لايجادل أحد في أن حرية التعبير والصحافة حق أساسي من حقوق الإنسان، ولنا أن نعتز اليوم بما حققناه من توسيع لفضاءات التعبير وتنويعها، وبما وفرناه من ضمانات وحوافز للصحافيين حتى يثروا المشهد الإعلامي الوطني في كنف الحرية والشعور بالمسؤولية والالتزام بأخلاقيات المهنة، ولايخفى على أحد ما بذلته الشغيلة الصحفية من مجهود جبار في سبيل تثبيت دعائم الديمقراطية والتعددية، وتعميق روح الحوار والوفاق، إيمانا منها بمبدأ حرية التعبير كجزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان، ومن قناعتها بأن حرية التعبير والإعلام يجب أن تكون واقعا ملموسا وبعدا واضحا من أبعاد المشهد الوطني للحياة العامة، وأمرا ثابتا في البناء الديمقراطي.
والمتعارف عليه في كل بلدان المعمور أن الصحافة سلطة رابعة تمارس رسالتها بحرية مسؤولة في خدمة المجتمع، تعبيرا عن مختلف اتجاهات الرأي العام، وإسهاما في تكوينه وتوجيهه من خلال حرية التعبيرالتي تحدثنا عنها في مستهل هذا المقال، وممارسة النقد ونشر الأنباء، وذلك كله في إطار المقومات الأساسية للمجتمع وأحكام الدستور والقانون، بحيث أعطي للصحفي حق الحصول على المعلومات والأخبار المباح نشرها طبقا للقانون من مصادرها، سواء كانت هذه المصادر جهة حكومية أو خاصة، غير أن حرية التعبيرهذه لاتعفي الصحفي من أن يلتزم فيما ينشره بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الدستور، متمسكا فى كل أعماله بمقتضيات الشرف والأمانة والصدق وآداب المهنة وتقاليدها بما يحفظ للمجتمع مُثُله وقيمه، وبما لا ينتهك حقا من حقوق المواطنين أو يمس إحدى حرياتهم .
لكن الذي شدني كثيرا وجعلني أتناول هذا الموضوع هو انتشار ثقافة من نوع جديد يمكن أن نطلق عليها تجاوزا «ثقافةالاستعانة بالمواضيع الساخنة من أجل قضاء الأغراض الشخصية» وكذلك ماعرفته الساحة الصحافية مؤخرا من اختلاط الحابل بالنابل، وما أصبحت تعج به من أشباه الصحافيين، مما يوضح أن هؤلاء المحسوبين على الميدان ظلما وعدوانا، والذين يحسبون من هوات الكتابة عن الملك بشكل نقدي يصل إلى حد الاستفزاز، استغلوا الظرف وركبوا على المكاسب التي حققها الصحفيون الشرفاء بنضالهم، وشرعوا في تلويث الجو الصحفي ببلادنا، شاهرين سيوف الشر في كل الاتجاهات .. ناشرين التعابير البديئة والحاطة من الكرامة، غير ملتزمين بأخلاقيات المهنة، صابين جام غضبهم على كل من يخالفهم الرأي، أولايسايرهم في نظرياتهم، وقد ذهب بعضهم إلى الهجوم المباشر على ملك البلاد، غير مبالين بما جاء في الفصل التاسع عشر من دستور المغرب الذي ينص على أن الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات، ولا بما جاء أيضا في الفصل الثالث والعشرون من نفس الدستور والذي ينبه إلى أن شخص الملك مقدس لاتنتهك حرمته.
وفي هذا الصدد وحتى لاأطيل استدل بواقعتين، أولاهما صدرت بتوقيع محمد الراجي، ونشرت بجريدة هسبريس الالكترونية يوم 07 يوليوز من السنة الجارية تحت عنوان الملك لا يعانق بالمجان، وفي هذا المقال – التافه – حقا يلاحظ مدى تحامل الكاتب على شخص الملك، وكيف ضرب عرض الحائط بكل ما جاء في الفصل الثالث والعشرون المشار إليه أعلاه، وعلى من أراد أن يقف على حقيقة هذا التحامل أن يرجع إلى صفحات هسبريس.
أما الثانية فهي طبعا بتوقيع مصطفى حيران الذي تُشتم من كتاباته دوما رائحة العداء لرائدي البلاد، سواء السابق أوالحالي، والمثل هنا واضح وضوح الشمس، بحيث ذهب إلى إجراء حوار – نشر على صفحات جريدة هسبريس الالكترونية هو الآخر يوم 08/ 07/2008 مع أحد الصحافيين الأجانب الاسباني( بيدرو كناليس) الذي يكن للمغرب ولحكامه، وكذا شعبه حقدا دفينا، ودون حياء ولا احترام لمشاعر المواطنين المغاربة الذين يكنون لملكهم حبا كبيرا، والذين يعبرون عن ذلك بتشبثهم بأهذاب العرش العلوي المجيد، محافظين على روابط البيعة التي وجدوها في أعناق آبائهم الأولين، منفذين ماجاء في الحديث الطويل لعبد اللـه بن عمرو بن العاص رضي اللـه عنهما، الذي قال فيه: ” … فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو مؤمن باللـه واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليعطه إن استطاع، فان جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر” ولكن السيد حيران ركب رأسه وأعطى لقلمه حق النبش في مقال كان قد نشره كناليس في الموقع الالكتروني امبرسيال، تناول فيه عدة أشياء تخص جلالة الملك محمد السادس، ودون أدنى مبالاة ساعده (كاتبنا المغربي) على التطاول على الأمور الداخلية للشعب المغربي، وهذه تعد مساهمة في التطاول على ملك البلاد، وهي في حد ذاتها جريمة واعتداء على حقوق الإنسان، ومحاولة الإيقاع بين الملك والشعب الذي يحب ملكه حبا لامثيل له رغم أنف الكائدين.
وأنا أتابع بقدر كبير من الأسى والأسف، وجدتني مضطرا لطرح السؤال التالي، ماالعمل أمام هذه الظاهرة المرضية المؤسفة المتمثلة في هواية الكتاب تناول مواضيع القصر والهجوم عليه، فلم أجد ملاذا سوى إعمال القانون بكل صرامة، وعقاب أولائك المرضى الذين لايحلوا لهم إلا اتخاذ شخص الملك كمواضيع يعرضون بها عضلاتهم على القراء، عبرة لهم ولمن يدور في فلكهم، وتصحيحا للمسار ونشر قيم المواطنة، رغم أن في هذا طريقا شاقا وطويلا، لكن علينا جميعا مسؤولية تاريخية للجم أفواه الحاقدين الواضعين العصا في العجلة، وكسر الأقلام التي لايسيل حبرها إلا لتلطيخ سمعة المغرب، وزعزعة أمن واسقرار البلاد، وبث الشك في نفوس المواطنين، وشغل بالهم بالشائعات .. ثم يبرز كذلك التساؤل التالي الذي مفاده : ماذا كان سيحدث لو تجرأ مثلا مصطفى حيران أو غيره من الصحافيين المغاربة على ملك اسبانيا موجها له انتقادات جارحة أو أي شيء من هذا القبيل، هل سيجد في ساحتهم من يتعاون معه، كما فعل هو وحاور كناليس وعمم فائدة مقاله، هذا من حهة، أما من جهة أخرى هل ستسكت السلطات الاسبانية على اهانة ملكهم .. هل و هل..؟ ولعلنا لازلنا نتذكر جميعا الحكم الذي صدر في حق إدريس شحتان مدير أسبوعية المشعل والقاضي بسنة واحدة سجنا موقوفة التنفيذ وغرامة مالية قدرها 100 ألف درهم، بتهمة المس بشخص رئيس دولة أجنبية.
وفي هذه الحالة، أو ليس من واجب جمعيات المجتمع المدني المغربي، وكل القوى التي تمثل المغاربة أن ترفع دعوى قضائية ضد الصحافي الاسباني الذي زرع الرعب في المجتمع المغربي وتوقع للمغرب ولملك المغرب أشياء لاتمت للواقع بصلة .. أوليس من واجبها مطالبة الجهات التي بيدها زمام الأمور معاقبة
(الصحفي) المغربي الذي بإقدامه على إجراء الحوار المسموم سعى إلى قلب المواجع وزرع الخوف والهلع في صفوف المغاربة..؟ والأسئلة كثيرة في هذا المضمار
ملاحظة: دون أدنى شك، قد يقول بعضهم أن محمد زمران ملكي أكثر من الملك، وذلك لما أبديه من غيرة على ملكنا، ولكن لايهمني قولهم في شيء، ما دمت أني أعمل بما يقتضيه الواجب الوطني، والوازع الديني، وما تحتمه علي مهمتي في هذه الحياة، وخير جواب أرد به على من يلاحظ هذه الملاحظة (القافلة تسير وال…..).