراض المسبق الذي يعد من احدى أهم قواعد البرمجة اللغوية العصبية والذي يؤكد على ان الاستجابة التي تنتظرها من الاخرين لا تعتمد على الكلمات وحرفيتها وانما على معنى معين يعتقد المتلقي أنه هو الصائب والذي ربما يكون تأويلاً دقيقاً أو غير دقيق للمعنى الذي قصدته العبارة أو الكلمة التي شكلت البنية الأساسية للشعار.
وتضع قناة العربية التي تعد من أشهر االقنوات الفضائية السابحة في فضائنا الأعلامي العربي المتهرئ أصلاً شعاراً تحاول ان تتبناه وتسوق من خلالة رؤاها وما تبثه من اخبار وبرامج وتقارير وهو شعار ” العربية ” ان تعرف أكثر !. وفي هذا المقالة احاول وضع اليد (ما أمكنني ذلك) على اللامكتوب في شعار العربية ان تعرف اكثر وقراءة اللامفصح عنه في ثناياه بصورة لم تخطر ولا تخطر ولا اظنها سوف تخطر على بال من وضعوا الشعار، وهي قراءة تتعلق بهذا الشعار فقط لابمجمل ماتعرضه قناة العربية من برامج وتقارير والتي نرى في الكثير منها موضوعات مهمة لانريد ان نقلل من قيمتها خصوصاً فيما يتعلق بحربها على التكفير والفكر المتشدد وأن كان لدينا بعض الملاحظات حول بعض الامور التي تتعلق بعراقنا الجريح المطعون التي قد نخصص لها مقال لاحقاً اذا ما اسعفنا الوقت .
شعار قناة العربية ” أن تعرف اكثر ” يعني بصورة واضحة مباشرة أن هذه القناة توفر للمشاهد العربي كم كبير وهائل من المعلومات والاخبار والتقارير حول مايجري في العالم ,وهذا مايميزها عن غيرها من القنوات الذي من خلاله يمكن ان نعرف فقط لا أن نعرف اكثر ، فالقارئ بواسطتها يعرف أكثر … وهي ستكون مصدر وافر للمعرفة والمعلومات وهو مبتغى المشاهد العربي وفقاً لعقلية واضعي هذا الشعار واستناداً الى مسلمة أو فرضية تتبناها قناة العربية مؤداها ان الانسان العربي يسعى الى البحث عن معلومات كثيرة ومعرفة شاملة تتعلق بالأحداث التي تدور حوله في عالمنا العربي الغارق في مشكلات وحوادث ومصائب وكوراث دونها اي مصائب وكوارث أخرى في العالم الغربي .
ولكن دعنا نسال : هل هذا الافتراض صحيح ؟
هل فعلاً يبحث القارئ والمشاهد العربي عن معلومات كثيرة ؟
هل يريد العربي الذي يجلس امام شاشة قناة العربية أن يعرف أكثر ؟ حتى تغريه قناة العربية كفتاة حسناء متبرجة بشعار ان تعرف أكثر !
هذه الأسئلة تفتح الباب أمامنا للحديث عن المعرفة وفعلها على أعتبار انه المحور الذي دار حوله شعار قناة العربية …
اي معرفة هذه التي تعنيها قناة العربية ؟
وايهما أهم .. أن نهتم بكم المعرفة ام نوعيتها ؟
بل وهل من الضروري ان تسوق لنا قناة العربية كماً ودفقاً هائلاً من المعلومات والاخبار التي تشوَش الرؤية أم من الضروري _ وبمعنى أدق _ من الافضل ان تسوق لنا معلومات واخبار صحيحة ودقيقة عن موضوع ما ؟
لاشك لنا ان للمعرفة كمفهوم او مصطلح مدلول كبير ربما لم يدرك قيمته وفحواه من صاغ هذا الشعار ، فالمعرفة ومبحثها تشكل الى جانب مبحث الوجود ومبحث القيم الأصول والموضوعات الكبرى في الفلسفة الكلاسيكية , وبحث المعرفة او مايسمى المبحث الابستمولوجي يدور حول المعرفة، ومصادرها ( عقلية أم حسية ام نقدية ؟ )، وطبيعتها ، وامكانيتها فضلاً عن الأساليب والأدوات التي نكتسب من خلاله معرفة بامر ما .وهو من اهم المباحث الكبرى في تاريخ الفلسفة اذ من خلاله يمكن العبور نحو المباحث الأخرى وفهمها وادراك تفصيلاتها وحيثياتها.
وقد شخص الفيلسوف الالماني عمانؤيل كانط الموضوعات المحورية التي يدور حولها مبحث المعرفة باسئلة ثلاثة أساسية هي:
ماذا عليّ أن أعرف ؟
ماذا يمكنني أن أعرف ؟
ماهي وسائلي للمعرفة ؟
السؤال الأول يتعلق ب
المعرفة التي من الواجب عليَ ان أعرفها …والسؤال الثاني يرتبط بالمعرفة الممكنة بالنسبة لي والمعرفة غير الممكنة …أما السؤال الثالث فيلقي بصيصاً من الحقيقة حول الوسائل والأدوات التي تؤهلنا للحصول على معرفة ما …
المعرفة التي من الواجب عليَ ان أعرفها …والسؤال الثاني يرتبط بالمعرفة الممكنة بالنسبة لي والمعرفة غير الممكنة …أما السؤال الثالث فيلقي بصيصاً من الحقيقة حول الوسائل والأدوات التي تؤهلنا للحصول على معرفة ما …
تتكون المعرفة من مجموعة من البُنى الرمزية التي يكتسبها الانسان أو المجتمع في فترة زمنية ما وهي تتجسد في الطروحات والايديلوجيات والتعليمات والبيانات والمعلومات والنظريات والإرشادات والرؤى والأفكار التي تجد لها وسائل متعددة للتسويق والنشر . ومن الجدير بالذكر ان التلفاز الذي تبث من خلاله القنوات الفضائية - في العصر الحالي- افكارها تحول من أداة معرفية بسيطة إلى آلة ضخمة كبرى تقوم بصنع الافكار وتشكيل المعتقدات وتوجيه الرؤى عبر أساليب معينة تتبناها هذه المحطات الفضائية من اجل الترويج لاخبارها والتسويق لبرامجها ونشر الافكار التي كانت تقف وراء تأسيس هذه المحطة الفضائية او تلك ، فمما لاشك فيه انه من السذاجة بمكان الاعتقاد ان الهدف التجاري يشكل الغاية الرئيسية وراء تأسيس كل القنوات الفضائية وذلك لأن هنالك اهدافاً أيديولوجية كبرى تقف وراء ولادة الكثير من هذه القنوات ولعل في مقدمتها قناة الجزيرة والعربية والحرة التي تسعى كل منهما الى انتاج وتسويق وترويج افكار معينة في عصر اصبح يطلق عليه عصر المعرفة الغزيرة والمعلومات المتدفقة والذي دفع الكثير من الباحثيين الى القول بان الحروب والصراعات المستقبلية سوف تكون مشتملة على عملية انتاج المعرفة والسيطرة على مصادرها مثلما يتم السعي الان الى الحصول على مصادر الطاقة ومواردها .
ولاريب ان قناة العربية تحاول لا ان تسوق افكار معينة للمشاهد العربي فحسب بل انها تسعى الى انتاج معرفة يمكن ان توثر على هذا المشاهد وهي تعزف على وتر حاجة المشاهد العربي الى المعلومة والمعرفة في عالم تختلط فيه الاحداث كما اشرت اعلاه ولكني اعتقد جازماً أن المشاهد العربي لايرغب بصورة جوهرية بالمعرفة الكثيرة لأن هذا الامر أصبح من السهولة الحصول عليه خصوصاً بعد تعدد وتنوع مصادر المعرفة والاخبار والمعلومات والتي يمكن ان تاتي للمشاهد والمواطن العربي عبر الصحف او الفضائيات او الانترنيت او حتى عبر تلفونه النقال الذي تتوفر خدمة لدى بعض الفضائيات يتم خلالها ارسال الاخبار والمعلومات له عبر هذا التلفون , وهذا يعني ان كثرة المعلومات ليست بذات أهمية بل ربما تكون مشكلة تؤدي الى تشويش الذهن وتضبيب الرؤية وتشتيت الافكار وارباك العقل ولهذا فالمواطن والقارئ لايرغب ان يعرف اكثر بل يرغب ان يفهم اكثر ويدرك حقيقة ماحدث وماجرى خصوصاً وان المعرفة الانسانية لاتتكون من مجرد الحصول والتجميع الالي الساذج للمعلومات والاخبار وانما تتم عبر اليات ذهنية وعمليات عقلية كبرى تجري داخل الدهاليز السرية التي يحتضنها الانسان في داخل عقله .
وفي هذا السياق يقول الباحث فرنك هربرت ان بداية المعرفة تكمن في اكتشاف شيئا ما نحن لانفهمه وهي كلمة دقيقة تعبر عن مضمون حيوي يربط عملية المعرفة بفعل الفهم واكتناه مايجري خلف الظواهر فالسعي للحصول على معلومات واخبار تجعلني اكثر قرباً من الفهم الحقيقي هي الهدف الهام لا مجرد تلقي معلومات كثيرة واخبار متعددة ربما قد تشوش تفكير المشاهد كما يقود الى ذلك شعار قناة ” العربية ان تعرف اكثر ” سواء عرفت ام لم تعرف بذلك هذه القناة ، بل ان الامر ربما يكون اكبر من ذلك اذا ان المهم بالنسبة لمجتمعنا العربي ان يخرج من وباء الاستهلاك بابعاده المتعددة السياسية والاقتصادية وحتى المعرفية , لينتقل لى حالة جديدة منتجة ووضعية مثمرة خلّاقة تتجسد في عملية صنع وأنتاج المعرفة وفقاً لظروفه التاريخية المحددة وأنسجاماً مع قيمه ومعتقداته وفي ذلك يقول المختصون كما يؤكد الباحث السيد عبد السلام بوشوارب ” إن الذي يميز مجتمع المعرفة ليس هو الحصول على المعلومات أو إمكان إستخدامها و تسخيرها لتحقيق أهداف معينة و محددة رغم أهمية هذه الوظيفة، و إنما الذي يميز ذلك المجتمع و يحدد قدرته على البقاء و الصمود والتقدم و المنافسة هو ( إنتاج ) هذه المعرفة “.
ومن وجهة نظري الشخصية يجب أن نميز بصورة قاطعة وحاسمة بين اربعة عمليات في عملية المعرفة…
أنتاج المعرفة : وهي وظيفة مهمة تحتاج لابداع وخلق
تسويق المعرفة : وهي عملية ترويج وأعلان عن هذه السلعة الرمزية
توظيف المعرفة : هنا نقوم باستخدام واستغلال المعرفة وفقاً لاهداف معينة
أستهلاك المعرفة :وهي اجراء يتم من خلالة استقبال المعرفة والاخذ بها وتلقيها بصورة سلبية او ايجابية.
ان ما نحتاجه _ فعلاً _ في عصرنا الحالي بصورة عامة هو ان تكون لدينا القدرة على أنتاج المعرفة وتشكيل رؤى جديدة تعيد صياغة الكثير من النظريات العقيمة التي تبنتها العقول تحت وطأة الأستهلاك التقليدي غير المثمر الذي وجد له منفذ في اسواقنا الثقافية والمعرفية بعد ذبول وتصدع الأفكار الأصولية المتشد
دة سواء كانت قومية او دينية من جهة وعدم مواءمة الافكار الغربية اليسارية لمجتمعاتنا من جهة أخرى , اما بصورة خاصة وفيما يتعلق بقناة العربية فانما مايحتاجه المشاهد العربي منها _ وفي خضم مايجري من احداث وخلط للاوراق _ هو ان تجعل هذا المشاهد يفهم ويدرك الذي يجري في مجتمعنا العربي او العالمي متجاوزة الدفق الاعلامي الكثيف الذي يؤثر سلباً على المتلقي العربي الذي يتوق الى كشف مزيداً من الحقائق الغائبة عنه في هذا العالم .
دة سواء كانت قومية او دينية من جهة وعدم مواءمة الافكار الغربية اليسارية لمجتمعاتنا من جهة أخرى , اما بصورة خاصة وفيما يتعلق بقناة العربية فانما مايحتاجه المشاهد العربي منها _ وفي خضم مايجري من احداث وخلط للاوراق _ هو ان تجعل هذا المشاهد يفهم ويدرك الذي يجري في مجتمعنا العربي او العالمي متجاوزة الدفق الاعلامي الكثيف الذي يؤثر سلباً على المتلقي العربي الذي يتوق الى كشف مزيداً من الحقائق الغائبة عنه في هذا العالم .
مهند حبيب السماوي