كل الإحترام والتقدير للدكتور غازي الفايز، خاصة بسبب نيته الحسنة وهو يتدخل لدعوة صحفي كويتي إسمه فؤاد الهاشم لزيارة الأردن.
الرجل تصرف بطيبة أصله، ومحبته للأردن، ورغبته في احتواء حقد الهاشم، فبادر لإجراء الإتصالات اللازمة مع رئيس الديوان الملكي، ومع المخابرات العامة، كي يسهل زيارة الهاشم للأردن، وسفره معه على ذات الطائرة التي أقلته في طريق عودته لأرض الوطن. وهذا ما كان، وفقا للهاشم نفسه، الذي يقول في مقال له نشره في صحيفة “الوطن” الكويتية في السابع من الشهر الجاري “بدأت الحكاية بدعوة على العشاء وجهها لي الصديق العزيز والنائب (الكويتي) السابق مبارك الخرينج على شرف نائب رئيس مجلس النواب الأردني السابق غازي الفايز، وذلك في مطعم مغربي جميل في شارع البدع (إحدى مناطق الكويت)، وانتهى العشاء بتناول القهوة في مكتب معالي الدكتور باسم عوض الله رئيس الديوان الملكي الأردني بعد ذلك بثلاثة أيام”.
الهدف من هذا السرد هو إظهار أهمية استثنائية للكاتب نفسه، لم يحلم يوما بما هو دونها بكثير في بلده الكويت.
نكرر خالص تقديرنا للدكتور الفايز، وبطبيعة الحال للدكتور عوض الله، ونواياهما الحسنة والمخلصة..ولكن هل يستحق الهاشم كل هذا الإحترام والإهتمام الإستثنائي، وهل كانت دعوته لزيارة الأردن عملا جيدا مثمرا..؟
لا أريد ادعاء الحكمة بأثر رجعي، ولكن النتيجة التي أسفرت عنها هذه الزيارة تجيب على السؤال دون حاجة لأي اجتهاد. وهي نتيجة مفترض أن تكون متوقعة من كل من عرف الهاشم. وقد كان بالإمكان وضع حسن النية جانبا، والإستفسار عن هذه الشخصية عجيبة التكوين والتركيب، نظرا لما تتمتع به من استعراضية استثنائية، ممن عرفوه وخبروه خلال سنوات عملهم الطويلة في الكويت، حتى لا نسمح له بالتطاول على الأردن في كليته، عاملا على التقليل من شأن بلدنا، بزعمه أنه تعامل مع الدولة الأردنية ندا لها..!
يقول الهاشم في مقال بتاريخ الثامن من الشهر الجاري..”نقلت لكل المسؤولين الأردنيين ـ وحتى بعض الزملاء الصحافيين ـ عدم تقبل الكويتيين لجملة يا جماعة لا تفهمونا غلط، وهي الجملة التي اعتاد الأردن بأسره على ترديدها كلما تساءل أهل الكويت عن سبب موقفهم السياسي المريب عندما وقعت الكارثة (يقصد دخول القوات العراقية للكويت سنة 1990)”.
الجملة السابقة لهذه الفقرة في ذات المقال المنشور في “الوطن” بذات التاريخ يقول فيها الهاشم إنه قال لـ “معالي السيد أمجد بيك العضايلة مدير دائرة الإعلام في الديوان الملكي”..حين تحدث عن “ضرورة طي صفحة الماضي”..”الغفران مطلوب، لكن عدم النسيان أمر واجب”..!
هل تعاملت الدولة الأردنية مع الهاشم ندا لند..؟
هل تبادر مثل هذا الإحتمال، سواء إن كان هو ما حدث فعلا، أو أن الهاشم سيكتبه من عندياته ـ وما أكثر عندياته وعنترياته التي لا أساس لها ـ مثل هذا الكلام في مقال..هل تبادر ذلك إلى ذهن الدكتور الفايز، أو إلى ذهن الدكتور عوض الله، حين تم ترتيب الدعوة العاجلة لمن لا وزن له في بلده..؟
بالقطع لا.
وبالقطع أن الهاشم لم يفكر في هذا إلا بسبب “الدلال” الزائد الذي يبدو أنه حظي به في عمان..!
بالطبع نحن لا نستطيع لوم مطلق اردني لأنه تعامل مع مطلق ضيف على سجيته الكريمة. ولكن مرة أخرة كان يمكن السؤال والتريث وعدم الإستعجال بدعوة الهاشم، على الأقل لما بعد قراءة آخر مقال نشره قبل أن تقله الطائرة إلى عمان، كي يقرر المعنيون بالدعوة كيف يجب التعامل مع هكذا “ضيف”..؟
في السادس من الشهر الجاري، أي في اليوم السابق لوصول الهاشم لعمان، نشر في “الوطن” مقالا بعنوان “نعم بيتنا من زجاج!!”، تختلف لغته ولهجته بشدة عن المقالات التي كتبها من عمان، بعد أن تنعم بالدلال والكرم الأردني..
الهاشم، وبعد أن أورد نص تصريح للفايز اعتبره “غاية في المنطقية والعقل، وكل حرف ورد فيه صحيح مائة بالمائة لتبقى نقطة تسجل لصالحه ولصالح بلاده وبرلمانه”، جاء فيه “تأبين صدام حسين من قبل عدد من نواب البرلمان الأردني حدث مثله في تأبين الإرهابي عماد مغنية ومن بعض نواب البرلمان الكويتي أيضا!!”، قال، وبالحرف الواحد في مقاله المشار “إننا هاجمنا ذلك التأبين الذي حدث لصدام حسين هجوما قاسيا، ولم نترك شبرا داخل دهاليز السياسة الأردنية الحكومية والشعبية إلا وطالها هجومنا (ردحنا) هذا، ومع ذلك لم يرفع علينا أي كان من الأردن منجل الصفاقة ولا معول المحاكم، ولم يتقدم أحد بقضية ضدنا أمام المحاكم الكويتية أو الأردنية”، ليشير بعد ذلك إلى أن الذين اقاموا تأبينا في الكويت للشهيد عماد مغنية، الذي تتهمه الكويت بالوقوف وراء حادث اختطاف طائرة الجابرية الكويتية في ثمانينيات القرن الماضي، واصفا الشهيد مغنية بـ “الإرهابي المقبور والخالد في نار جهنم وبئس المصير”، قاموا “برفع أكثر من 500 قضية ضد المئات من أبناء الشعب الكويتي من صحافيين ومحطات تلفزيونية ونواب ورجال قضاء واقف (محامون) وغيرهم، ولم يبق إلا أن يرفعوا قضايا ضد كل “تايرات” (عجلات) سيارات الشرطة التي حاصرت مقر التأبين حين ارتكبوا فعلتهم المخجلة
تلك”.
تلك”.
ويكرر الهاشم هنا “نقول للسيد الفايز كلامك عدل، ومعك الحق، كل الحق. وقبل أن نرمي الآخرين بالحجارة، علينا أن ننتبه لبيوتنا..الزجاجية!!”.
ماذا يعني هذا القول..؟
إنه يعني ما يلي:
أولا: أن الهاشم قدم لنا في الأردن جرعة نفاق مسبق ليضمن أن تتم الزيارة، وعلينا أن نتساءل عن أسباب اهتمامه بزيارة الأردن..؟!
ثانيا: أن المجتمع الكويتي غير موحد في مواقفه إزاء من يعتبرهم بعض الكويتيين أعداء للكويت.
ثالثا: أن الهاشم كاتب غير مقبول، حتى لا نقول غير محترم من قبل قطاعات كبيرة وواسعة من الكويتيين، بدليل أنه يقول إن أكثر من خمسمائة قضية رفعت عليه وعلى أمثاله من الذين أقاموا حفل تأبين للشهيد عماد مغنية في الكويت.
رابعا: أنه ما كان مطلوبا من الأردن أن يتعامل مع الهاشم باعتباره ممثلا للشعب والدولة في الكويت، خاصة وأنه لم يقدم لنا كتاب اعتماد بهذا الخصوص، بل إن المعتمد سفيرا للكويت لدينا هو الشيخ المحترم فيصل الحمود الصباح، الذي يبذل كل ما يستطيعه من أجل تحسين علاقة بلاده بالأردن، بالرغم من مقالات تافهة نشرها الهاشم ضده في الكويت لهذا السبب..خص نص، ليعود وينافق له في أحد مقالاته التي كتبها من عمان..!
خامسا: أن مقالات الهاشم، والهاشم نفسه لا وزن ولا تأثير لهم في الكويت، وعلى قراراتها..ومن يعرف الهاشم، وكتبت عليه الغربة مزاملته، يعرف كيف حصل على مقاله اليومي في صحيفة “الوطن، عبر التزلف لرئيس مجلس ادارتها السابق داود مساعد الصالح، وبالضد من تقييم رئيس تحريرها السابق، طيب الذكر والسيرة والأخلاق والمعشر والأصل، المرحوم محد جاسم المطوع.
والذين لا يحترمون الهاشم في الكويت ينطلقون في تقييمهم له، ليس فقط من عوامل وأسباب مهنية، إنما يتجاوزون ذلك إلى أسباب أخلاقية ومسلكية، قد نكون في وارد تفصيلها لاحقا، مستشهدين بالـ “عواطف”، وبالكيفية التي طرد بها من منزل أحد الأردنيين في اميركا حين سمعه يسيئ للأردن عبر اتصال هاتفي وهو نزيل بيته أثناء “الغزو”..!!!!!
كيف، وبم نافق الهاشم للسفير الكويتي من عمان..؟
قال فض فوه في مقال له بتاريخ الثامن من الشهر الجاري “استطاع السفير الكويتي في الأردن الشيخ فيصل الحمود الصباح أن يشق هذا المجتمع (الأردني) طولا وعرضا وعلى كافة المستويات الإعلامية والسياسية والإجتماعية بعد أن مسح اطنانا من الأفكار المهترئة التي استقرت في وجدان المثقف وبياع الفول والفلافل في كل محافظات الأردن في وقت واحد!”.
هل يوافق سعادة السفير ـ الذي يكن له الأردن كل الإحترام ـ على أن مهمته لدينا تتلخص بأن “يشق المجتمع” الأردني..؟!
أشك كثيرا في ذلك..بل أنا واثق من عدم صحته، ليس فقط لأننا نعرف الجهود الخيرة للسفير، وإنما كذلك لأننا نعرف العقلية الحكيمة لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، الذي تربع أكثر من ربع قرن على كرسي عمادة الدبلوماسية العربية.
لكن الذي يريد شق المجتمع الأردني هو فؤاد الهاشم نفسه، ولنقرأ فقرات من حقده الدفين الذي أصبح يسعى للتعبير عنه بأساليب غير مباشرة، بعد أن تطلبت مصالحه التوقف ولو مؤقتا عن الأساليب المباشرة، لعله يحظى مثل غيره ممن شتموا الأردن، دون أن يحظوا يوما بأدنى احترام من قبل الشعب الكويتي الشقيق، بأراض استثمارية من أملاك الدولة الأردنية..!!!!!!!
أولا: يقول فض فوه في مقال له بعنوان “الأردنيون والمتأردنون!!” ومضطرون هنا لتصويب الخطأ اللغوي الفاضح الذي وقع فيه، لنقول له بوجوب الجر والقول “والمتأردنين”، “ولأنني لم أزر الأردن فقط، بل شاهدت اردنان..أردن قديم وأردن جديد، التقيت بالأردنيين وتحاشيت المتأردنين!! وللحديث بقية!!”.
ثانيا: يخصص الهاشم فض فوه مقالا كاملا بعد ذلك نشره بتاريخ التاسع من الشهر الجاري يقول فيه “الأردنيون الأقحاح سكان الأردن الأصليين هم سكان البادية والعشائر، يهمهم كثيرا أن يطبق شعار الملك (الأردن أولا) بحذافيره وبكل دقة، لكن الأردني من أصل فلسطيني، أو حامل جواز السفر الأردني، أشبه بزنبرك كرسي هزاز متى ما زاد الضغط الواقع فوق الأرض التي يعيش عليها فإنه لا يهتم كثيرا باحتراقها من عدمه، لأن البديل لديه جاهز على الدوام، وهو النزوح الخامس أو السادس أو العاشر إلى بلد جديد لم يتذوق شعاراته القديمة!!”.
ثالثا: الأدهى والأمر أن الهاشم يبدأ ذات المقال بمحاولة بائسة للإساءة من طرف خفي لجلالة الملك عبد الله الثاني بادعائه أن جلالته كان عارفا مسبقا بالمخطط الأميركي لاحتلال العراق، وتاريخ تنفيذه..!!!
يقول فض فوه “في منتصف اكتوبر من عام 2002 استدعى جلالة الملك عبد الثاني ملك الأردن مجموعة من كبار الشخصيات السياسية والعشائرية والحزبية وقال لهم بالحرف الواحد خلال الربيع القادم سوف تسقط العاصمة العراقية بغداد! ثم أكمل ـ وسط ذهول الحاضرين ـ ولقد طرحت شعار الأردن أولا..اريدكم أن تساعدوني على توصيله لكل أطياف الشعب الأردني. أنا لست والدي الملك الراحل، ولا أريد تكرار ما حدث في الشارع عام 1990 حين قام
العراق بغزو الكويت. انقلوا هذا الشعار إلى كل الناس..الأردن أولا ولا شيئ قبله، وإلا فإنني على استعداد لارتداء ملابسي العسكرية ـ وفي شوق إليها ـ والتعامل بحزم مع هذا الموضوع”.
العراق بغزو الكويت. انقلوا هذا الشعار إلى كل الناس..الأردن أولا ولا شيئ قبله، وإلا فإنني على استعداد لارتداء ملابسي العسكرية ـ وفي شوق إليها ـ والتعامل بحزم مع هذا الموضوع”.
ويواصل الهاشم قائلا “انطلق هؤلاء الحضور وكان عددهم ثلاثين شخصية شكلت كل أطياف المجتمع الأردني، من البادية والحضر والفلسطينيين ووصلت الرسالة إلى هؤلاء جميعا”.
الهاشم بكلامه هذا، يكذب نفسه بنفسه في ادعائه بذات المقال عدم حرص قطاعات من الأردنيين على أمن الأردن، وعلى نحو يدعو للتساؤل عن سبب كذبه الصريح هذا..؟!
لكن الأهم هو السم الزعاف الذي طفح به مقاله..؟
هل كان الملك عبد الله الثاني عارفا مسبقا بمخطط جورج بوش الهادف لاحتلال العراق..؟!
ما يعرفه الأردنيون، والموقف الرسمي الأردني المعلن كان شديد الوضوح في رفضه شن هجوم عسكري اميركي على العراق، تماما كما كان ضد احتلال العراق للكويت، ومع حل عربي للأزمة التي نتجت عن ذلك.
وهل يعقل أن يقول الملك عبد الله الثاني “أنا لست والدي” بالمعنى السيئ الذي قصده الهاشم، وهو (الملك) الذي تحدث صراحة في مقابلته الأخيرة مع وكالة الأنباء الأردنية قبيل وصول الهاشم لعمان، والتي كانت الصحف الأردنية تحفل خلال أيام وجوده في عاصمتنا بردود الفعل عليها، عمن يعملون على تصويره للناس بأنه يعمل على التخلص من الرجال الذين عملوا مع والده، ليؤكد أن رجال والده الملك الراحل هم أنفسهم رجال عهده، وأن إسم والده الراحل يطلق ضمن مخطط معد على أكبر عدد ممكن من المشاريع التنموية في الأردن..؟!
وهل يعقل يا فض فوك أن يهدد الملك باللجوء إلى اللباس العسكري ليواجه شعبه..؟!!
بئس الضيف أنت، وبئست الزيارة التي رتبت لك..!!!
وبعد، فقد طرح الهاشم في مقاله بتاريخ الثامن من الشهر الجاري سؤالا مهما، على اعتبار أنه لا يعرف الجواب..!
“حسنا فهمناكم غلط، فلماذا لا تفهموننا ما هو الصح”..؟
الصح يا لست بصاح هو أن الأردن كان مع الحل العربي للأزمة. وحين تطور الحل غير العربي إلى احتلال العراق، ها هو العالم كله يتابع تفاصيل ومفردات الكارثة التي حلت بكل الإقليم. لقد أثبتت الأيام أن الملك حسين كان الأكثر وعيا لعقابيل التدخل الأجنبي.
والصح أيضا يا من لا تريد أن تصحو على الحقيقة هو أن عراق الإحتلال أكثر خطرا على الكويت بما لا يقارن بخطر صدام حسين.
صدام حسين جاءت القوات الأميركية وأخرجته لأنه شكل تهديدا لمصالح بلادها، فمن يخرج مستقبلا قوات حلفاء الأميركان من الكويت، لا سمح الله..؟!
والصح أيضا وأيضا أن الأردنيين الذين عاشوا في الكويت، على تعدد اصولهم ومنابتهم، لم يديروا ظهورهم للكويت والكويتيين. ونحن شعب لم نتعود تمنين أحد بما قدمنا، لكنني أحيلك فقط إلى ما قاله أبو فهد، الناطق الرسمي باسم المقاومة الكويتية “حماك” في مقابلة نشرتها معه جريدة “الفجر الجديد” التي صدرت بعد انسحاب القوات العراقية من الكويت، وتشرفت أنا بتأسيسها، وإدارة تحريرها بمعية أستاذي يوسف العليان..لقد تحدث أبو فهد عن دور الأردنيين على تعدد منابتهم في المقاومة الكويتية للإحتلال.
هل قرأت تلك المقابلة التي نشرت في ثمان حلقات..؟!أم أنك قد تعمل على تبرير تجاهلك للحقائق بالقول أنك لم تكن قد عدت بعد للكويت، من بلاد النزوح..؟!
لقد أصبح الشيب يغطي كل رأسك يا فؤاد، فتب عما أنت سادر فيه، عل الناس، أو لنقل الجيل الجديد على الأقل، ينسو من أنت، ويتذكروا فقط رجولة مطلوب أن تصبح عليها..!