بقلم : سعيد الشيخ
الاهتراء السياسي في الوضع الفلسطيني بدأ على ما يبدو يزحف ليطول حال الثقافة الفلسطينية… وعندما تصاب الثقافة جامعة الابداع والفكر فأن عسرا مجتمعيا حاصل لا محالة يتخبط مع حاله او مع عدم لا يؤدي الى سبيل سوى الهاوية العميقة..
وكان المشهد الثقافي الفلسطيني المجرّح كما هو كل الحال الفلسطيني لا ينقصه الا ذلك التراشق الاتهامي بين مبدعيْن بارزين أعطيا الرواية الفلسطينية والعربية مساهمات ذات جودة تنبع من حرارة التجربة الانسانية الميدانية التي عايشها الكاتبان في ظلال مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الثقافية والاعلامية وحتى النقابية. وكان لا يخفى على أحد من المهتمين بالشأن الثقافي الفلسطيني مدى حدة التنافس بين الكاتبين منذ وقت مبكر عندما بدأت المنظمة في بناء مؤسساتها في بيروت. والتنافس حالة صحية طالما يظل في إطارانتاجية تفي بغرض الابداع المعرفي والفكري والجمالي.. هذا مع افتراض ان المتنافسين يعملان في مجال الادب دون اضافة صفات اخرى.
ولكن التراشق الكلامي عبر المطبوعات والمواقع الالكترونية الذي حصل مؤخرا بين الاستاذين يحيى يخلف ورشاد أبو شاور قد تجاوزالتنافس الصحي، ليطير في الفضاء كلام غير ثقافي محمّل بكلام سياسي واتهامات شخصية ومزايدات تعلي من شأن”الأنا” وتسفّه الآخر. وبشكل لا تربح معه السياسة ولا التقافة ولا الذات.. والنتيجة خسارة وطنية تضاف الى كل الخسارات وعلى كل الصعد. وهذا حال لا يسعدنا، نرقب المشهد بمرارة وتأسف نحن الذين نمونا خارج المؤسسات، وأبدعنا خارج مساحات التسييج والاطار الفصائلي تحت فضاءات الانتماء الوطني المنغرس في دواخلنا حيث تفاصيل مخيمات شعبنا هي هدْينا الوطني والانساني دون ان نهفو الى ذهب الوظيفة..
نصوصنا هي الذهب اللمّاع في يقظة الضمير. . نحملها ونطير بها الى أقاصي المنافي بعيدا عن التكريس المؤسساتي وبعدما نكتشف ان سياج السلطة الوطنية للتلاقي مع الوطن أعلى من سياج الاحتلال!
كأنه الحصار ، أو هو الحصار بعينه الذي يأتي بالاختناق حيث تخبط الروح قبل ان يذوي البدن، هو هذا الخلاف الذي يرافقه تعرية صاخبة بين علمين من اعلام الثقافة الفلسطينية. واذا كان من جثة في نهاية المطاف فستكون جثة الثقافة الفلسطينية التي بدأت سموم التناحر بدل التنافس تتمدد في جسدها، والطفيليات من أشباه الكتاب تنتعش وترتفع برقابها من خلال التعقيبات التي قرأناها في احدى المواقع الالكترونية وهي تغذي هذا التناحر باصطفاف واضحة معالمه الفصائلية. مما يعني انه ضد الثقافة في تكوينها الشامل وضد الوطن في مفهومه الشامل.
كان على الثقافة ان تلعب دوها الاصلاحي في توجيه الانحراف السياسي.. أما ان تتدخل السياسة وتحرف مسار الثقافة نحو حضيض المساومات على الوطن من اجل امتيازات ذاتية وآنية… فهذا هو الخراب الخالص. وهي المحنة التي على المثقف الفلسطيني ان يتخطاها.
سعيد الشيخ/ كاتب وشاعر فلسطيني