طارق ديلواني
المتتبع لتعاطي إخوان الأردن السياسي مع الشأن الخارجي، يلحظ انتقائية ومزاجية غريبة طارق ديلواني
المتتبع لتعاطي إخوان الأردن السياسي مع الشأن الخارجي، يلحظ انتقائية ومزاجية غريبة، لا يفترض بتنظيم سياسي عريق، كالجماعة، أن يتورط فيها. فلم نلحظ حتى الآن أي رد فعل من الإخوان على المجزرة الرهيبة التي ارتكبت في سجن صيدنايا بسوريا ضد مجموعة من المعتقلين الإسلاميين.
ولسنا هنا بصدد الحديث عن هذه المجزرة، فالأنظمة الشمولية القمعية، لا تجد وسيلة للتعامل مع الآخر، إلا بلغة القوة والنفي، لكن المستغرب صمت إخوان الأردن، الذين يحتفظون بعلاقات طيبة مع النظام السوري عن هذه لمجزرة.
وكل ما صدر عن إخوان الأردن في هذا الشأن مجرد نفي غريب، لعلمهم بما حدث، وكأنهم يعيشون في جزر معزولة عن العالم، ففي تقرير لوكالة أنباء قدس برس، ينفي كل من حمزة منصور ورحيل الغرايبة وحتى جميل ابو بكر، وهم من قادة الإخوان وجبهة العمل الإسلامي علمهم بوجود الحادثة من أصلها، في وقت كانت فيه الأنباء تتواتر عن زيادة عدد القتلى والمصابين.
فهل عجز “الصقوري” حتى العظم والمراقب العام للجماعة الدكتور همام سعيد عن إصدار، ولو بيان إدانة لما حصل لإخوانه هناك، بدل الإغراق في التعاطي مع الشأن الداخلي على نحو ملفت ،وتناسي الشأن الخارجي في محاولة لدرء شبهة، طالما رددها خصوم الإخوان في الأردن، وهي أن الجماعة لا تحمل الهم الوطني ولا تلتفت له.
الجماعة اليوم في مرحلة مراجعة داخلية، ويبدو أن أحد أهم تجلياتها، كما أسلفنا، الالتفات أكثر للشأن الداخلي ومحاولة نفي التهم عن نفسها، خاصة بعد عدة حوادث لم تتعاط الجماعة معها بحكمة وموضوعية، وأججت رد فعل الشارع ضدها، من قبيل قصة إنزال العلم الأردني من مقر الجماعة، وقضية زيادة رواتب النواب الأردنيين، بمن فيهم النواب الإسلاميين، وسط موجة احتقان شعبي داخلي من غلاء الأسعار.
تركيبة الإخوان الداخلية اليوم قد تفسر هذا الصمت تجاه ما حدث، فلعل الحلف الوثيق بين صقور الإخوان وحركة حماس، الحليفة لدمشق أعطى للجماعة مبررا للسكوت والتغاضي عما حدث ويحدث.
فحماس، ومن قبلها الإخوان، يرون أن دمشق تمر بظروف سياسية دقيقة وحساسة، تتطلب عدم تعميق الجرح أكثر، بل مساندتها والوقوف إلى جانبها، باعتبارها جبهة الممانعة العربية الأخيرة في المنطقة أو هكذا يعتقدون.
العلاقة بين إخوان الأردن ودمشق مثيرة للجدل فعلا، ولطالما كانت سببا في توتر العلاقة مع إخوان سوريا، غير الراضين عن هذا الحب من طرف واحد.
فإخوان سوريا يرون أن دمشق نجحت في اختطاف إخوان الأردن وحركة حماس، حتى وصلت العلاقة بينهما إلى درجة الذوبان والانصهار في النظام السوري، إلى حد مشاركة كثير من القيادات الإسلامية الأردنية في مؤتمرات وفعاليات حزبية بعثية على مدار سنوات.
في المشهد السياسي الأردني، ثمة تحريض واضح ضد الإخوان.. وآخر عناوين هذا التحريض، الارتهان للخارج، والمقصود هنا بالطبع دمشق وطهران.
على إخوان الأردن، أن يسموا الأسماء بمسمياتها، وأن يفوتوا الفرصة على كل المتربصين بهم، وأن يكونوا أكثر التصاقا بهموم قواعدهم، التي تنتظر مواقف وتحركات في كل ما يتعلق بالعالم الإسلامي.
أخيرا ..على الجماعة ألا تراهن كثيرا على دمشق، التي تعتمد اليوم شعار “ليس هنالك عدو دائم أو صديق دائم ..هنالك مصلحة دائمة”.